السويداء تؤجّج الصراع التركي – الإسرائيلي على الأرض السورية - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السويداء تؤجّج الصراع التركي – الإسرائيلي على الأرض السورية - ايجي سبورت, اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 08:19 صباحاً

ايجي سبورت - أجبرت الضربات الجوية القوية التي نفّذتها إسرائيل على العاصمة السورية دمشق، يوم الأربعاء، الرئيس الانتقالي للبلاد أحمد الشرع، على التراجع عن حملة بسط سيطرته على محافظة السويداء جنوباً، في تصعيد جديد ينذر باستمرار الصراع التركي – الإسرائيلي على الأرض السورية.


إسرائيل، التي كثّفت هجماتها منذ هروب الرئيس السوري السابق بشار الأسد، حذّرت سلطة دمشق، المدعومة من تركيا ودول إقليمية أخرى، من المساس بالسكان الدروز، وهو ما اعتبرته سوريا تدخلاً خارجياً يهدف إلى تأليب من وصفتهم بـ"الخارجين عن القانون" ضدها لأغراض انفصالية.

 

وقف نار "اضطراري"

واندلعت اشتباكات نهاية الأسبوع الماضي بين مقاتلين دروز وعشائر بدوية، قطع أفراد منها الطريق الرئيسي الذي يربط السويداء بدمشق، ويُعدّ شريان الحياة للمحافظة.


وحشدت دمشق قوات عسكرية قالت إنها تهدف إلى إنهاء الاشتباكات، فيما وصفتها أوساط درزية بأنها خطة منسّقة سلفاً لإنهاء حالة التمرّد ضد الحكومة.


وتحت وقع الضربات الإسرائيلية، أُجبرت دمشق على إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار يوم الأربعاء، نصّ على منح المحافظة شكلاً من أشكال الإدارة الذاتية، في تفاهم يشبه ما جرى التوصّل إليه مع الإدارة الذاتية في منطقتَي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب.


إلا أن الزعيم الروحي للطائفة الدرزية الشيخ حكمت الهجري رفض الاتفاق، ودعا أنصاره إلى مواصلة القتال ومحاسبة المتورّطين في الانتهاكات التي تعرّض لها سكان المحافظة.


بالتزامن، عبر المئات من دروز إسرائيل الحدود من الجولان المحتل إلى سوريا خلال اليومين الماضيين، نصرةً لإخوتهم في السويداء.

 

دروز يعبرون الحدود من الجولان المحتل لنصرة أهالي السويداء. (أ ف ب)

 

رسائل إسرائيلية متعدّدة الاتجاهات

وكشفت التطورات الأخيرة عن اتّساع الهوّة بين تل أبيب وأنقرة في ما يخصّ الملف السوري.


ورغم عدم حدوث أي صدام مباشر بين الطرفين على الأرض السورية، فإن الرفض الإسرائيلي الصريح لإقامة قواعد عسكرية تركية في سوريا، واستهدافها مواقع كانت فرق عسكرية تركية قد تفحّصتها تمهيداً لتحويلها إلى نقاط للجيش التركي، شكّل شرارة هذا التباين.


وفي تصعيد لافت، دمّرت إسرائيل يوم الأربعاء جزءاً من مبنى وزارة الدفاع السورية وسط دمشق، واستهدفت محيط القصر الجمهوري، حيث يوجد الشرع، في رسالة واضحة إلى السلطة الانتقالية المدعومة من أنقرة.

وتقدّم إسرائيل نفسها كقوة مهيمنة في الإقليم، تسعى إلى "تغيير وجه المنطقة"، وفق تصريح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقب هجمات "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتؤكّد قدرتها على حماية الدروز في جنوب سوريا، إلى جانب دعمها السياسي والرمزي للإدارة الذاتية، في توجّه يتعارض كلياً مع الرؤية التركية لمستقبل سوريا.

 

وقال مسؤول إسرائيلي لوسائل إعلام محلية إن دمشق أبلغت تل أبيب بتحرّكها في الجنوب، لكنها لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه، وفق زعمه.
ورغم عدم وضوح تفاصيل الاتفاق الذي "نكثت به دمشق"، بحسب الرواية الإسرائيلية، فإن اعتقاداً سائداً لدى شريحة من المحلّلين يشير إلى أن تفلّت الأوضاع على الأرض، وتعرّض مدنيين لانتهاكات من قبل مجموعات مسلّحة تابعة لدمشق، دفع إسرائيل إلى التدخّل خشية تقويض صورتها التي تمثّل جزءاً من خططها الاستراتيجية في سوريا والمنطقة.


وتأتي هذه التطورات فيما تبدي دمشق حماسة لتصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا وسفيره لدى أنقرة توم برّاك، الذي أكّد أن "كل الطرق تؤدي إلى دمشق". وتلقى السلطة الانتقالية دعماً تركياً متواصلاً، تحت شعار "محاربة الإرهاب والحفاظ على وحدة البلاد".


لكن دمشق تجاوزت، على ما يبدو، حدود الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه في باكو مع الجانب الإسرائيلي، محاولةً اختبار رد فعل تل أبيب. وقد علّقت وزارة الدفاع السورية لاحقاً بأن الرد الإسرائيلي "فاجأها"، قبل أن يُسحب التصريح من التداول.

 

إسرائيل تخشى الطموح التركي المتصاعد

جاء هذا التصعيد الإسرائيلي في وقت كانت تُتداول فيه أنباء عن اتفاق أمني وشيك بين سوريا وإسرائيل، بالتزامن مع انتشار ملصقات دعائية في تل أبيب تضمّ صوراً للرئيس الأميركي دونالد ترامب ونتنياهو والشرع، إلى جانب عدد من القادة العرب.


وفي محاولة لاحتواء التوتّر، دخلت أذربيجان على خط التصعيد بين أنقرة وتل أبيب، في أول انخراط جدّي لها في شؤون الشرق الأوسط، تبعته خطوات تهدف إلى تهدئة المخاوف الإسرائيلية من صعود السلطة الانتقالية في دمشق.


ومع تراجع النفوذ الإيراني، تسعى تركيا إلى تعزيز حضورها في سوريا ودول الجوار، لتظهر كقوة بديلة وورقة ضغط أمنية في وجه إسرائيل. وفي ظلّ التوتّر بين أنقرة وتل أبيب، خصوصاً بشأن الملف الفلسطيني، تعمل أنقرة على تعزيز علاقاتها مع عواصم إقليمية متوجّسة من نيّات إسرائيل، لتكريس نفوذها كخيار إقليمي بديل.


تتطابق الرؤية التركية مع الموقف الأميركي وعدد من الدول العربية في دعم الشرع ومنحه فرصة التمكين، بينما تعتبره تل أبيب "جهادياً لا يمكن الوثوق به".


وقد أطلق وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم الأربعاء، مبادرة ديبلوماسية شاملة تواصل فيها مع نظرائه في المنطقة، لتنسيق موقف موحّد إزاء الضربات الإسرائيلية، وسعى لحشد دعم أميركي وإقليمي للضغط على تل أبيب من أجل وقف تدخلها في الشأن السوري.


وتشير هذه التطورات إلى أن الضربات الإسرائيلية، وما تبعها من تراجع دمشق عن خطتها لإخضاع السويداء، شكّلت أول انتكاسة ميدانية للسلطة الانتقالية في سوريا. لكنها، في الوقت ذاته، تمثّل أيضاً انتكاسة للمسار التركي الذي شهد خلال الأشهر الماضية انفتاحاً إقليمياً وغربياً على السلطة الجديدة، تمثل في رفع العقوبات، وشطب شخصيات وتنظيمات من لوائح الإرهاب.


دخلت سوريا فصلاً جديداً من الصراع التركي – الإسرائيلي، ورغم تفوّق تل أبيب في الجولة الحالية، فإن المواجهة مرشّحة للاستمرار، وقد تمثّل لاحقاً بديلاً للصراع الإيراني – الإسرائيلي التقليدي في المنطقة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق