ستونهينج.. إنجلترا: أسرار التاريخ المحفورة في الحجارة - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ستونهينج.. إنجلترا: أسرار التاريخ المحفورة في الحجارة - ايجي سبورت, اليوم السبت 19 يوليو 2025 05:47 مساءً

ايجي سبورت - في سهل سالزبوري الهادئ بجنوب إنجلترا، تنتصب مجموعة من الأحجار الضخمة في تشكيل دائري غامض يثير فضول العلماء والمسافرين على حد سواء. يُعرف هذا الموقع باسم ستونهينج (Stonehenge)، وهو واحد من أشهر المعالم الأثرية في العالم، وأكثرها إثارة للجدل والتكهنات. ورغم مرور آلاف السنين على إنشائه، لا يزال ستونهينج يحتفظ بأسراره، ويستقبل الزوار من مختلف أرجاء العالم ليقفوا وجهًا لوجه أمام صمت الحجارة، ويطرحوا السؤال نفسه: من بناه؟ ولماذا؟

نصب حجري غامض من عصور ما قبل التاريخ

يتكون ستونهينج من دوائر متداخلة من الأحجار الضخمة، يبلغ ارتفاع بعضها أكثر من 4 أمتار ويزن الواحدة منها عدة أطنان. يعود تاريخ بناء هذا النصب إلى نحو 3000 إلى 2000 قبل الميلاد، أي إلى فترة ما قبل التاريخ. ورغم قدمه، لا يزال قائماً حتى اليوم، يشهد على براعة المعماريين والبنّائين القدماء الذين نقلوا هذه الصخور العملاقة من أماكن تبعد مئات الكيلومترات.

تشير الأبحاث إلى أن الموقع مرّ بعدة مراحل من البناء، وربما استُخدم لأغراض دينية أو فلكية أو جنائزية. وقد تم ترتيب الأحجار بعناية لافتة، بحيث تصطف بعض الأجزاء مع شروق الشمس في الانقلاب الصيفي، مما يشير إلى معرفة دقيقة بالحركة الفلكية.

ألغاز وتفسيرات متعددة

رغم التقدم في علم الآثار، لا يزال الغرض الحقيقي من بناء ستونهينج محط جدل واسع. يرى البعض أنه كان مرصدًا فلكيًا لتتبع الشمس والقمر، فيما يرى آخرون أنه معبد للطقوس الدينية أو حتى موقعًا للشفاء بسبب ارتباطه ببعض الأساطير القديمة. هناك أيضًا من يعتقدون أن ستونهينج كان مكانًا للتجمعات القبلية أو احتفالات موسمية مرتبطة بالزراعة والطبيعة.

أما طريقة نقل هذه الأحجار العملاقة من مناطق بعيدة، فقد حيّرت العلماء لسنوات، خصوصًا أن الآلات الحديثة لم تكن موجودة في تلك العصور. وتتراوح النظريات بين استخدام الزلاجات الخشبية، أو الدفع باستخدام الحبال، أو حتى الفرضيات الخارجة عن المألوف التي تنسب البناء إلى حضارات مفقودة أو تدخلات خارقة.

موقع تراث عالمي وتجربة لا تُنسى

أُدرج ستونهينج ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو، ويُعد من أبرز الرموز الثقافية في المملكة المتحدة. ويقع الموقع ضمن مساحة محمية تُعرف باسم "أفن بري"، تضم أيضًا تلال دفن ومعالم أثرية أخرى تعود إلى العصر الحجري والبرونزي، مما يعزز من القيمة التاريخية للمنطقة بأكملها.

زيارة ستونهينج اليوم هي تجربة فريدة لا تقتصر على مجرد مشاهدة الأحجار، بل تشمل مركزًا للزوار يقدّم عروضًا تفاعلية وشرحًا بصريًا لتاريخ الموقع، إلى جانب جولات صوتية تستعرض الفرضيات المختلفة حول معانيه. وفي أيام معينة من السنة، مثل الانقلاب الصيفي والشتوي، يتوافد الآلاف إلى المكان للاحتفال على الطريقة القديمة، حيث تُفتح الدوائر الحجرية للزوار في مشهد يحمل عبق الطقوس القديمة وسط سكون الطبيعة.

في النهاية، لا يمكن النظر إلى ستونهينج على أنه مجرد نصب حجري، بل هو مرآة لحضارة مفقودة، ورمز لصلة الإنسان القديمة بالكون والطبيعة. إنه تذكير قوي بمدى شغف البشر بالمعرفة، وبحثهم الدائم عن المعنى، منذ آلاف السنين وحتى يومنا هذا. وإذا كانت الحجارة لا تتكلم، فإن صمتها في ستونهينج أبلغ من أي كلمات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق