في خطوة تؤكد التزام دولة الإمارات بصون التراث الإنساني والمحافظة على الإرث الحضاري للبشرية، أعلنت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو خلال دورتها الـ47 المنعقدة حاليًا في باريس، إدراج موقع "الفاية" الأثري الواقع في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة ضمن قائمة التراث العالمي لعام 2025، ليُضاف هذا الإنجاز التاريخي إلى سجل الإمارات الحافل بالمبادرات الثقافية الرائدة.

ويُعد موقع "الفاية" من أبرز الاكتشافات الأثرية في شبه الجزيرة العربية، حيث يتميز بكونه يحتفظ بأحد أقدم وأطول السجلات المتواصلة لوجود الإنسان في البيئات الصحراوية، وهو ما منحه وصف "قيمة عالمية استثنائية" بحسب معايير منظمة اليونسكو. 
وتشير الدراسات الأثرية إلى أن الموقع يحتوي على آثار تعود إلى أكثر من 200 ألف عام، ما يجعله شاهدًا نادرًا على تطور الحضارات في بيئة قاسية مثل الصحراء. ويعكس هذا الاعتراف الدولي الأهمية التي توليها دولة الإمارات، وخاصة إمارة الشارقة، لحماية مواقعها الأثرية، وتوثيق التاريخ البشري، وتعزيز الهوية الثقافية في وجه تحديات الحداثة والتطور العمراني.

ومع إدراج "الفاية"، يرتفع عدد مواقع التراث العالمي المدرجة من الدول العربية إلى 96 موقعًا موزعة على 18 دولة، من أصل 1226 موقعًا عالميًا تعترف بها اليونسكو، تشمل مواقع ثقافية وطبيعية ومختلطة على امتداد 168 دولة حول العالم. ويؤكد هذا الإنجاز مكانة الإمارات كداعم عالمي لحفظ التراث الإنساني، ومركز ثقافي فاعل في المنطقة والعالم.

ويعتبر موقع "الفاية" هذا نموذجًا متكاملًا لما يعرف بـ"المناظر الصحراوية" إذ يمثل قدرة الإنسان على التكيّف وكذلك الاستيطان في الصحارى إذ شكلت، رغم ما تتميز به من قسوة وكذلك ظروف بيئية صعبة محطة محورية في تاريخ تطور الإنسان وهو ما منح إدراج "الفاية" بقائمة التراث العالمي بعدًا علميًا وإنسانيًا فريدًا.

وتحت فئة "مواقع التراث الثقافي" كان ملف الترشيح الدولي " المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية " هذا العام الترشيح العربي الوحيد الذي قد نظرت فيه لجنة التراث العالمي ما يمنح هذا الإدراج أهمية خاصة لدولة الإمارات وكذلك الشارقة والمنطقة العربية بأسرها ويجعل من هذا الحدث لحظة تاريخية فارقة في مسيرة الحفاظ على التراث الإنساني بالمنطقة.

ويأتي إدراج "الفاية" ليعزز من حضور الإمارات على خارطة التراث العالمي، ويدفع بجهودها المستمرة نحو الكشف عن المزيد من المواقع ذات الأهمية الأثرية والحضارية. إنه انتصارٌ جديد للوعي الثقافي وللرؤية المستقبلية التي تجمع بين صيانة الماضي واستشراف المستقبل.