نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إيطاليا: رحلة بالجندول في البندقية - ايجي سبورت, اليوم السبت 12 يوليو 2025 08:16 صباحاً
ايجي سبورت - البندقية، المدينة العائمة، ليست مجرد وجهة سياحية بل تجربة حسية متكاملة. شوارعها ليست من الإسفلت، بل من الماء، ومبانيها تبدو وكأنها تطفو فوق الزمن. وبين كل ما تقدمه هذه المدينة من سحر وفن وتاريخ، تبقى الرحلة بالجندول لحظة لا تنسى، وأحد أكثر الأنشطة ارتباطًا بالروح الفينيسية الأصيلة. فركوب الجندول لا يقتصر فقط على التنقل، بل هو احتفال بالجمال، وعودة إلى عصر رومانسي لا يزال ينبض في زوايا المدينة الضيقة وقنواتها المتعرجة.
الجندول: رمز البندقية الأبدي
الجندول ليس مجرد قارب عادي، بل تحفة فنية وموروث ثقافي له جذور تعود إلى قرون مضت. يتم صناعته يدويًا من أنواع خشب مختلفة، ويبلغ طوله نحو 11 مترًا، ويتحكم فيه "الجندولييه" وهو الشخص الذي يقف في مؤخرة القارب ويوجهه بدقة وخبرة. كان الجندول في الماضي وسيلة المواصلات الرئيسية في المدينة، واليوم أصبح رمزًا للرومانسية والتراث، ومطلبًا أساسيًا لكل من يزور البندقية لأول مرة.
تبدأ الرحلة غالبًا من أحد الأرصفة القريبة من ساحة سان ماركو أو جسر ريالتو، حيث تصطف الجندولات بانتظار ركّابها. ومع انطلاق القارب في القناة، ينفصل الزائر عن صخب المدينة ليغرق في هدوء الماء وصوت المجداف وهو يشق السطح بلطف. يمر الجندول تحت الجسور القديمة، بجوار المنازل والمباني التاريخية التي تبدو أقرب من أي وقت آخر، وكأنك تتنقل بين صفحات رواية كلاسيكية.
رحلة عبر القنوات الساحرة والتاريخ الصامت
كل جولة بالجندول في البندقية تحمل طابعًا خاصًا، يختلف حسب المسار والوقت الذي تختاره. بعض الرحلات تمر عبر القنوات الواسعة مثل "القناة الكبرى"، حيث تفتح المدينة ذراعيها وتعرض أجمل مبانيها من قصور وأبراج وأديرة قديمة. هذه القناة تعج بالحياة والقوارب من كل نوع، ما يجعلها مثالية لرؤية الجانب الحيوي من البندقية.
أما الرحلات التي تتسلل إلى القنوات الجانبية الصغيرة فتأخذ طابعًا أكثر حميمية وهدوءًا. هنا تمر بجوار نوافذ مغلقة تطل على الماء، وجدران تغمرها الأعشاب البحرية، وتسمع صدى صوت الجندولييه وهو يغني أحيانًا مقطوعات إيطالية تقليدية. البعض يفضل القيام بهذه الجولة عند الغروب، حيث ينعكس الضوء الذهبي على الماء ويضفي على المشهد سحرًا خاصًا لا يمكن وصفه بالكلمات.
تجربة لا تكتمل إلا بالمشاركة والشعور
رحلة الجندول ليست مجرد نشاط سياحي، بل هي لحظة مشاركة، سواء مع شريك حياة، أو صديق، أو حتى كرحلة فردية تأملية. الكثير من الأزواج يختارونها كجزء من شهر العسل أو الاحتفال بمناسبة خاصة، لأنها تضيف جوًا من الحميمية والتميز. كما يمكن تخصيص الرحلة حسب الرغبة، مثل اختيار موسيقى مرافقة، أو طلب مرشد يروي لك تاريخ المعالم التي تمر بها.
التكلفة قد تبدو مرتفعة للبعض، لكن ما تقدمه هذه التجربة من مشاعر وجمال يستحق كل يورو يُدفع. ولمن يبحث عن خيارات أكثر اقتصادية، هناك رحلات مشتركة أو عبّارات تقليدية يستخدمها السكان المحليون، لكنها تختلف كثيرًا عن خصوصية الجندول الأصيل.
في النهاية، الجندول ليس مجرد وسيلة للعبور، بل وسيلة للاتصال مع جوهر البندقية وروحها. إنها رحلة لا تُقاس بالمسافة، بل بالإحساس والانطباع. من الماء إلى القلب، ومن لحظة صامتة إلى ذكرى خالدة، يترك الجندول في البندقية أثرًا لا يُمحى من الذاكرة.
0 تعليق