نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لغز كاثرين شاكديم الجاسوسة "الثورية" الفاتنة: في قلب سجال اختراق النظام الايراني ومؤسساته - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 05:24 مساءً
ايجي سبورت - قبل نحو خمس سنوات، تصدّر اسم امرأة يهودية تحمل الجنسيتين البريطانية والفرنسية، تُدعى كاثرين بيريز شاكديم، عناوين وسائل الإعلام الإيرانية. زعم البعض أنها تمكنت، من خلال التظاهر بالاهتمام بالإسلام والجمهورية الإسلامية، من إقامة علاقات وثيقة مع مؤسسات وأفراد بارزين وذوي نفوذ في إيران، حيث جمعت معلومات حساسة، مما جعلها، بحسب الادعاءات، تعمل كجاسوسة لصالح إسرائيل.
وادّعى آخرون أنها أقامت علاقات وثيقة، بل جنسيّة، مع بعض الأفراد الذين يشغلون مناصب رسمية لتحقيق أهدافها. وعلى الرغم من نفيها لهذه الاتهامات في حينها، فإن الجدل الإعلامي حولها لم يتوقف.
في الأيام الأخيرة، وبعد الحرب الـ 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، عاد اسم كاثرين شاكديم، البالغة من العمر 43 عاماً، إلى الواجهة مجدداً، حيث أصبح موضوع اختراق الموساد في إيران محور نقاش ساخن، وتحولت الحاجة إلى مكافحة شبكات النفوذ الإسرائيلية في إيران إلى مطلب شعبي.
على سبيل المثال، قال محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق، في مقابلة تلفزيونية: "يجب أن نفهم من أين يأتي هذا النفوذ؟ يجب أن نعرف كيف دخلت كاثرين شاكديم إلى بلادنا؟ لماذا ننسى هذه الأمور؟ يجب أن نكتشف مصدر هذا النفوذ".
كما أطلق مصطفى كواكبيان، النائب السابق في البرلمان الإيراني والأمين العام لحزب الديموقراطية الشعبية، مواقف مثيرة للجدل في برنامج تلفزيوني، مدّعياً بأن شاكديم، خلال زياراتها لإيران، أقامت علاقات جنسيّة مع 120 شخصاً من الأفراد ذوي النفوذ، مما مكّنها من اختراق النظام. وكانت هذه الادّعاءات صادمة لدرجة أن القضاء الإيراني وجّه تهمة لكواكبيان بسبب "ادّعاءاته غير الموثّقة وإثارة الرأي العام".
في مواجهة هذه الاتهامات، أعلنت وكالة أنباء "فارس"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، أن كاثرين شاكديم لم تزر إيران سوى في خمس رحلات قصيرة، بلغ مجموعها 18 يوماً فقط، وأنه لم يتم تسجيل أي وثائق أو تقارير تثبت سلوكاً غير أخلاقي أو علاقات مشبوهة أو أنشطة غير قانونية من جانبها في إيران. وأضافت الوكالة أن الادعاءات الموجهة ضدها تُثار بدوافع سياسية ولتشويه سمعة الخصوم السياسيين.
من جانبها، قالت شاكديم قبل أربع سنوات في مقابلة مع القسم الفارسي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "أنا لست جاسوسة أو عميلة لأي دولة. أنا مجرد محللة سياسية". وردّاً على سؤال عمّا إذا كان مسؤولون إيرانيون قد أقاموا معها علاقات جنسيّة، أجابت: "لا، مطلقاً".
لكن مواقف وسلوكيات كاثرين شاكديم المتضاربة، خاصة مواقفها الأخيرة المناهضة لإيران، أعادت إشعال الجدل حولها، مما دفع معارضيها، الذين يزعمون أنها جاسوسة، إلى الإصرار على صحة موقفهم.
نقطة التحول في الجدل
لعب نادر طالب زاده، مقدم البرامج التلفزيونية الإيرانية الذي كان على صلة وثيقة بالسلطات الإيرانية، دوراً رئيسياً في إبراز اسمها في إيران. كتبت شاكديم خلال العقد الماضي 18 مقالاً لموقع الإمام الخامنئي الإلكتروني، بالإضافة إلى مقالات لوسائل إعلام مقربة من الحكومة الإيرانية، مثل قناة "برس تي في"، كما أجرت في عام 2017 مقابلة مع إبراهيم رئيسي، الذي كان آنذاك مرشحاً للرئاسة، وتم بث هذه المقابلة على التلفزيون الروسي الرسمي.
لكن نقطة التحول في الجدل حول شاكديم كانت نشر مقالات لها في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، مما أثار تساؤلات حول هويتها الحقيقية. في أوائل عام 2022، نشرت قناة "تلغرام" منسوبة إلى أشخاص مقربين من محمود أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني السابق، صورة لكاثرين شاكديم، وادعاء بأنها كشفت في مقال لـ"تايمز أوف إسرائيل" عن اختراقها لإيران. وكان المقال المشار إليه قد نُشر في 25 تشرين الثاني / نوفمبر 2021، حيث اتخذت شاكديم موقفاً مناهضاً لسياسات الجمهورية الإسلامية.
بعد هذا الحدث، حذف موقع "الإمام الخامنئي" المقالات التي نشرتها شاكديم. ولاحقاً، أوضحت أن موقع الإمام الخامنئي تواصل معها لنشر كتاباتها، لكنها لم تتلقَّ أي مقابل مالي، وأكدت أنها لم تزُر مكتب "الإمام الخامنئي" شخصياً. كذلك ادّعت أنها، رغم ولادتها في عائلة يهودية، فإنها لم تسافر إلى إسرائيل أبداً.
ورداً على سؤال عن سبب إصرارها على تقديم نفسها بصورة تتماشى مع اهتمامات الحكومة الإيرانية، قالت إنها أرادت أن ترى من قرب ما إذا كانت إيران تعارض الشعب اليهودي بأكمله أم فقط الحكومة الإسرائيلية. وأضافت: "للأسف، اكتشفت أنهم يعارضون اليهود بشكل عام، وليس فقط الحكومة الإسرائيلية". وهذا الادعاء عزّز الشكوك بشأن احتمال تجسسها، خاصة أن السلطات الإسرائيلية باتت تتهم الجمهورية الإسلامية بمعاداة السامية بشكل متزايد.
وفي مقال كتبته لـ"تايمز أوف إسرائيل"، ادّعت شاكديم أن إيران "تسعى لامتلاك قنبلة نووية"، لكنها أوضحت بأنها لا تملك معلومات سرية عن البرنامج النووي الإيراني، وأن هذا مجرد رأي شخصي عن النظام الإيراني.
وأصبحت مواقف شاكديم ضد الجمهورية الإسلامية أكثر تطرفاً أخيراً. فعلى سبيل المثال، بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، كتبت في مقال لمركز القدس للأمن والشؤون الخارجية أن الجمهورية الإسلامية تبني أمنها ليس على أساس البقاء، بل على أساس الشهادة والدمار. وأضافت أن النظام الإيراني، في حال شعوره بتهديد وجودي، "مستعد لتدمير البنية التحتية الحيوية للبلاد وخلق كارثة إنسانية وبيئية لتوجيه ضربة انتقامية ولإلقاء اللوم على الآخرين".
التظاهر بالثورية
على الرغم من كل هذه الضجة، لا يزال من الصعب القول بشكل قاطع ما إذا كانت شاكديم جاسوسة بالفعل أم لا، وما إذا كانت قد استخدمت علاقات جنسيّة لجمع المعلومات أم لا. لكنّ هناك أمراً واضحاً تماماً هو أنه يمكن في النظام الحكومي الإيراني، من خلال التظاهر بالثورية والإعجاب بالجمهورية الإسلامية، اختراق أفراد ومؤسسات حسّاسة. وهذه المشكلة ليست محصورة بشاكديم، بل ثمة العديد من الأمثلة المشابهة منذ السنوات الأولى للثورة، وهذا الخلل لا يزال قائماً.
0 تعليق