جائزة للقتل المسالم! - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جائزة للقتل المسالم! - ايجي سبورت, اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025 04:11 صباحاً

ايجي سبورت - أي سخرية مُرّة هذه؟ نعم، نتنياهو، المتهم بجرائم حرب، يرشّح ترامب، لنيل جائزة نوبل للسلام... في اللحظة التي لا تزال فيها رائحة البارود تتصاعد من جثث الأطفال في غزة، وطائرات المدد الأميركية لا تتوقف عن دعم الكيان الصهيوني. 

ربما هي لحظة مثالية لـ"نكهة الشرق الأوسط الجديد"، حيث تقام صفقات السلام على أنقاض البيوت، وتُمنح الجوائز لمن يضغط الزناد أولاً ثم يعرض الهدنة على الطاولة المحطّمة.

 

قرابة ثمانية وخمسين ألف شهيد في غزة وحدها دون بقية فلسطين بينهم ثمانية عشر ألف طفل لم يصلوا سن البلوغ، لكنهم بلغوا القبر في توقيت واحد، بدقة قصف الطائرات الذكية. والجائزة؟ تُمنح للرجل الذي فتح النار ثم كتب على حسابه الإلكتروني "سوف نعمل هدنة".

 

ما هذا العالم؟

 

هل السلام أصبح ماركة مسجلة على يد من يشعلون الحروب ثم يُشاد بهم لأنهم أوقفوا رصاصهم عشر دقائق قبل صلاة الجمعة؟ ومنحوا الأهالي قبوراً جماعية حتى لا يحرمونهم من روح الألفة. 

 

هل نوبل فقدت بوصلتها؟ وهل كان لها بوصلة أصلاً؟ أم أن البوصلة الآن تُدار علناً باتجاه البيت الأبيض، حيث يتداولون الجوائز كما يتداولون تغريدات ترامب؟

 

هل كُتب علينا أن نرى القتلة وهم يصنعون من دم الضحايا قلادة تكريم توضع على أعناقهم؟وهل السلام الآن يُقاس بعدد القتلى؟ كلما زادوا، اقتربنا من "جائزة"؟

 

كأنك ترشّح الحطب لنيل جائزة مكافحة الحرائق. كان من الأولى بهذا الشكل أن تُمنح الجائزة وتسمى نوبل لـ"القصف الإنساني"، أو لـ"القتل الرحيم بالصواريخ"، أو لـ"الاحتلال الدامي"، أو لمبتكر عبارة: "نأسف لسقوط ضحايا مدنيين". والخشية أن نجد خطاب اللجنة الدولية إلى نتنياهو يقول شكراً لك لأنك لم تقتل الجميع بعد!

جائزة نوبل، التي وُلدت من رماد الديناميت، تعود اليوم إلى أصلها، لكنها لم تعد تُمنح لصاحب الاختراع، بل لمن يجيد استخدامه بنجاح أمام الكاميرات. الجائزة التي لم يرحمنا صاحبها لا من باروده ولا من نار جائزته.

 

هل مات ألف طفل؟ لا بأس، لدينا بيان جاهز عن "الأسف"، ومؤتمر صحفي عن "التهدئة"، وتوقيع "اتفاق"… ثم صورة بابتسامة واسعة مع الكوفية والشماغ، وبينهما ترامب بـربطة عنق حمراء، يرفع الجائزة كأنه عاد لتوه من مباراة ملاكمة وليس من حلبة دم.

ولأن العالم لم يعد يفرّق بين مهرجان ساخر وجنازة حقيقية، فإن كل شيء بات قابلاً للتصفيق، حتى الموت الجماعي. فلنمنح ترامب الجائزة إذاً. ولنمنح نتنياهو جائزة "أفضل مخرج لحرب معاصرة". أما غزة، فليس لها إلا ترشيح واحد، ترشيح جماعي: لجائزة الصبر التاريخي. فليأخذ ترامب جائزة نوبل، وليأخذ نتنياهو مقعده في الصفوف الأمامية، أما الصغار، فسيحفرون أسماء الشهداء على جدران البيوت المهدّمة، وسيكتبون على أنقاض غزة: هنا مرّ السلام، لكنّه لم يتوقف. وغزة لا تحتاج إلى جائزة، يكفيها شرف أنها لم تفُز، ففي هذا الزمن، الجائزة الحقيقية هي أن لا تكون على قائمة المرشحين! وسلامٌ يُقاس بعدد القتلى ليس سلاماً... بل توقيعٌ مؤقت على جريمة مستمرة.

 

في زمنٍ تُقاس فيه الإنسانية بوزن المصالح، ليُصبح الدم خفيفاً ما لم يُلطِّخ شاشة بث مباشر.
سيمضي مهرجان الترشيح للجائزة حتى منتهاه. لكن من سيوقف هذه النار التي أُشعلت في قلب أم حملت ابنها تسعة أشهر، ثم سلّمته للتراب في تسع دقائق؟ من سيعيد لفتاة صغيرة ساقها التي مزقها القصف؟ من سيشرح لطفلٍ نجا أن ترامب هو «رجل سلام» وأن نتنياهو «صانع تهدئة»؟ من سيكتب شهادة وفاة للعدالة التي لفظت أنفاسها بصمت في مجلس الأمن؟ من يعيد غزة إلى الخريطة، لا كجبهة نار، بل كمدينة تسكنها أرواح؟

 

فقط نريد لضبط معايير الصورة أن تُستبدل الحمامة البيضاء في شعار الجائزة بطائرة درون.
فالعصر تغير، والسلام اليوم يُحلِّق على ارتفاع منخفض ويُقصف بدقة!

 

ليس أمامنا إلا أن نسخر من هذا الألم. إن ما يجري ليس نكتة، بل كارثة على هيئة خبر عاجل. فالسخرية في زمن المجازر ليست ترفاً، بل فضيحة للمنطق!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق