نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أزمة غير مسبوقة بفعل تراجع نسبة الهطولات... قمير: لبنان الأكثر تأخّراً في إدارة الموارد المائية - ايجي سبورت, اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 06:37 صباحاً
ايجي سبورت - لا يختلف اثنان على حقيقة تاريخية، هي أن جوف لبنان يحتضن أكبر احتياطات مياه في المنطقة، فيما قممه وهضابه التي تستقبل سنوياً كميات ملحوظة من الثلوج والمتساقطات المطرية، تعج بينابيع المياه العذبة. غير أن نعمة الطبيعة التي جعلت "بلاد المي" من أكثر البلدان العربية غنى بالمياه، تقابلها إدارة مائية هي الأسوأ في لبنان والمنطقة، وفق تقييم المؤسسات الدولية ومسؤولي الدولة اللبنانية أنفسهم ومواطنيهم. وقد تكون قضية "إبريق المي" في لبنان متفوقة على سمعة "إبريق الزيت" وسخرية الأقدار التي جعلت تجارة المياه وبيعها للبنانيين إما بالصهاريج غير الصحية، وإما بالعبوات المنزلية، من أكثر الاستثمارات نجاحاً، وأعلاها عائدات.
لا شك في أن عوامل الاحتباس الحراري وتبدل المناخ عالمياً وتزايد حالات الجفاف والنقص الفادح في الأمطار والثلوج، أوقعت العديد من الدول في مأزق شح المياه العذبة، وهبوط حاد في نسبة نصيب الفرد فيها من المياه، غير أن غالبية تلك البلدان تحولت إلى الخطط الطارئة التي كانت وضعتها وعملت عليها بجدية وتنظيم. أما في لبنان، فقد تكون الآبار العشوائية غير المرخص لها، ومعظمها ملوث بالمياه المبتذلة وغير صحي، وتجار صهاريج المياه، وشركات بيع وتوزيع "غالونات" مياه الشرب، وبعضها يعمل في شكل غير قانوني، هي الخطة الوطنية الطارئة الوحيدة التي وضعها العقل التجاري اللبناني!
خلال عمله في معهد قبرص للتقنيات، أجرى المدير العام للموارد المائية والكهربائية سابقاً فادي قمير الذي يشغل حالياً رئاسة البرنامج الهيدرولوجي الدولي في اليونيسكو، دراسات عن تغيّر المناخ، وتبين أن درجات الحرارة ستشهد ارتفاعاً يتجاوز 4.5 درجات مئوية، وقد تلامس 50 درجة بحلول سنة 2050، وهو ما بدأت مؤشراته بالظهور، بما سيؤدي إلى تراجع الموارد المائية في لبنان بنسبة 30 إلى 40%.
أما بالنسبة إلى لبنان، فثمة أزمة غير مسبوقة تفاقمت بفعل تراجع نسبة الهطولات المطرية هذه السنة بنسبة 30%، مما أدى إلى انخفاض تدفق الأنهار وتراجع نسبة الثلوج. وتشير التقديرات إلى أن حجم تدفق مياه الأنهار تقلص بنسبة 50%، باعتبار أن الثلوج تمثل المصدر الأساسي لتغذية المياه الجوفية.
ويعتبر قمير أن "الدولة اللبنانية تُعدّ الأكثر تأخراً في تطبيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية، رغم أنه كان من أوائل الدول التي أطلقت المفهوم العالمي العام للموارد المائية والكهربائية الذي استلهمت منه العديد من الدول العربية مثل الأردن ومصر والمغرب".
انطلقت الخطة العشرية في لبنان من تبني مفهوم الإدارة المتكاملة للمياه بشقيها الأفقي والعمودي، بهدف تأمين موارد مائية إضافية عبر إنشاء البحيرات والسدود وتغذية الطبقات الجوفية، وتحسين جودة شبكات المياه التي لا تزال تسجل نسبة إهدار تراوح بين 40 و45%، واستخدام المياه المبتذلة المعالجة من الدرجة الثانية والثالثة لأغراض الري، وتبني تقنيات ري حديثة. إذ إن الري السطحي لا يزال يشكل أكثر من 75% من أساليب الري، ويستهلك قطاع الزراعة في لبنان نحو 80% من الموارد المائية المتجددة، بينما لا تتجاوز هذه النسبة 50 إلى 53% في الدول المتوسطية المجاورة، والإفادة من الينابيع البحرية ونقلها إلى الساحل لتستخدم في المسابح ولخدمة القطاع السياحي، إضافة الى الحوكمة الرشيدة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتطبيق مبدأ تقييم الأثر البيئي ونشر ثقافة ترشيد استخدام المياه.
هذا المفهوم أقرّ ضمن الخطة العشرية والخطة المالية التي اعتمدها مجلس الوزراء. غير أن هذه الخطة لم تنفذ إلا جزئيا، بنسبة لا تتعدى 3%.
ويشير إلى أن "لبنان بلد جبلي يتميز بمصادر جوفية غنية، ولكن ينبغي أن يطور بنيته التحتية ويعتمد الإدارة المتكاملة للمياه ضمن إطار من الحوكمة الرشيدة وتحسين جودة الشبكات".
ويقترح إنشاء وحدات متنقلة لمعالجة المياه، سواء كانت جوفية أو من البحر، بهدف توفير نحو 25% من النقص الحاصل، والذي يبلغ حالياً نحو 50%، وتطبيق نظام تجميع مياه الأمطار (Rainwater Harvesting) عبر جمعها من أسطح الأبنية وتخزينها تحت الأرض لإعادة استخدامها، وإطلاق خطة ترشيد عاجلة تقضي بمنع استخدام المياه العذبة في الري السطحي، أو تعبئة المسابح، مع ضرورة استبدالها بمياه البحر، ومنع ضخ المياه الجوفية لري المساحات الخضراء غير المنتجة غذائياً. وينبغي أيضاً إعادة تنظيم توزيع المياه حسب الأولويات، بما يضمن إيصالها إلى المستشفيات، والمدارس، والجامعات، والزراعة، ومياه الشرب".
"اعتماد الإدارة الذكية للمياه، ورفع كفاية الشبكات إلى نحو 80%، كما هي الحال في قبرص، إضافة إلى إنشاء محطات معالجة للمياه المبتذلة (ثنائية وثلاثية)، لضخ المياه المعالجة في طبقات المياه الجوفية أو استخدامها لري المساحات الخضراء، بما يؤمن عائدات كبيرة للدولة"، اجراءات ضرورية في رأي قمير، كذلك، يجب التحول من الري السطحي إلى تقنيات أكثر كفاءة كالرش والتنقيط والزراعة المائية (Hydroponics)، بحيث يمكن خفض نسبة الري السطحي من 75% إلى 30%، في مقابل رفع نسبة التقنيات الحديثة إلى 70%، بما يقلل من استهلاك المياه في الزراعة من 80% إلى 50%".
ويكشف أن "الأموال المخصصة لتحديث الشبكات أنفقت على مشاريع إنشائية ضخمة لا تقع ضمن اختصاص مؤسسات المياه، مثل بناء سد جنة من مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، بينما كان يُفترض أن تستخدم تلك الأموال في تحسين الشبكات"، مقدرا أن "نحو 260 مليون دولار أنفقت في غير وجهتها".
0 تعليق