سوريا: الاحتباس الحراري يُقلّص المساحات الزراعية في الحسكة والرقة ودير الزور ويُهدّد الغطاء النباتي في البادية - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سوريا: الاحتباس الحراري يُقلّص المساحات الزراعية في الحسكة والرقة ودير الزور ويُهدّد الغطاء النباتي في البادية - ايجي سبورت, اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 06:37 صباحاً

ايجي سبورت - دمشق - النهار 


تعتبر سوريا واحدة من 15 دولة في المنطقة، تتركز عليها مخاطر الاحتباس الحراري لناحية التهديد بالتصحر. وعلى الرغم من أن سوريا صادقت على اتفاقية باريس للمناخ عام 2017 في خطوة كانت تتوخى آنذاك مواجهة آثار الاحتباس الحراري، والمساهمة في الحدّ من انبعاث الغازات، فإن تضافر ظروف الحرب والسياسة مع المناخ جعلت التصدي لهذه الظاهرة أو علاج آثارها مكلفاً للغاية، وأحياناً غير ممكن.

 

وسوريا كذلك من الدول المظلومة طبيعياً مع ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ إن آثارها تشتدّ عليها بينما لا تساهم عملياً سوى في 0,1% من الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة. وأعدت سوريا أول بلاغ وطني لها بشأن تغير المناخ عام 2010 بعد أن بلغ إجمالي حجم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري 79 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون خلال عام 2005. وتركزت أسباب هذه الانبعاثات بشكل رئيسي في قطاع الطاقة (73%)، يليه قطاع الزراعة (18%).

 

والاحتباس الحراري هو الارتفاع التدريجي في درجات الحرارة على سطح الأرض نتيجة تراكم الغازات الدفيئة (مثل ثاني أكسيد الكربون، الميثان، وأكسيد النيتروز) في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تقليل قدرة الأرض على فقدان الحرارة إلى الفضاء، فينتج عن ذلك تغيرات مناخية واسعة النطاق.

 

التحديات البيئية

تُعد الظاهرة من أبرز التحديات البيئية التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين، ولا تُستثنى سوريا من آثارها المباشرة وغير المباشرة. ومع تفاقم الأزمات البيئية والمناخية، باتت هذه الظاهرة تشكّل تهديدًا حقيقيًا للتوازن البيئي، والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، والأمن الغذائي والمائي في البلاد، وفق ما قال للنهار الدكتور المهندس سامر عثمان المتخصص في البيئة وهندسة الغابات.

 

وأضاف عثمان في حديثه مع النهار  أن البيانات المناخية في العقود الأخيرة تشير إلى ارتفاع متوسط درجات الحرارة السنوية بمقدار 1.2 – 1.6 درجة مئوية منذ عام 1950، في الوقت الذي ينخفض فيه المعدل السنويّ للهطولات المطرية بنسبة تتراوح ما بين 10 و 20%، ولا سيما في المناطق الساحلية والشمالية. كذلك تتزايد فترات الجفاف المتتالي، خصوصًا في مناطق الجزيرة والبادية، بالإضافة إلى تغيّرٍ في أنماط الفصول، بما في ذلك تقلّبات مفاجئة في بداية ونهاية الفصول التقليدية.

 

وتعدّ أزمة الجفاف والتصحر من أبرز الآثار السلبية التي تنعكس على سوريا من جراء ظاهرة الاحتباس الحراري. تجلّى ذلك -بحسب الدكتور عثمان- في فقدان مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في محافظة الحسكة وأجزاء من الرقة ودير الزور، وتدهور الغطاء النباتي في البادية السورية، وتناقص منسوب المياه الجوفية في أغلب الأحواض الاستراتيجية.

 

 

 

 

 

وأظهرت دراسة علمية، العام الماضي، أن احتمال وقوع الجفاف في المنطقة كان قبل ظاهرة التغير المناخي مرة كل 250 سنة، ويزداد اليوم ليصبح مرة كل 10 سنوات عند ازدياد الحرارة 1.2 درجة مئوية، بل قد يصبح احتمال حدوث الجفاف مرة كل 5 سنوات عند وصول ازدياد الحرارة إلى درجتين مئويتين، وفق مجلة المؤشرات البيئية والاستدامة.

 

وشهدت سوريا اتجاهاً متزايداً نحو الجفاف بين عامي 1981 و2021، مع تسجيل أحداث جفاف كبيرة في سنوات 1999 و2010 و2014 و2017 و2021، مما يُشير إلى أن الجفاف يتحول من موسميّ متقطع إلى حالة ممتدة ومتزايدة الحدّة. 

 

لكن التغيرات المناخية لم تكن السبب الوحيد لزيادة معدلات الجفاف في سوريا، إذ أدّى الإفراط في استهلاك المياه، خاصة في قطاع الزراعة، الذي لا يزال يعتمد على أساليب تقليدية، في استنزاف الموارد المائية المتاحة، بحسب الباحثة في علوم المناخ والمشاركة في الدراسة السابقة، شفا مثبوت.
وأكد تقرير للجمعية الفلكية السورية، صدر في آذار (مارس) الماضي، أن "الاحتباس الحراري تسبّب بغياب الفصول الانتقالية كالخريف والربيع"، مشيراً إلى ضرورة اعتياد السوريين على مشاهد اقتلاع الأشجار والفيضانات لكنها ستلازمهم لسنوات طويلة.

 

وصرّح رائد الصالح وزير الكوارث في الحكومة السورية الانتقالية، في أعقاب حرائق ريف اللاذقية، التي كانت غير مسبوقة من حيث شدتها واتساعها، بأنّ هذه الحرائق تحمل دلالات خطيرة على تهديد أزمة الجفاف لسوريا، وأن التحديات المناخية لا تنتظر.

 

وفي 13 الشهر الجاري عقدت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث اجتماعاً تنسيقياً موسّعاً، بالتعاون مع عدد من الوزارات بينها الزراعة، والإدارة المحلية والبيئة، والطاقة، والاتصالات، مع ممثلين عن منظمات محلية ودولية، بهدف بلورة إطار وطني متكامل للاستجابة لأزمة الجفاف الأشدّ منذ أكثر من ستة عقود.
ومن الآثار المباشرة، التي تترتب على ظاهرة الاحتباس الحراري، تهديد السلة الغذائية الوطنية. وأشار الدكتور سامر عثمان إلى انخفاض إنتاج المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والشعير بنسبة وصلت إلى 50% في بعض الأعوام. وكذلك تراجع إنتاج الزيتون والتفاح والحمضيات بسبب تغيرات الطقس المفاجئة وانخفاض البرودة الشتوية المطلوبة للإثمار.

 

وشدّد عثمان على أن ظاهرة الاحتباس الحراري لم تعد قضية بيئية مجرّدة، بل أزمة متشابكة تطال كل مكونات الحياة في سوريا. ومع استمرار تداعياتها، تصبح الحاجة إلى تحرك علمي وعملي فوري أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق