عن الرجال و"البير" والإغارة والإمارة! #عاجل - ايجي سبورت

منوعات 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عن الرجال و"البير" والإغارة والإمارة! #عاجل - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 03:39 مساءً

ايجي سبورت -  

كتب: كمال ميرزا

يقول المثل الدارج: "عِد رجالك وارد البير"، أي أحصي رجالك قبل أن تُقدم على أي مواجهة، واعرف حدود قوّتك وقدراتك الحقيقيّة حتى تتصرّف في ضوئها.

واستخدام كلمة "رجال" هنا فيه إقرار ضمنّي بأنّ العنصر البشريّ، أو "الموارد البشريّة" كما يُطلق عليها بلغة العصر، هي العنصر الأهم من بين سائر عناصر القوّة.

معركة "طوفان الأقصى" المباركة منذ انطلاقها كانت وما زالت شاهداً حيّاً واثباتاً عمليّاً على صحة هذا المثل الشعبيّ المتوارث.

"الإنسان" هو العنصر الأهم، وهو العامل الحاسم، وهو "بيضة القبّان".. في أيّ صراع أو مواجهة!

هذا ما أثبته أهالي غزّة بصمودهم وثباتهم الذي لم يُسمع به لا في الأوّلين ولا في الآخرين!

وهذا ما أثبته أبطال المقاومة في غزّة الذين نراهم للعجب وقد انتقلوا بعد أكثر من (21) شهراً من القصف والنسف والدمار وحراثة الأرض حراثةً من "التصدّي" و"الاستحكام" إلى "الإغارة" على جرذان العدو المذعورين داخل آلياتهم ووراء جُدُرهم!

وهذا ما أثبته أبطال المقاومة جنوب لبنان، والذين استأسدوا في القتال وكأن كلّ واحد منهم هو آخر جنديّ صامد في الجبهة، ومنعوا العدو بجحافله وترسانته وماكينة حربه الشيطانيّة من التوغّل ولو متراً واحداً، وجعلوه يلهث للاستغاثة وطلب وقف إطلاق النار، وذلك رغم الطعنات في الظهر وأعداء الداخل، ورغم الضربات والهزّات العنيفة والخروقات الخطيرة التي تعرّض لها جسد المقاومة، وانقطاع اتصال المقاتلين على الأرض بهرم قيادتهم الذي تمّت تصفية كثير من رموزه!

وهذا ما أثبته "إخوان الصدق" اليمنيّون، الذين يملكون عمليّاً "لا شيء" بمقاييس الدول والعسكريّة، ولكنّهم بصدقهم وإخلاصهم امتلكوا كلّ شيء، وأصبحوا كابوس العدو الذي أتاه من حيث لا يحتسب، وألزموا الجميع الحُجّة بأنّ التنكيل بالعدو ممكن ولو من مسافة (2000) كيلو متر، وأنّ مقارعة "الربّ الأعلى" أمريكا وتمريغ أنفها بالتراب هي مسألة ممكنة وهينة وأسهل مما يتصوّر الجميع!

وهذا ما أثبته الإيرانيون بالتفافهم حول كيان دولتهم، المعارضة قبل الموالاة، و"الإصلاحيّون" قبل "المتشدّدين"، والعلمانيّون قبل المتديّنين، والساخطون قبل الراضين، وذلك عندما استشعروا الخطر الذي يتهدّدهم جميعاً، الأمر الذي مكّنهم من احتواء الضربة القاصمة التي تعرّضوا لها، واختراق العملاء والجواسيس لهم، وردّ الصاع للعدو الذي لم يسبق له وأن تعرض لمثل هذه العقاب رغم مكابرته وإنكاره، ورغم تواطؤ الإعلام معه من أجل إخفاء الحقائق والتهوين من هول الاستهداف والدمار الذي حلّ به..

وقبلها، هذا ما أثبته الإيرانيّون على مدار سنوات عندما كرّسوا أنفسهم كلّ في مجاله ومن موقعه لبناء قوّة دولتهم وقاعدتها العلميّة والتقنيّة والإنتاجيّة، والاعتماد أكثر وأكثر على الذات، رغم الحصار، ورغم العقوبات، ورغم المكائد والدسائس، ورغم تكالب القريب قبل البعيد، ورغم افتقارهم للترليونات (الفائضة عن الحاجة على ما يبدو) التي تهدرها سفاهة أصحابها على شراء "الشرعيّة" وقشور الحضارة المُعلّبة وتمويل المؤامرات والمكائد والدسائس!

وحتى ما حدث في سوريا هو دليل حيّ على صدق المثل أعلاه ولكن بالاتجاه المعاكس أو بالطريقة السالبة: انهار الإنسان.. فانهارت الدولة والجيش والنظام والمجتمع!

في المقابل،،

رغم التفوّق العسكريّ والتكنولوجيّ الهائل، ورغم الدعم اللامحدود وخزائن الأسلحة والذخائر المُشرعة على مصراعيها، ورغم مواسير الترليونات المتدفقة لدعم اقتصاد الدولة وماليّتها ومجهودها الحربيّ، ورغم الغطاء السياسيّ القذر والإعلاميّ الأشدّ قذارة، ورغم تواطؤ الخون والعملاء والأذناب من أبناء جلدتنا..

إلا أنّ مقتل العدو، ونقطة ضعفه المزمنة، والشوكة في خاصرة مخططاته ومؤامراته، والمسمار في نعش غطرسته وجبروته.. هو "العنصر البشريّ"!

سواء جنوده ومرتزقته الذين يصرخون ويولولون عند الصدام والمواجهة رجلاً لرجل وندّاً لندّ، أو يلوذون بالفرار، أو يعصون الأوامر ويرفضون الالتحاق بالخدمة، أو يصابون بالمسّ والانهيار النفسيّ فينحرون زملاهم وينتحرون!

أو مواطنوه الذين تخرّ ركبهم وتنهار معنوياتهم لدى سماع صفارة الإنذار، ويدوسون بعضهم البعض وهم يتدافعون إلى الملاجئ، ويهرعون لدى أقرب فرصة إلى المطارات والموانئ والمعابر للفرار من "وطنهم" والتخلّي عن "أرض ميعادهم" ولو تهريباً.. لولا أنّ السلطات تضطرهم إضراراً وتجبرهم إجباراً على البقاء والمكوث!

أو متديّنوه و"حريديمه" الذين يُفترض أنّهم أكثر الناس إيماناً بخرافاته التوراتيّة والتلمودية، ولكنّهم في نفس الوقت أحرص الناس على الحياة، وأكثرهم خوفاً من القتال، ونفوراً من لقاء "يهوه"، والموت و"الاستشهاد" في سبيله وسبيل العقيدة التي يدّعون أنّهم يؤمنون بها!

في ضوء ما تقدّم لا يمتلك المرء إلّا أن يتساءل مستغرباً: إذا كنّا كعرب ومسلمين نمتلك السلاح الأقوى والعامل الحاسم، العنصر البشريّ، فلماذا لا نستثمره إلى الحدّ الأقصى وبالشكل الأمثل؟!

لماذا لم نستغل كعرب ومسلمين الفرصة التاريخيّة السانحة التي منحنا إياها أهالي غزّة والمقاومة و"طوفان الأقصى"؟!

الجواب نجده في المَثَل نفسه: "عد رجالك وارد البير"!

فهذا المثل يقتضي بالضرورة أنّ الذي سيعدّ الرجال هو "رجل" أيضاً، ويمتلك ما يلزم من السجايا والحصافة ورجاحة العقل.

لكن عندما يقوم على الأنظمة العربيّة والإسلاميّة "صبيان" و"أنصاف رجال" من السفهاء والمُنسحقين وعديمي المروءة ومطعوني الذمّة، فمنذا الذي سيقود الرجال ويستثمرهم ويَرِدُ بهم البئر؟!

أمثال هؤلاء لا يستعينون إلّا بأشباه رجال على شاكلتهم، وهم على استعداد للفتك بالرجال الحقيقيّن وبالأوطان، والتنازل عن البئر والنهر والبحر والجمل بما حمل من أجل الحفاظ على كراسيّهم وألقابهم، ومن أجل الحفاظ على الفتات الذي يجود به العدو عليهم مقابل الخدمات و"الأدوار الوظيفيّة" التي يقومون بها هم وأسرهم والطغمة المحيطة بهم، ومن أجل الحفاظ على الثروات التي راكموها عبر السنوات بفضل فسادهم وارتزاقهم (من مرتزقة) وقطرزتهم (من قطروز) والغطاء الذي يمنحه العدو لهم!

لذلك، بموازاة مَثَل "عد رجالك وارد البير"، نجد "الحكمة الشعبيّة" تعطينا مثلاً آخر رديفاً حتى يستقيم الفهم وتكتمل الصورة: "عِدّي رجالِك عدّي من الأقرع للمصدّي"!

والمُخاطَب المؤنّث هنا في عبارة "عِدّي رجالِك.." هي البلدان والأوطان والشعوب.

وكلمة "الأقرع" في هذا المَثَل لا تعني المعنى الحرفيّ للكلمة، أي الشخص الذي فقد شعر رأسه؛ بل هي تعني الشخص الحاسر المنكشف العاري الذي يمشي بكلّ وقاحة بين الناس بالقرعة (أي بدون غطاء للرأس) ولا يبالي.. كناية عن انعدام المروءة والحياء والإحساس بالشرف والعار والالتزام والواجب!

أمّا "المصدّي" فمن الصدأ؛ أي المنخور والمتآكل والمتهاوي.

ما بين رجولة الإغارة وقرعة وصدأ الإمارة، للأسف، تضيع الأوطان!


قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : عن الرجال و"البير" والإغارة والإمارة! #عاجل - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 03:39 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق