كيف يمكن أن تردّ إيران على تفعيل "آلية الزناد"؟ - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف يمكن أن تردّ إيران على تفعيل "آلية الزناد"؟ - ايجي سبورت, اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 07:49 صباحاً

ايجي سبورت - لم تمضِ سوى أسابيع قليلة على الهجوم الإسرائيلي–الأميركي على إيران حتى أعلنت الدول الأوروبية أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن في المفاوضات النووية، ستُعاد العقوبات الدولية التي رُفعت قبل عشرة أعوام بموجب الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة)، وذلك اعتباراً من تشرين الأول/أكتوبر 2025. وتُعرف هذه العملية بـ"آلية الزناد" أو "العودة التلقائية للعقوبات" (Snapback Mechanism).

"آلية الزناد"
تُعد "آلية الزناد" جزءاً من ملحق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، وكذلك من البندين 36 و37 من خطة العمل الشاملة المشتركة.

وقد صادق مجلس الأمن على القرار 2231 في 20 تموز/يوليو 2015، بعد ستة أيام من توقيع الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1، ما منح الاتفاق صفة الإلزام في النظام القانوني الدولي.

وبموجب هذا القرار، أُلغيت ستة قرارات سابقة صادرة عن مجلس الأمن بين عامي 2006 و2010، والتي فرضت عقوبات صارمة على إيران في مجالات الاقتصاد والسلاح والتكنولوجيا، استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز فرض تدابير قسرية، بما فيها العقوبات أو العمل العسكري، عند وجود تهديد للسلم والأمن الدوليين.

كيفية تفعيل الآلية

تتضمن إجراءات تفعيل آلية الزناد مراحل عدة:


1. يحق لأي طرف في الاتفاق، في حال اعتقاده بأن طرفاً آخر لا يفي بالتزاماته، رفع شكوى إلى "اللجنة المشتركة" المشرفة على تنفيذه.


2. تُمنح اللجنة 15 يوماً للنظر في الشكوى. وإن لم يُحلّ النزاع، يُرفع إلى وزراء الخارجية، الذين يُمنحون بدورهم 15 يوماً إضافياً.

3. في حال تعذّر التوصل إلى اتفاق، تُمهل اللجنة 5 أيام أخرى لمحاولة أخيرة.


4. إذا ظل الطرف الشاكي غير مقتنع، يمكنه رفع القضية إلى مجلس الأمن.


5. هنا، يتعيّن على المجلس التصويت خلال 30 يوماً على قرار يُبقي تعليق العقوبات. لكن إذا استخدم أحد الأعضاء الدائمين (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، أو بريطانيا) حق النقض، تعود العقوبات تلقائياً من دون حاجة إلى قرار جديد.


وتنصّ بنود الاتفاق أيضاً على منح الوكالة الدولية للطاقة الذرية حق الوصول إلى المواقع المشتبه بها خلال 24 يوماً، وفي حال رفضت إيران التعاون، يمكن أن يؤدي ذلك أيضاً إلى تفعيل الآلية.

 

وفي عام 2020، سعت الولايات المتحدة إلى استخدام آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات، لكن معظم أعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم حلفاؤها الأوروبيون، رفضوا الخطوة بحجة أن واشنطن لم تعد طرفاً في الاتفاق منذ انسحابها منه عام 2018، وبالتالي لا تملك الحق القانوني لتفعيل الآلية.

التهديدات الأوروبية الجديدة

بدأت الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) باستخدام لهجة أكثر صرامة، إذ صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بأن "آلية الزناد ستُفعّل بحلول نهاية آب/أغسطس 2025 إن لم تلتزم إيران بوضوح وبشكل يمكن التحقق منه".
جاء ذلك في أعقاب دعم المستشار الألماني فريدريش ميرتس للهجوم الإسرائيلي على إيران، ما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين. ورداً على الهجوم الأميركي – الإسرائيلي الذي استمر 12 يوماً وتسبب بأضرار واسعة في منشآت نووية، علّقت طهران تعاونها مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكدت العواصم الأوروبية أنه إذا لم تعد إيران إلى المفاوضات، فسيُفعلون آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات السابقة تلقائياً. وكانت المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران قد توقفت بعد الحرب الأخيرة، ولم تُستأنف حتى الآن.


وقبل الحرب، كان التهديد العسكري بمثابة "العصا" الغربية لدفع إيران نحو تنازلات. لكن بعدما جُرّب هذا الخيار فعلياً، تغيّر ميزان الردع. ويبدو أن الأوروبيين يلوّحون الآن بآلية الزناد كأداة ضغط بديلة لدعم المفاوضات الأميركية.

 

مواقف إيرانية متباينة

في الداخل الإيراني، تنقسم الآراء حيال الرد المناسب. فبعض المتشددين يدعون إلى قطع كامل للعلاقات مع الوكالة الدولية، وتعليق أي مفاوضات، واستكمال البرنامج النووي بلا قيود.


في المقابل، يرى أنصار الديبلوماسية أن التصعيد سيؤدي إلى تفعيل الآلية، ما يعرض إيران لعقوبات شاملة، في وقتٍ يعاني فيه الاقتصاد من ضغوط هائلة.


وفي خطابه العلني الأول بعد الحرب، شدد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي على التوازن بين "ديبلوماسية نشطة واستعداد دفاعي أقصى"، مؤكداً أن هجوماً جديداً من إسرائيل ليس مستبعداً.


وبلغ الجدل السياسي والإعلامي الداخلي ذروته، ما دفع خامنئي إلى الدعوة للتهدئة والحفاظ على الوحدة الوطنية.


وفي هذا السياق، كتب سعيد جليلي، أبرز معارضي الاتفاق، في ذكرى توقيعه: "مرت عشر سنوات... ذكرى الخسارة المطلقة".


أما الناشط المتشدد ميثم نيلي، فاقترح رداً على تفعيل الآلية انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) .


كما صرح النائب محمود نبويان بأن "آلية الزناد لن تؤثر كثيراً، لأن العقوبات لم تُرفع أصلاً منذ توقيع الاتفاق النووي".


وعبّر بعض المستخدمين عن غضبهم من اتفاق العام 2015، مشيرين إلى أنه تسبب في إفلاس مئات الشركات، وطالب بعضهم بمحاكمة من وقّعه، معتبرين أن إيران "خسرت 11 طناً من اليورانيوم المخصب" دون مقابل.
وكتب أحدهم: "استغرق الأمر 11 عاماً حتى نكتشف أن ظريف كان ديبلوماسياً بلاستيكياً، وأن جليلي كان على حق".


في المقابل، يرى المدافعون عن الاتفاق النووي أنّه أخّر الحرب مع الولايات المتحدة وإسرائيل لعقدٍ كامل.


وكتب الصحافي رضا رئيسي: "إذا كانت آلية الزناد تهديداً اليوم، فعاتبوا من تسبب بصدور ستة قرارات أممية خلال رئاسة (محمود) أحمدي نجاد".
ويؤكد هؤلاء أن الاتفاق منع فرض عقوبات جديدة طوال عشر سنوات، ويتساءلون: "تخيلوا الوضع لو لم يُوقَّع الاتفاق أصلاً!".

رؤى قانونية وسياسية

ويرى بعض القانونيين الإيرانيين أن الدول الأوروبية لم تفِ بالتزاماتها في الاتفاق، خصوصاً ما يتعلق برفع العقوبات وتسهيل المعاملات المالية، معتبرين أن هذا يضعف موقفها القانوني في تفعيل الآلية.

كما يرى محللون أن الغرب ركّز على الجوانب العقابية من الاتفاق، متجاهلاً الجوانب الإيجابية كالتعاون الاقتصادي. وعلى سبيل المثال، لم تُفعّل قناة "إنستكس"، ولم تُستأنف العلاقات المصرفية مع إيران، وغادرت الشركات الأوروبية البلاد سريعاً بعد عودة العقوبات الأميركية.

السيناريوات المحتملة

إذا أُبرم اتفاق جديد بين طهران وواشنطن، فإن الترويكا الأوروبية ستتجنب على الأرجح تفعيل آلية الزناد.


أما في حال الفشل، فإن تفعيل الآلية قد يدفع إيران إلى الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار، وهو سيناريو قد يُشعل حرباً جديدة في المنطقة.
لكن حتى اللحظة، يبدو أن إيران تُبقي باب الديبلوماسية مفتوحاً لتفادي هذا الخيار، دون أن تتنازل عن خطوطها الحمر في الملف النووي.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق