ماذا يريد ترامب من سد النهضة الإثيوبى؟ - ايجي سبورت

صوت الامة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ماذا يريد ترامب من سد النهضة الإثيوبى؟ - ايجي سبورت, اليوم السبت 19 يوليو 2025 10:25 مساءً

ايجي سبورت - الرئيس الأمريكي غاضب من المرواغات الإثيوبية ووصف تمويل واشنطن للسد بالغبى.. ولهجته تكشف خفايا كثيرة في سياسة أديس ابابا

الاعتراف الأمريكي بأن نهر النيل مصدر للدخل والحياة في مصر ينتصر للموقف المصرى بالتوصل لاتفاق عادل يحفظ مصالح الجميع

كثيرة هي التعليقات التي صاحبت تصريحات الرئيس الامريكى دونالد ترامب الأسبوع الماضى بشأن سد النهضة الإثيوبى، فمنهم من قال إنه يغازل جائزة نوبل للسلام، وأخرون يذهبون إلى كون ترامب يواصل سياسة المناكفة مع الإدارة الديمقراطية، التي اتهمها بالتسبب في أشعال فتيل الكثير من الأزمات الدولية، ومنها أزمة سد النهضة.

وايا كانت وجهة النظر بشان ما قاله ترامب، فالحقيقة أننا أمام موقف يستحق أن نتوقف أمامه ودراسته بعناية شديدة، لأنه لا يعبر عن اهواء او رغبات شخصية، وإنما عن موقف إدارة أمريكية، يقبع على قمة رأسها "ترامب" الممسك في يديه بكامل السلطة والإدارة، لذلك فإنه يعنى ما يقوله.

ولكى تكون الصورة أكثر وضوحاً، نعود إلى ما قاله ترامب.

ترامب قال في تصريحات خلال لقائه مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" في البيت الأبيض: "لقد عملنا على ملف مصر مع جار قريب (إثيوبيا)، وهم جيران جيدون وأصدقاء لي، لكنهم بنوا السد وهو ما أدى إلى وقف تدفق المياه إلى نهر النيل.. أعتقد أنني لو كنت مكان مصر فسأرغب في وجود المياه في نهر النيل، نحن نعمل على حل هذه المشكلة، لكنها ستُحل. لقد بنوا واحدا من أكبر السدود في العالم، على بعد بسيط من مصر، كما تعلمون، وقد تبين أنها مشكلة كبيرة، لا أعلم، أعتقد أن الولايات المتحدة مولت السد، لا أعرف لماذا لم يحلوا المشكلة قبل بناء السد.

وتابع ترامب: "لكن من الجيد أن يكون نهر النيل فيه ماء، فهو مهم جدا كمصدر للدخل والحياة في مصر، إنه شريان الحياة لمصر وسلبه منها أمر لا يصدق، ولكننا نعتقد أن هذه المسألة ستحل قريبا جدا".

وهذه هي المرة الثانية خلال أقل من شهر تقريباً الذى يتحدث خلالها ترامب عن السد الإثيوبى، فقد سبق وتطرق إليه في منشور على حسابه بمنصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، في 21 يونيو الماضي، قائلا: "لن أحصل على جائزة نوبل للسلام للحفاظ على السلام بين مصر وإثيوبيا، سد ضخم بنته إثيوبيا، بتمويل غبي من الولايات المتحدة، يقلل بشكل كبير من تدفق المياه إلى نهر النيل".

هذا ما قاله ترامب عن السد الإثيوبى، وبه الكثير من الإشارات المهمة.

أولاً، أن ترامب يدرك ومن خلفه الإدارة الأمريكية أن وجود السد الإثيوبى، ضار بمصر ومصالحها المائية.

ثانياً، أن ترامب للمرة الأول كمسئول أمريكى، يعترف بتمويل واشنطن لبناء هذا السد.

ثالثاً، ان ترامب يبدو أنه سيعود إلى الاهتمام بالسد مرة أخرى، لكن من زاوية مختلفة عن التي سار عليها في ولايته الرئاسية الأولى، والتي شهدت مراوغة إثيوبية واضحة.

الرئيس عبدالفتاح السيسي، في تعليقه على ما قاله ترامب، أعرب عن تقديره لتصريحات الرئيس الأمريكي "التي تبرهن على جدية الولايات المتحدة تحت قيادته في بذل الجهود لتسوية النزاعات ووقف الحروب"، مجددا دعم مصر لرؤية ترامب في إرساء السلام العادل والأمن والاستقرار لجميع دول المنطقة والعالم.

وقال الرئيس السيسي - في تدوينة له على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك - "تثمّن مصر تصريحات الرئيس الأمريكي التي تبرهن على جدية الولايات المتحدة تحت قيادته في بذل الجهود لتسوية النزاعات ووقف الحروب، وتؤكد مصر ثقتها في قدرة ترامب على حل المشاكل المعقدة وإرساء السلام والاستقرار والأمن بمختلف ربوع العالم، سواء كان ذلك في أوكرانيا، أو الأراضي الفلسطينية، أو إفريقيا، وتقدر مصر حرص ترامب على التوصل لاتفاق عادل يحفظ مصالح الجميع حول السد الإثيوبي، وتأكيده على ما يمثله النيل لمصر كمصدر للحياة".

السؤال الذى قد يطرحه البعض، لماذا تحدث ترامب الآن عن السد الإثيوبى، وهل للأمر علاقة بمفاوضات الهدنة في غزة، والأطروحات الأمريكية بتهجير الفلسطينيين من القطاع، وكأن ترامب يريد مقايضة مصر باتفاق عادل للسد الإثيوبى مقابل الموافقة على مخطط التهجير؟

قد يكون هذا التصور موجوداً في أذهاب البعض، ارتباطاً بصفة ترامب المعروفة عنها، باعتباره رجل المقايضات والصفقات، لكن بنظرة أعمق من ذلك يمكن فهم لماذا تحدث ترامب الأن عن السد الإثيوبى.

ففي الولاية الرئاسية الأولى لترامب، قامت وزارتا الخزانة والخارجية الأمريكيتان بتسهيل المحادثات بين إثيوبيا ومصر والسودان خلال الفترة من 2019 إلى 2020 في محاولة من إدارة ترامب وقتها للتوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد، وبموازاة هذا التحرك الدبلوماسي، قررت إدارة ترامب قطع نحو 100 مليون دولار من المساعدات لأديس أبابا للضغط عليها في ظل حالة الجمود في المفاوضات، ومعظم هذا التمويل كان مخصص للأمن الإقليمي وأمن الحدود والتنافس السياسي وبناء التوافق والتغذية.

ورغم التوصل إلى شبه اتفاق برعاية أمريكية، قبلته مصر والسودان، الا أن إثيوبيا تهربت من التوقيع على هذا الاتفاق، وقررت المضي في ملء السد، وهو ما دفع الخارجية الأمريكية وقتها للقول إن قرار إثيوبيا البدء في ملء السد بينما كانت المفاوضات لا تزال جارية مع مصر والسودان قد قوّض الثقة في المحادثات، ويتعارض مع التعهدات التي سبق أن قدمتها إثيوبيا.

هنا صدمت إثيوبيا ترامب وإدارته، ومع مجئ إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في فبراير 2021 خففت من هذا الموقف، وقررت فصل تعليقها لملايين الدولارات من المساعدات الأمريكية لإثيوبيا عن ملف السد.

لذلك فإن ترامب ينظر لإثيوبيا على أنها تقضت العهد معه، وأن إدارة بايدن الديمقراطية تساهلت مع أديس أبابا.

من هنا نستطيع فهم لماذا تحدث ترامب الأن عن السد الإثيوبى، ونتوقع خطوته التالية، فالواضح أن ترامب غاضب بشدة من المرواغات الإثيوبية، لدرجة أنه ظهر بلهجة متشددة، كشف من خلالها بعض من خفايا سياسات أديس أبابا.

فقد فهمت واشنطن أن الموقف المصرى لم ولن يتغير، وأن الأمن المائي يمثل قضية وجودية لمصر لا تهاون بها على الإطلاق، وأن القاهرة، رغم التعنت الإثيوبى المتكرر الا أنها أنخرطت لأكثر من 10 سنوات في مفاوضات لم تفضى إلى شيء جدى، وفى نفس الوقت لدى البيت الأبيض ملف جاهز بكل تفاصيل السد ومفاوضاته، لأنه منذ ان توقفت المفاوضات تحت الرعاية الأمريكية لم يجد جديد، لذلك فإن ترامب قد يدعو خلال الفترة المقبلة لمفاوضات أخرى تكون أكثر جدية، ولها إطار زمنى واضح، ومحددة الأطر والنقاط التي ستكون محل تفاوض، وأهمها حفظ حقوق دولتى المصب "مصر والسودان" في حقوقهما المائية، ولا أعتقد أن أديس ابابا سيكون لديها رفاهية التلاعب مع ترامب أو إدارته، لأنه على عكس الولاية الأولى، يملك الكثير من القوة والصلاحيات، وستنظر أديس أبابا لطرق التعامل الأخرى مع ترامب منذ ان عاد إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضى، لتتعلم كيف ستتعامل معه، وستصل إلى نتيجة أنها ستكون مجبرة على الدخول في مفاوضات جدية، خاصة أن امام ترامب أكثر من 3 سنوات ونصف في البيت الأبيض، عكس المفاوضات في الولاية الأولى التي جاءت في نهايتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق