وفاة ناشط محتجز تهزّ ليبيا وتُحرج النيابة العامة - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وفاة ناشط محتجز تهزّ ليبيا وتُحرج النيابة العامة - ايجي سبورت, اليوم السبت 12 يوليو 2025 09:33 مساءً

ايجي سبورت - هزّت جريمة تعذيب جديدة الأوساط الليبية في الأيام الأخيرة، وفاقمت من غضب الشارع المتوتر أصلاً منذ أكثر من شهر. تزامن ذلك مع تقارير لمنظمات حقوقية رصدت "تصاعداً في الانتهاكات بحق المدنيين، وسط غياب إرادة جدية للمحاسبة".
وأُعلن الأسبوع الماضي عن وفاة الناشط السياسي عبد المنعم المريمي، إثر اتهامات بتعرضه للتعذيب خلال فترة احتجازه، الأمر الذي دفع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى المطالبة بفتح تحقيق شفاف ومستقل، بعدما أعربت عن "صدمتها وحزنها العميقين". وجاء ذلك وسط تبادل للاتهامات بين جهاز الأمن الداخلي سيئ السمعة، الذي نفّذ عملية توقيف المريمي في بلدة صرمان، ومكتب النائب العام، الذي أُحيل إليه قبل ساعات قليلة من وفاته.
ويُذكر أن عبد المنعم المريمي هو نجل شقيق أبو عجيلة المريمي، الذي أوقفته السلطات الليبية عام 2022 وسلّمته إلى الولايات المتحدة بتهمة التورط في تفجير طائرة أميركية فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية عام 1988. ومنذ ذلك الحين، تبنّى عبد المنعم قضية عمه، ووجّه اتهامات متكررة إلى رئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة بـ"تنفيذ أجندة أميركية". وكان من أبرز الوجوه المعارضة التي شاركت في تظاهرات دورية تطالب برحيل حكومة الدبيبة، لاسيما بعد الاشتباكات الدامية التي شهدتها العاصمة منتصف أيار/ مايو الماضي.
ومع توقيف المريمي، خرجت احتجاجات تطالب بالإفراج عنه، وازدادت حدتها بعد إعلان وفاته واتهام عائلته لجهاز الأمن الداخلي بـ"تعذيبه"، حيث قطع محتجون طرقاً رئيسية، وحاصروا مقر النيابة العامة في طرابلس مهدّدين بالتصعيد.

 

 

وفي مواجهة الغضب الشعبي، أصدر مكتب النائب العام بياناً أكد فيه أن وفاة المريمي "نتجت عن سقوطه من أعلى درج مقر النيابة العامة عقب الإفراج عنه، ما تسبب بإصابات بالغة استدعت نقله إلى المستشفى"، ونشر مقطع فيديو يوثق روايته، موضحاً أن المريمي "أنكر التهم الموجهة إليه"، وطالب بإجراء فحص طب شرعي لكشف أي علامات عنف بين تاريخ القبض والسقوط.
غير أن عائلة المتوفى قالت إن سقوطه جاء خلال محاولة فرار "بعد تعرضه لتعذيب وانتهاكات"، ما زاد من التشكيك في الرواية الرسمية.
وفي ظل تضارب الروايات، أكد جهاز الأمن الداخلي، من جهته، أن "النيابة لم تفرج عن الناشط، بل قررت تمديد حبسه ستة أيام على ذمة التحقيق"، ونفى مسؤوليته عن تعذيبه، مشيراً إلى أن "مهمته اقتصرت على نقله إلى النيابة، وكانت سلامة المريمي أولوية قصوى، وما حدث داخل مقر النيابة لا علاقة للجهاز به".
رئيس منظمة "ضحايا" لحقوق الإنسان ناصر الهواري وصف الحادث بأنه "مأساة إنسانية وجريمة جنائية"، قائلاً لـ"النهار": "الوقائع تنطوي على مخالفات قانونية جسيمة، بدءاً من طريقة الاعتقال غير القانونية في شارع بمدينة صرمان، ثم احتجازه والتحقيق معه دون حضور محامٍ، وأخيراً رواية سقوطه في مقر النيابة". وأضاف: "الكرة الآن في ملعب النائب العام الذي بات مطالباً بعرض شفاف لما جرى مع المريمي منذ لحظة توقيفه حتى وفاته، خصوصاً أن المكتب بات مثار شبهات. قبل إعلان الوفاة لم نكن نعرف مكانه، وهناك أيضاً عشرات المعتقلين نجهل مصيرهم".
من جانبه، رأى المحلل السياسي أحمد المهداوي أن النائب العام الصديق الصور في "موقف حرج"، نظراً إلى أن "ملابسات القضية وقعت داخل أحد مقرات النيابة"، مضيفاً لـ"النهار": "سيكون على الصور التدخل شخصياً لإنصاف العدالة، فكل الأصابع تشير إلى مكتبه"، ومتهماً حكومة الدبيبة بـ"التورط في القضية ضمن سياق إنهاء التظاهرات وترهيب النشطاء المطالبين بإسقاطها".
ويشرح المهداوي أن ما تعرض له المريمي، وهو أحد أبرز نشطاء حراك إسقاط الحكومة، كان "بأسلوب عصابات، لا يمتّ بصلة للقانون"، وأن مصيره بقي مجهولاً حتى إعلان إدخاله المستشفى في حالة حرجة. وأضاف: "اتضح للجميع أن من خطفه هو جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الدبيبة"، مرجحاً أن "وفاة المريمي سيكون لها أثر كبير، وستزيد من غضب الشارع وإصراره على إسقاط الحكومة، في ظل صمت وتخاذل بعثة الأمم المتحدة، التي قد تتصاعد الدعوات لمغادرتها، ولن يهدأ الشارع حتى تحقق مطالبه".
أما رئيسة المنظمة الليبية لحقوق الإنسان حنان الشريف، فرأت أن الحادث يكشف عن "تحديات قضائية كبرى في ليبيا، في ظل غياب التوازن بين ضرورات الأمن في واقع سياسي هش، وبين الامتثال لمعايير العدالة وحقوق الإنسان". وقالت لـ"النهار": "ما حدث للمريمي سبّب صدمة للمجتمع الليبي، خصوصاً أن ملابسات القضية يلفّها الغموض"، ووصفت الوفاة داخل أحد مقرات الاحتجاز بأنها "انتهاك صارخ"، مضيفة: "لسنا أمام مجرد واقعة وفاة، بل انهيار للثقة في مؤسسات يُفترض أن تحمي المواطن لا أن تتستّر على الانتهاكات. نحن بحاجة إلى تحقيق مستقل وشفاف".
هذا الموقف أكدته أيضاً منظمة "رصد الجرائم في ليبيا"، التي سجّلت في تقريرها الأخير "تصاعداً مقلقاً، خلال الشهر الماضي، في الانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية المرتكبة بحق المدنيين في ليبيا، من قبل الجماعات المسلحة والأجهزة الأمنية، لا سيما الاعتقال التعسفي، في ظل غياب إرادة حقيقية للمحاسبة، واستمرار تقاعس السلطات عن حماية حقوق الإنسان".
ووثّق فريق المنظمة مقتل شخصين واعتقال 23 آخرين، بينهم طفلان وثمانية أجانب، إضافة إلى العثور على 15 جثة يُرجّح أنها تعود لمهاجرين، على شواطئ البحر، في مؤشر واضح على استمرار الانتهاكات الجسيمة بحق المهاجرين، وفشل السلطات في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أرواحهم. وأكدت المنظمة أن هذه الأرقام "لا تعكس الحجم الكامل للانتهاكات المرتكبة، بل تقتصر على الحالات التي تمكّن فريقها من توثيقها".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق