في بلادٍ تصحو على الحكايات وتنام على أغنيات الجدات، تأخذ الثقافة بيد أطفالها وتقول لهم: “هذا ميراثكم.. فاحملوه بالحب والفخر”، ومن قلب الريف إلى رمال الحدود، ومن مدن الصعيد إلى سواحل المتوسط، انطلقت مبادرة “مصر تتحدث عن نفسها”، لتمنح التراث صوتًا، والحكاية روحًا، وتفتح للجيل الجديد نوافذ على ذاكرة الوطن.

مبادرةوطنية.. تُعيد وصل الأجيال بالهوية

برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتنفيذ الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، انطلقت فعاليات مبادرة “مصر تتحدث عن نفسها” في مختلف أقاليم مصر، تحت شعار “تراثك ميراثك”، بهدف إحياء التراث غير المادي، وتعزيز الهوية الوطنية لدى النشء والشباب، في قالب فني وثقافي وتفاعلي.

تنوعت الأنشطة بين ورش الحكي الشعبي، والفنون التشكيلية، وتصميم الجداريات، وعروض العرائس، وندوات الأدب والتراث، وبرامج التأهيل السينمائي، وامتدت لتشمل عشرات المواقع الثقافية بالمحافظات، بإشراف الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة.

من شمال سيناء إلى الغربية.. الوطن يحكي

أُطلقت فعاليات برنامج “مصر جميلة” في العريش ونخل وقاطية ونجيلة، بهدف صقل مواهب أبناء المحافظة من خلال ورش في الكتابة الأدبية، فن الريزن، الحلي، الرسم، والعروض الموسيقية.

في الوادي الجديد، أقيمت صالونات ثقافية وورش رسم على الفخار، وحكايات تراثية عن المساجد القديمة والموروث الواحاتي، بمشاركة الأطفال والأدباء، ضمن برامج إقليم وسط الصعيد الثقافي.

وبالمنيا شهد قصر الثقافة، ورشًا إبداعية في التلوين وتصميم الجدرانيات التراثية، إلى جانب ورش فنية لذوي الهمم، تحت شعار “في حب مصر”.

وأطلق قصر ثقافة الأنفوشي، بالإسكندرية،  ورشة “ابدأ حلمك” للدراسات السينمائية، لتأهيل الشباب في فنون كتابة السيناريو، التمثيل، التصوير، والمونتاج.

وفي طنطا وكفر الزيات وغزل المحلة،  بمحافظة الغربية، حكت قصور الثقافة سِيَر أدهم الشرقاوي، جحا، علي الزيبق، والشاطر حسن، في أسلوب تفاعلي يعيد سحر الحكاية إلى وجدان الأطفال.

وشهدت بنها وشبرا الخيمة، بمحافظة القليوبية، الملتقى الأول للعرائس التقليدية، تخلله عروض مبهجة لعرائس الماريونت، الأراجوز، وورش لتصنيع العرائس، والرسم على الوجه، ومسرحية “الزهور الجميلة” للأطفال.

صوت التراث.. حاضر يتنفس من ذاكرة الماضي

تأتي مبادرة “مصر تتحدث عن نفسها” في سياق برنامج ثقافي وطني شامل، يسعى إلى تأصيل الانتماء وغرس الوعي بالهوية المصرية، من خلال أنشطة تعيد التراث الشعبي إلى واجهة الحياة الثقافية، وتُقدّم للأطفال المعرفة مغلفة بالمتعة.

إنها مصر، حين تحكي عن نفسها، فهي لا تروي فقط سيرة وطن، بل تكتب مستقبلًا يستحقه أبناؤها.