نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عندما تتحوّل السرية والخداع إلى "ملح" سياسات ترامب - ايجي سبورت, اليوم السبت 12 يوليو 2025 04:56 مساءً
ايجي سبورت - ربما يكون آخر تسريب "أمني" أميركي قد حصل في أواخر آذار/مارس الماضي، حين اعترف البيت الأبيض بأن اسم الصحافي الأميركي جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتيك"، سقط سهواً في مجموعة مراسلة سرية على تطبيق "سيغنال"، تضم مسؤولين أميركيين كباراً، بحثوا في توجيه ضربات لحوثيي اليمن، وهي الفضيحة التي دفع مايكل والتز، مستشار الرئيس دونالد ترامب للأمن القومي، ثمنها باهظاً.
هيغسيث شارك خطط الهجوم على الحوثيين في محادثة ثانية عبر "سيغنال"
شارك هيغسيث محادثة على "سيغنال" ضمّت زوجته وشقيقه ومحاميه "إضافة إلى حوالي عشرة أشخاص من دائرته الشخصية والمهنية".
منذ ذلك الحين، ولأول مرة في التاريخ الأميركي، صارت "ثقافة الصمت" هي السائدة في الإدارة الأميركية ووكالاتها الفيدرالية، فلا شيء يدوّن رسمياً كي لا يسرّب... وصارت القاعدة الذهبية: "لا تكتب شيئاً على الورق، كي لا يستخدم ضدك يوماً ما".
وتقول مصادر لصحيفة "واشنطن بوست" إن الاجتماعات باتت تُعقد خلف أبواب مغلقة، فيما يتم التواصل بين الموظفين غالباً عبر تطبيقات مشفّرة مثل "سيغنال"، مع تفعيل ميزة حذف الرسائل تلقائياً.
وتنقل صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض تبريره هذا الأمر بالقول إن هذه السرية التي تحيط بالعمل داخل الإدارة "ضرورية لحماية الأمن القومي"، مستشهداً بأن الغارات الجوية على إيران "نُفذت من دون أي تسريبات إعلامية، ما مكّن الطيارين من إتمام مهمّة شديدة الحساسية بنجاح". ويقتبس هذا المسؤول مراسلة "فوكس نيوز" جينيفر غريفين إذ تقول إنها "لم ترَ مثل هذا المستوى من الأمن العملياتي في البنتاغون منذ 18 عاماً".
سرية مطبقة حتى سماع الدويّ
في 13 حزيران/يونيو المنصرم، وفيما كانت الأنظار مشدودة إلى جولة المفاوضات النووية الجديدة بين واشنطن وطهران، وكان مقرّر عقدها في مسقط، انعقد مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بعدما روّج الإعلام العبري لتخصيصه للبحث في مفاوضات وقف النار بغزة وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى "حماس". وتبيّن لاحقاً أن الاجتماع خصّص لوضع اللمسات الأخيرة للهجوم على إيران، وتزامن مع محاولات حرف الأنظار عمّا يجري بالإيحاء بأن المجال الجوي الإسرائيلي سيُغلق استعداداً لحفل زفاف نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
هذا بالفعل ما بدّد الشكوك حول ما يجري التحضير له، خصوصاً أن ترامب وإدارته كانا شريكين أساسيان في عملية التضليل، بعدما ادّعت تل أبيب إرسال مسؤولين إلى واشنطن قبل جولة المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، وبعدما واصل الإعلام العبري والأجنبي نشر تسريبات عن خلافٍ بين نتنياهو وترامب، ما أسهم في طمأنة طهران من أنّ عملاً عسكرياً إسرائيلياً ضدها سيكون مستبعداً، انطلاقاً من اليقين بأن لا مغامرة إسرائيلية من دون موافقة وغطاء أميركيين. وبذلك، استُبدلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة والمفاوضات النووية بين طهران وواشنطن بعملية "الأسد الصاعد" التي استمرت 12 يوماً. ولم تبدأ الهدنة في غزة، وظلت المفاوضات النووية مجمّدة حتى إشعار آخر.
حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت الضربة الإسرائيلية، استمرّ ترامب بالتضليل المتعمّد موحياً بأن قرار المشاركة في الحرب لم يُتخذ، بينما كانت قاذفات "الشبح" مستعدة تنتظر الأوامر بالانطلاق، لقصف منشآت إيران النووية.
منتقدو "ثقافة الصمت" الأميركية المستجدة يرون في الإفراط في السرية تهديداً للتوازن داخل الدولة، خصوصاً حين يُستخدم الأمن ذريعةً لضبط الولاء السياسي
التحقيق الفيدرالي يفتّش عن "الولاء"
خداع العدوّ ليس جديداً، ومكائد العمل الأمني تدبّر في ليل، منذ "حصان طروادة" الخشبي الضخم المحشو جنوداً الذي مكّن الإغريق من إسقاط طروادة المحصنة، مروراً باستخدام بريطانيا جواسيس مزدوجين وإرسال رسائل مزيفة وإقامة قواعد وهمية في مناطق مختلفة من إنكلترا لخداع ألمانيا النازية في الحرب الثانية وإنجاح إنزال النورماندي في 6 حزيران/يونيو 1944، وانتهاءً بعمليات الموساد في لبنان وإيران، من عملية تفجير أجهزة "البيجر" وتفجير سرير إسماعيل هنية في قلب طهران، حتى قتل العلماء النووين الإيرانيين اغتيالاً من المسافة صفر، وإطلاق المسيرات الإسرائيلية من داخل الأراضي الإيرانية لضرب مقدرات طهران الدفاعية.
إلا أن منتقدي "ثقافة الصمت" الأميركية المستجدة، بحسب "واشنطن بوست"، يرون في الإفراط في السرية، وملاحقة الأصوات المعارضة، تهديداً للتوازن داخل الدولة، "خصوصاً حين يُستخدم الأمن ذريعةً لضبط الولاء السياسي، أكثر منه لحماية البلاد".
ففي سياق مشابه، كشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" عن لجوء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، تحت قيادة مديره كاش باتيل، إلى توسيع استخدام جهاز كشف الكذب داخل المكتب، بإخضاع عدد من كبار المسؤولين لاختبارات غير اعتيادية، شملت توجيه أسئلة بشأن آرائهم الشخصية في باتيل نفسه، من قبيل: "هل انتقدته يوماً في أحاديث خاصة؟".
ومن التضليل إلى الرسائل المشفّرة واستخدام جهاز كشف الكذب، وصولاً إلى امتناع الموظفين عن كتابة أي شيء "قد يُستخدم ضدهم"، ترسم هذه الإجراءات صورة لواشنطن أشد توجّساً من أي وقت مضى، رغم التلطي الدائم وراء فاعلية تضليل واشنطن، ومعها تل أبيب، لإيران أخيراً.
0 تعليق