اعترافات من الداخل: انهيار أخلاقي وصراعات في كواليس جماعة "الإخوان" - ايجي سبورت

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اعترافات من الداخل: انهيار أخلاقي وصراعات في كواليس جماعة "الإخوان" - ايجي سبورت, اليوم الأحد 13 يوليو 2025 09:24 مساءً

ايجي سبورت - في شهادتها على التنظيم الإخواني المصري من الداخل، كتبت الإخوانية الهاربة في نيوزيلندا، أسماء عبد الفتاح شكر، سلسلة من المنشورات الغاضبة والصادمة، كاشفةً ما يدور خلف كواليس التنظيم. ورغم ما قد يبدو انفعالًا شخصيًا، فإن هذه المنشورات تُعد توثيقًا حيًا لحالة الفشل والعجز التنظيمي، والانهيار الأخلاقي، وصراعات داخلية على المناصب والمكاسب والمغانم بين قيادات يُطلق عليهم وصف "الربانيين".

في الرابع عشر من ديسمبر 2024، كتبت أسماء شكر منشورًا عبر "الفيسبوك"، يكشف جانبًا من العراك الداخلي في الجماعة، والاتهامات المتبادلة بينهم. وقالت إنها هوجمت بشراسة بعد إبداء رأيها في أحد البرامج، ووصفت مهاجميها بـ"لجان الإخوان المجرمين" و"الأوباش الذين يزوّرون الوعي". كما اعترفت بأن إحدى قريبات قيادة إخوانية اتهمتها بالحصول على تمويل مشبوه، وألمحت إلى أنها تحتفظ بمعلومات أخطر قد تفضح مزيدًا من الفساد التنظيمي. وأضافت: "الحوار طويل جدًا جدًا جدًا.. .وخلاصة سنوات سوداء لا يمكن الحديث بشكل واضح عنها، ولكن هذه النماذج مسيطرة على كل شيء يخص الجماعة".

"خصومتي معكم للقبر، أيها الأنجاس"، بهذا التعبير الحاد القاطع، بدأت أسماء شكر منشورها الموجه إلى ما تسميه "لجان الإخوان" في الثامن والعشرين من ديسمبر 2024، وهي بهذا الوصف تحدثت عن تكوين تنظيمي تعرفه حق المعرفة، بحق مناصبها السابقة في الجماعة، منذ أن كانت "مسؤولة الإعلام لحزب الحرية والعدالة بمنطقة المهندسين والدقي في محافظة الجيزة بعد تأسيس الحزب"، ونهاية بتوليها منصب "المتحدث الإعلامي" باسم ما كان يسمى "نساء ضد الانقلاب" في دول الملاذ الآمن لتنظيمات الإرهاب. و"لجان الجماعة"، بحسب ما تشير إليهم، أفراد داخل التنظيم يديرون حملات التشهير والرد والتضليل باسم القيادة. و"اللجان" ليست مجرد تعبير رمزي، بل هي شبكات منظمة تنفذ أوامر قيادات بعينها، وعلى رأسهم "جبهة محمود حسين"، وهي جبهة الأقلية الثانية في ترتيب الأجنحة الإخوانية المتصارعة.

تكشف أسماء شكر، المعروفة بلقب "المرشد المحتمل"، عن الطبيعة القمعية التي تتعامل بها القيادات كأدوات للسيطرة داخل التنظيم. وهي "لجان قذرة"، حسب تعبيرها، و"لازم من فضحهم"، وتعرفهم جيدًا بـ"أسماء الصفحات المعتادة على قلة الضمير والتشويه، والأكونتات الفيك اللي بيستخدمونها من 2016".

الحديث عن حسابات مزيفة تُدار منذ سنوات، يوحي بوجود منظومة رقمية ممنهجة تُستخدم في تصفية الحسابات الداخلية، أكثر مما تُستخدم في نشر الشائعات والأكاذيب والمعلومات المغلوطة التي تستهدف تشويه مؤسسات الدولة المصرية وعدد من الدول العربية. وهذا ما يشير إلى اهتمام التنظيم في المقام الأول بالصراعات الداخلية الاستهلاكية.

وما يستحق التوقف عنده، في منشور آخر بتاريخ 14 مايو 2025، هو تشخيص الأخت لما تصفه بانحطاط أخلاقي وشخصي، وجرائم فاضحة في صفوف من يتولون زمام التنظيم، ومنهم من قالت إنه: "محامي النصب اللي بيعمل جوزات سفر مضروبة، وتاريخه كله نصب في نصب". وأضافت: "قلت أدخل أمسح بكرامة أمهم الأرض.. .وأقول ده كان شغال فين؟ ولما اتقفش راح سجل فيديو يطلب العفو من أسياده؟". كما تدعي أن خصومها داخل الجماعة هم "دلاديل القذرة هالة اللي تسببت في القبض على إخوة وأخوات عام 2018"، وعلى رأسهم من وصفتها بـ"خالتو هدى"، وعائشة خيرت الشاطر، وآخرون.

الانهيار الأخلاقي الذي تصفه هنا ليس مجرد اتهام فردي، بل عرض لتدهور المعايير داخل الجماعة. الاتهام باستخدام جوازات سفر مزورة، والتعاون مع أجهزة وجهات معادية للجماعة، يبرز مفارقة كبيرة: جماعة بنت أسطورتها على النقاء والطهارة الثورية، أصبحت - بحسب شهادة أحد أبنائها - حاضنة لمن تصفهم بأنهم "معدومي الرجولة" و"المتلونين حسب المصلحة".

من أبرز كلماتها الرد على سخريتهم من لقب "المرشد المحتمل"، الذي أطلقته أسماء شكر على نفسها: "مرشد محتمل غصب عن اللي خلفهم بردوا". وترى أن هذا الصنف من أعضاء الجماعة "أشباه الرجال.. .الأنجاس، معدومي الرجولة". وما تقوله الإخوانية الناقمة - رغم عنفه وتهجمه - يُفهم ضمن سياق أعمق: فقدان الثقة في القيادة، انهيار المرجعية، وصراع جبهات يتخذ شكلًا قذرًا داخل مجتمع كان يدّعي الطهارة. كلماتها لا تتحدث عن "الإخوان" كعدو من الخارج، بل كخطر داخلي يجب فضحه، وهذا ما يجعل شهادتها مهمة.

"واحنا بفضل الله ما عندناش حاجه في تاريخنا تكسفنا ولا نخبيها.. .مش بنتلون زيهم حسب المصلحة". في هذا السياق، تزعم أنها "وهي من مواليد 13 ديسمبر 1979" تتبنى خطابًا إصلاحيًا رافضًا لما آل إليه التنظيم، لكنها لا تخرج تمامًا من دائرة الولاء القديم. ما زالت تستخدم لغة "جماعتنا المباركة"، في إشارة ضمنية إلى أن الخلاف ليس مع التنظيم الإرهابي ككل، بل مع من يسيطرون عليه حاليًا.

كانت رسائل الأخت الغاضبة، بعضًا من ردود أفعالها على اتهامها بالتسبب في وصول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى مواقع العشرات من أعضاء الفصائل الفلسطينية في غزة، ممن كانت تتصل بهم للحصول على أخبار تزعم أنها تنفرد بنشرها في صفحتها الفقيرة الانتشار، وفي قناتها على تليجرام. كما اتهمها آخرون بالخيانة والعمالة وتلقي تمويل مشبوه والعمل على شق الصف الإخواني.

لم تعد جماعة "الإخوان" قادرة على إدارة الخلافات داخليًا، فتحولت إلى ساحة فضائح علنية على وسائل التواصل، تكشف عن انهيار أخلاقي، واتهامات بالفساد، والنصب، والتعاون مع جهات أجنبية. هذه الشهادات تصدر من داخل التنظيم نفسه، وعلى لسان من عاشوا هم وعائلاتهم سنوات طويلة في صفوفه، مثل أسماء شكر، التي لا تُعد من الخصوم التقليديين، بل من العناصر الفاعلة والمؤثرة في قلب الجماعة. وهذا يمنح أقوالها مصداقية خاصة، ولا سيما أن صفحتها "الموثقة بالعلامة الزرقاء" تجمع أطيافًا من أعضاء التنظيم الذين يتابعون منشوراتها ويتفاعلون معها.

لم تكن منشورات الأخت الغاضبة من جماعتها مجرد انفعالات عابرة، بل وثائق حية تكشف سقوطًا أخلاقيًا وتنظيميًا لجماعة يزعم أعضاؤها أنها "الفرقة الناجية". ما كتبته لم يكن خلافًا شخصيًا، بل شهادة داخلية على تحوّل "الإخوان" من تنظيم واحد إلى كيانات ممزقة، تُدار معاركها بلغة الشتائم والتخوين، فسقوط القداسة المزعومة لم يكن على يد خصوم الجماعة، بل بيد أبنائها أنفسهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق