نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صوت من ذاكرتنا لا يُنسى... لورا أبو أسعد لـ"النهار": أتمنّى دوراً يليق بصبر المرأة السورية - ايجي سبورت, اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 09:53 صباحاً
ايجي سبورت - من منّا لم يسمع صوت لورا أبو أسعد يوماً من دون أن يعرف أنها هي؟ صوتها الدافئ رافقنا في طفولتنا من خلال شخصيات كرتونية لا تُنسى، ورافقنا أيضاً في مراهقتنا وشبابنا عبر أبرز المسلسلات المدبلجة التي دخلت البيوت العربية من دون استئذان. بأسلوبها الرصين، وقدرتها العجيبة على تقمّص الشخصيات صوتياً، استطاعت أن تترك أثراً خاصاً في ذاكرة جيل بأكمله. من الدوبلاج إلى التمثيل، من استديوات الصوت إلى عدسات الكاميرا، سكنت لورا الشاشة والصوت معاً، فكانت الحضور الأجمل في المشهد السوري والعربي. في هذا الحوار الخاص مع "النهار"، نستعيد معها أبرز المحطات، ونحاول أن نفهم سرّ هذا الحنين الذي يرافقنا كلّما سمعنا صوتها.
عندما تعودين بالذاكرة إلى أول وقوف أمام الكاميرا... ما المشهد الذي لا يُنسى حتى اليوم؟
أول مشهد صوّرته في مسلسل بقايا صور المأخوذ من رواية "حنا مينا"، التي تحمل الاسم نفسه، أمام كاميرا المخرج نجدة أنزور. كان التصوير في جبال الشوف في لبنان، وكانت المرة الأولى التي أسافر فيها إلى خارج سوريا؛ كنت وحدي في المشهد، والمشهد صامت، ويجب أن أعبّر فيه عن الكثير من المشاعر بصمت، من دون خبرة وقوف أمام الكاميرا، مع رهبة الوقوف أمام مخرج كـ نجدة وطاقم عمله العظيم، وسط طبيعة جبال الشوف المذهلة مع برد الشتاء... هذا تحدٍّ نجحت فيه في ذلك الوقت، ولكنه لا يمحى من ذاكرتي.
أنتِ صوت محفور في ذاكرة جيل بأكمله عبر أعمال الدبلجة... ما أول عمل مدبلج ترك بصمة خاصة في قلبك؟
ميليغان، والدة ريمي في مسلسل "دروب ريمي" الكرتوني، كان فيه من الدراما والعواطف ما يكفي لجعل القلب يخفق حزناً وفرحاً معاً والعيون تترقرق بالدموع، لدرجة أنه ما زال محفوراً في ذاكرة الشباب، الذين كانوا أطفالاً في وقتها حتى يومنا هذا.
عندما تؤدين صوت شخصية أجنبية، كيف تنجحين في الحفاظ على روحها الأصلية مع لمسة عربية تُقنع الجمهور؟
التمثيل بالعموم هو فن الإقناع. على الممثل أن يفهم الشخصية ويجد المفاتيح المناسبة لجعلها على مقاسه ثم تقديمها بطريقته لتكون مقنعه للمشاهد، سواء أكان ذلك في الدوبلاج أم في غيره؛ وسواء أكانت أجنبية أم عربية. المبادىء في التمثيل هي نفسها.
هل تعتقدين أن الدبلجة اليوم ما زالت تحظى بالمكانة التي كانت عليها في بداياتك أم أن هناك تغيّراً في الذوق العام؟
الذوق العام انقسم، والكثير من الناس صارت تفضّل مشاهدة العمل بلغته الأصليه مع الترجمة فقط؛ وأعتقد أن السبب في ذلك هو إقحام اللهجة السورية وبعض اللهجات الأخرى في أماكن لا يليق بها سوى الفصحى. السبب الآخر هو انحدار مستوى الدبلجة بسبب ميل بعض المحطات للعروض الرخيصة، فقد انتشرت في سوريا شركات كثيرة استغلّت ظروف الممثلين في الحرب، وانعدام دور النقابة وغيرها من المؤسسات في حماية الممثل، وصارت أجور الممثلين والفنيين منخفضة، مما سمح لهذه الشركات بخطف الكثير من عقود الدبلجة بأسعار بخسة للغاية.
أصواتكِ في الدبلجة كانت جزءاً من طفولة الكثيرين. كيف تعاملتِ مع فكرة أن جمهورك كان من الأطفال الذين أصبحوا شباباً، ويتذكرّونك بالحب؟
بصراحة لم أكن أعرف كم لديّ من معجبين، كانوا أطفالاً وصاروا كباراً، حتى فتحت صفحاتي على وسائل التواصل الاجتماعي. نعم، لديّ الكثير من المعجبين بأدواري في التلفزيون، ولكن أولئك الذين يراسلونني دائماً، ويشاركون مقاطع كرتون بعضها أنا لا أذكره، أشعر بوفائهم وكأنني فعلاً محفورة في ذاكرتهم، وهذا يؤثّر فيّ للغاية.
بصفتكِ فنّانة متعددة الاهتمامات، من التلفزيون إلى التمثيل الصوتي... ما المجال الذي يمنحكِ حرية التعبير الأكبر؟
لا توجد حرية في التعبير تماماً في أي نوع من أنواع الأداء، لأننا في النهاية مقيّدون بمواصفات الشخصية النفسية والجسدية. لكنني أعتقد أن الفضاء الأوسع الذي يمنح الممثل شعوراً بالرضى هو فضاء المسرح، حيث تتواصل أحاسيسه من بداية العرض لنهايته، ويحصل على جائزته فوراً من الجمهور الحاضر، والذي يكون جزءاً لا يتجزّأ من هذه المتعة السّاحرة.
ما الذي تحتاجه الدراما السورية اليوم لتعود بقوة إلى ما عهدناها في بدايات الألفيّة؟
الدراما السورية تحتاج اليوم إلى ما كانت تحتاجه منذ الأزل: نقابة قويّة، عمل نقابيّ حقيقيّ، عادات وتقاليد، رأس مال محليّ، محطات محليّة؟
كان نجاحنا في بداية الألفية طفرة، سببها ظهور بعض الأشخاص الطموحين المبدعين وحصولهم على دعم مالي من خارج سوريا. النجاح يحتاج إلى عمل نقابي يرسي عادات وتقاليد للمهنة، يستقطب المواهب ويكرسها، ثم يأتي الإنتاج المحلي ليضمن استمرار العمل للجميع، ثم تأتي المحطات المحلية لتدفع للمنتج تكاليفه على الأقل. حتى هذه اللحظة، ومنذ الأزل، مجموع ما يحصل عليه المنتج السوري من بلده لا يغطي ربع تكاليفه، والتمويل الأجنبي من حقه أن يفرض علينا أفكاره لتناسب جمهوره؛ وأنا لست ضد ذلك، لكن تعميم هذا الحال ودوامه قد يفقدنا هويتنا الفنية يوماً ما.
شاركتِ في دبلجة أعمال أجنبية كثيرة. كيف أثّرت هذه الثقافات المختلفة على رؤيتك الفنية؟
بالطبع أثّرت كثيراً، فلكلّ بلد عاداته ومناظره الطبيعية المختلفة وطريقته الخاصة في إخراج المسلسلات... طعامهم، لباسهم،علاقاتهم... إنها تجربة عظيمة لمعرفة الكثير عن الشعوب، وليس عن الأسلوب الفني وحسب.
لو طلبنا منكِ أن توجهي رسالة إلى جيل جديد من الشباب الحالم بدخول عالم الفن، ماذا تقولين لهم؟
أتمنّى من كلّ شخص يحبّ التمثيل أو الإعلام بشكل عام أن يحمي نفسه من غدر هذه المهنة، فقد تتوقّف عن العمل في أي لحظة لسبب غير عادل. هذه مهن مليئة بالواسطات والمحسوبيات؛ لذلك أوجدوا لأنفسكم مصدر دخل مستدام يساعدكم على الصمود في فترات التوقف، ويحميكم من تقديم التنازلات في سبيل لقمة العيش.
ما الصوت أو الشخصية التي تحلمين بأدائها، ولم تُتح لك الفرصة بعد؟
في الدوبلاج، أتمنى من قلبي أن أؤدي شخصية الملكة إليزابيث في مسلسل التاج (the crown)، الذي أنتجته نتفلكس. أما في التمثيل فأتمنى أن أؤدي أي دور يعكس بطولة المرأة السورية وصبرها على الشدائد، ويوفي حق الكثير من النساء، اللواتي فقدن بيوتاً ورجالاً وأطفالاً ومالاً وجاهاً، ولم يفقدن نعمة الأمل والوقوف بصمود وكرامة.
0 تعليق