مدى صلاحية رئيس الجمهورية في المفاوضة بعقد المعاهدات - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مدى صلاحية رئيس الجمهورية في المفاوضة بعقد المعاهدات - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 11:57 صباحاً

ايجي سبورت - د. إبراهيم العرب 

بعد الحديث عن اتجاه لتفعيل المادة 52 من الدستور التي تفوّض الى الرئيس صلاحية التفاوض على المعاهدات، يثور التساؤل حيال كيفية عقد المعاهدات وإبرامها في الدستور اللبناني. 
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن "المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها" كما جاء في المادة 52 من الدستور، هي اصطلاح يشمل جميع أنواع المعاهدات والاتفاقات المحددة والمصنفة في القانون الدولي. وهذا الاختصاص بالمفاوضة، يستطيع رئيس الجمهورية أن يمارسه بالاتفاق مع رئيس الحكومة، إلا أن إبرام المعاهدة من قبله ليس نهائياً لأن مجلس الوزراء يمارس صلاحية الإبرام بعيداً من رقابة البرلمان، إذ إنه لا يلتزم أن يُطلع البرلمان عليها، كما أقرّته المادة 52، إلا "حينما تُمكِّنه من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة"، مما يعني إذاً، أن في استطاعة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وبموافقة الحكومة، أن يربطوا لبنان بمعاهدات من أنواع شتى، من دون أن يعلم البرلمان بأمرها ومن دون نيل موافقته عليها. ومن الأمثلة على ذلك، اتفاق القاهرة بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية، والذي لم يعرض لا على المجلس النيابي ولا حتى على مجلس الوزراء، باعتبار أنّ الصلاحية في حينه، كانت من اختصاص رئيس الجمهورية وحده. إذ  كانت المادة 52 القديمة من الدستور تعطي رئيس الجمهورية صلاحية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها، من دون أي إشارة إلى دور مجلس الوزراء. ومع ذلك، لم يكن رئيس الجمهورية آنذاك يمارس هذه الصلاحية بمعزل عن رئيس الحكومة ووزارة الخارجية، خصوصاً أن التوقيع على المعاهدة وإبرامها كان يدخل في مقررات رئيس الجمهورية التي تحتاج التوقيع الوزاري الإضافي بحسب المادة 54 القديمة من الدستور.

 

 

 

 

 إلا أن التعديل الدستوري الصادر في 90/9/21 اشترط لإبرام المعاهدة، موافقة مجلس الوزراء على مضمونها، ومن ثم نزع من رئيس الجمهورية صلاحية الإبرام وإمكان عقد معاهدات سرية من دون موافقة الحكومة. ولكنّ الدستور ميّز بين نوعين من المعاهدات:
أولاً: المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة. وهذه المعاهدات لا يجوز إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب، ذلك أن الفقرة الأخيرة من المادة 52 من الدستور، تلزم على سبيل الاستثناء عرض هذه المعاهدات المحددة بالذات على المجلس النيابي للمصادقة عليها قبل إبرامها. 
ثانياً: المعاهدات الأخرى التي تعدّ نافذة بمجرد موافقة مجلس الوزراء عليها بعد قيام رئيس الجمهورية بالتفاوض في شأنها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، والتي يتم إطلاع البرلمان عليها حينما تمكنّه من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة.
في الخلاصة، إن خلفيات تعديل نص المادة 52 من الدستور اللبناني عام 1990، واضحة. منها ما هو مرتبط بنقل السلطة الإجرائية من رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، ناهيك بإعطاء دور مميّز في هذا الإطار لرئيس مجلس الوزراء، ومنها ما هو نتيجة تراكمات الاتفاقات التي حصلت في السابق، مثل إتفاق القاهرة بين لبنان والفلسطينيين عام 1969 الذي أبرمه الرئيس شارل حلو في حينه، وتكرر الأمر مع الرئيس أمين الجميل في اتفاق 17 أيار 1983، عندما وقّع السفير أنطوان فتال بتكليف من الرئيس الجميل على ذلك الاتفاق بالتعاون مع أميركا ممثلة يومها بالسفير موريس درايبر، لكن الجميّل لم يبرم هذا الاتفاق وفقاً لصلاحيته الدستورية آنذاك.
أما ما يحصل اليوم بين لبنان والأميركيين، فلا نعلم إذا ما إذغ كان سيؤدي إلى اتفاقية دوليية، ولكن رئيس الجمهورية هو من يتولى المفاوضة في عقدها وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها بأكثرية الثلثين، وفقاً لما يُفهم من أحكام المادة 65 من الدستور. 
وعليه، فإن الحديث عن اتجاه من رئاسة الجمهورية للمفاوضة في المعاهدات الدولية، لا يشكّل خرقاً للدستور بأي شكل من الأشكال، فحق الرئيس العماد جوزف عون هذا، هو دستوري وسيادي، ولا جدال حوله ولا مجال لتأويله أو الطعن فيه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق