المناخ في مواجهة العسكرة والشعبوية - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المناخ في مواجهة العسكرة والشعبوية - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 05:25 صباحاً

ايجي سبورت - صارت الدول الغربية التي كانت تريد فرض عقوباتٍ على بقية العالم بسبب المناخ، الأكثر سعياً لتجاوز ما ألزمت به نفسها تجاه المسألة البيئية. فمع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية، نعاين آثارها في هذا الصيف غير المسبوق في أوروبا، يبرز اتجاهٌ مُقلق. فالعديد من الدول الغربية تتراجع بهدوء عن التزاماتها المناخية في مواجهة أزمات جيوسياسية مُتفاقمة.

 

فقد غيّرت الحرب في أوكرانيا حسابات الطاقة الأوروبية جذرياً. وفي إطار عزمها على فطام صناعتها عن الغاز الروسي، أعادت  دول عدّة في الاتحاد الأوروبي، تشغيل محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم. في تراجعٍ مذهلٍ عن تعهدات إزالة الكربون التي قُطعت قبل بضع سنوات فقط. وبينما يُصرّ قادة الاتحاد على أن هذا التحوّل موقت، فإن الاعتماد المتزايد على الوقود الأحفوري يُقوّض بالفعل أهداف الاتحاد المتعلقة بالانبعاثات لعام 2030.

في الوقت نفسه، يُعدّ توسع عسكرة السياسة الخارجية الغربية عاملاً رئيسياً أيضاً، إذ تشير التقديرات إلى أن العمليات العسكرية تُسهم بأكثر من 5% من انبعاثات الكربون العالمية، وهو رقم من المرجح أن يرتفع مع ازدياد موازنات حلف شمال الأطلسي. ومع توجيه الحكومات مواردها نحو الدفاع، من المتوقع أن يعاني الاستثمار في المناخ من تراجعٍ كبير. بالتوازي مع ذلك، اتخذت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مواقف متشدّدة تجاه واردات التكنولوجيا النظيفة الصينية. وقد أدّت الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية والألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم - بمبررات اقتصادية وأمنية - إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية وإبطاء انتشار مصادر الطاقة المتجددة في الأسواق الغربية. بينما يُصرّ المسؤولون على "أمن سلسلة التوريد" و"المنافسة العادلة"، يُحذّر المنتقدون من أن ما يُسمّى الحمائية الخضراء يقوّض التعاون الدولي في مجال المناخ، حيث لا يمكن لطرفٍ أن يعالج أزمة المناخ بيدٍ واحدة.

لكن العامل الجيوسياسي يبدو أقل خطراً من تحوّلات السياسية في أوروبا وأميركا الشمالية. فتصاعد الأحزاب اليمينية المتطرّفة والشعبوية - وكثير منها معادٍ علناً لمسألة المناخ - جعل الإصلاح البيئي الطموح مكلفاً سياسياً. وهذا التغيير السياسي ليس عبثياً، إذ يواجه الناخبون الغربيون ارتفاعاً في تكاليف الطاقة، وعدم يقين اقتصادي، ومخاوف بشأن تراجع التصنيع، وهي ظروف تُغذّي التشكيك في المناخ وتُؤخّر عملية الانتقال. لذلك فإن الخطاب الشعبوي يمزج بتزايد بين المظالم الاقتصادية والشكوك حول أزمة  المناخ. من خلال التشكيك  في حدة تغيّر المناخ أو اتهام المدافعين عن البيئة بالمبالغة في الأزمة لأغراض سياسية أو مالية.

ومن أبرز عواقب تراجع الغرب عن التزاماته المناخية، تراجع التمويل الدولي للمناخ. فقد خفضت الولايات المتحدة، التي كانت في السابق مساهماً رئيسياً في الصناديق الخضراء العالمية، دعمها بشكل حاد، تحت تأثير رفض الرئيس دونالد ترامب وقاعدته الشعبية للمسألة المناخية، إذ تتبنّى أجنحة من الحزب الجمهوري هذه الرواية، وتصف سياسات المناخ  بأنها جزء من أجندة ليبرالية لتوسيع سيطرة الحكومة. وبالمثل، في أوروبا الشرقية، يقاوم قادة مثل فيكتور أوربان توجيهات الاتحاد الأوروبي المناخية، بحجة أنها تفرض أعباءً غير عادلة على الاقتصادات الوطنية.

 


وأحياناً، بدلاً من رفض العمل المناخي، تتبنى العديد من الأحزاب الشعبوية استراتيجية أكثر دهاءً، وهي تأخير التنفيذ، وتخفيف التشريعات، من خلال المطالبة بمدد أطول لخفض الانبعاثات أو تصر على استثناءات للصناعات الرئيسية بذريعة حماية المصالح الوطنية. وهذه التكتيكات تبطئ التقدم مع الحفاظ على مظهر المشاركة. والنتيجة نوع من الجمود في سياسات المناخ يجعل من الصعب تحقيق الأهداف الدولية مثل تلك المحددة في اتفاقية باريس.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق