نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السياسة المصرية تجاه ترامب.. اتزان فوق حبل مشدود - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 03:45 مساءً
ايجي سبورت - اتسمت السياسة الخارجية المصرية في التعامل مع شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدرجة عالية من الاتزان والحنكة، مدركة بطبيعة الحال الطابع الشخصي الفريد والمتقلب للرئيس الأمريكي، والذي شكّل تحديًا أمام العديد من الدول في كيفية التعامل معه. لكن نجحت المؤسسات السياسية المصرية، عبر رؤية استراتيجية مدروسة، في صياغة منهج فعال للتفاعل مع الإدارة الأمريكية آنذاك، يستند إلى فهم عميق لنمط شخصية ترامب، وميوله الواضحة نحو التقدير العلني والرغبة في الظهور الإعلامي، وأخيرًا طموحه في تصدر مشهد السلام العالمي، بعد أن داعبة جائزة نوبل للسلام خياله.
عندما صدرت عن الرئيس ترامب تصريحات أو مواقف تتقاطع إيجابًا مع المصالح المصرية، كانت القاهرة سبّاقة في الإشادة بها وإبراز التقدير الرسمي لها، بما يعزز العلاقات الثنائية ويمنح ترامب ما يحب: الاعتراف والدعم العلني.
أما في حال تبني مواقف أو تصريحات سلبية أو متعارضة مع مصالح مصر، مثل خطته في قطاع غزة، وتهجير الفلسطينيين منه، وبناء ريفيرا جديدة في الشرق الأوسط، فقد التزمت الدوائر السياسية المصرية الصمت المدروس، وامتنعت عن الرد العلني، وِفق إدراك دقيق لحساسية ترامب المفرطة تجاه النقد، ما جنب العلاقات الثنائية أي توتر غير محسوب.
لقد شكّلت هذه السياسة نموذجًا في كيفية تحقيق التوازن بين المبادئ والمصالح، وبين الثبات الاستراتيجي والمرونة التكتيكية، بما يخدم أولويات الدولة المصرية ويحافظ على استقرار علاقاتها الدولية، خاصة مع واشنطن، في ظل التحديات الإقليمية المشتعلة.
أثبتت الشهور الماضية منذ حكم الرئيس ترامب فاعلية، "النموذج الهجين" في إدارة المواقف معه. الجمع بين العلنية في الإشادة والتخفي في إدارة الخلافات يحمي المصالح دون استفزاز.
ركزت المؤسسات السياسية المصرية على ركائز محددة في التعامل مع الرئيس الأمريكي، منها البراغماتية العابرة للأيديولوجيات، حيث التركيز على المكاسب الملموسة، كما اعتمدت المرونة التكتيكية دون تفريط في الثوابت، كالأمن المائي والقومي، كأحد أهم الركائز،وأخيرًا كانت تحويل فهم النفسية الفردية للقائد إلى آلية للاحتواء بدل الصدام.
رغم رياح التقلبات الأمريكية، تظل السفينة المصرية تبحر بمبدأ: "لا تصادم العاصفة، بل استخدم اتجاهها لتصوّب شراعك". هذه البراعة قد تُكتب كفصل دراسي في العلاقات الدولية لعقود قادمة.
ستظل فلسفة "الاتزان الحذر" و"البراغماتية الواعية" هي السمة المميزة للدبلوماسية المصرية، مستفيدة من الماضي لصياغة مستقبل يحمي المصالح المصرية الحيوية ويحافظ على العلاقة الاستراتيجية مع واشنطن، حتى في ظل قيادة أمريكية تتحدى الأطر التقليدية للدبلوماسية. التحدي سيكون في تحديث الأدوات مع الحفاظ على الجوهر، وهي معادلة أظهرت المؤسسة السياسية المصرية براعة ملحوظة في حلها.
0 تعليق