نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حملة تحريض ضدّ المهاجرين في ليبيا… هل يستغلها الدبيبة لفتح معركة الجنوب؟ - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025 05:33 مساءً
ايجي سبورت - تشهد ليبيا حملة تحريض غير مسبوقة ضد المهاجرين الأفارقة تغذيها مخاوف من التوطين وصلت إلى حد استهداف أصحاب البشرة السمراء، وقُتل سوداني في أحد الحوادث، ما استدعى تحذيراً أممياً من "خطاب الكراهية".
وعلى مدى الأسابيع الماضية تعج وسائل التواصل الاجتماعي الليبية، بمقاطع فيديو لتجمعات الأفارقة خلال تجولهم جماعة في مناطق سكنهم أو عملهم وحتى من المساجد، أرفق معها تعليقات تحريضية ضدهم، وتزامنت مع دعوات للتظاهر لباها المئات مساء الجمعة في ميدان الجزائر بقلب العاصمة الليبية رفعت شعارات تطالب بطرد المهاجرين فوراً.
ويأتي ذلك، في وقت يعيش المهاجرون حالة من الهلع في ظل تصاعد حملات ملاحقتهم خلال الأيام الماضية، وفق الحقوقي المتخصص في ملف الهجرة طارق لملوم، الذي يُشير لـ"النهار" إلى أن "هناك الكثيرين تم طردهم من منازلهم وبعض النساء والعائلات لا يجدون مأوى. هناك اعتداءات حصلت وقُتل سوداني في مدرنة صبراتة (غرب ليبيا)، ونتوقع حوادث أخرى مماثلة". لكن لملوم يستبعد استمرار هذه الحملات التي "تُركز على الشريحة الضعيفة من المهاجرين، في المقابل لا تقترب من العمالة في المصانع والأسواق، لأنهم يعلمون جيداً أن ذلك سيتسبب في شلل الحركة الاقتصادية".
بدوره أطلق وزير داخلية حكومة العاصمة طرابلس عماد الطرابلسي تصريحات حملت علامات استفهام بشأن توقيت هذه الحملة وأهدافها، إذ أقرّ بأنّ "الهجرة غير الشرعية تؤثر على ليبيا أمنياً واقتصادياً واجتماعياً"، داعياً إلى "وقفة وطنية لمواجهة هذا التحدي"، بعدما اعتبر أنّ الملف "من أخطر التحديات التي تواجه الأمن القومي. وسنة 2006 شهدت مواجهات بين المواطنين والمهاجرين أسفرت عن ضحايا".
وقدّر الطرابلسي بأنّ أعداد المهاجرين غير الشرعيين داخل ليبيا "تجاوزت 3 ملايين شخص وهو وضع غير مقبول على الإطلاق"، رغم أن تقديرات المنظمات الدولية تشير إلى أن عددهم أقل من المليون حتى بعد اشتعال الصراع في السودان.
لكن لملوم أكد ان تقديرات الطرابلسي لأعداد المهاجرين "لا أساس لها من الصحة. تضخيم الأرقام يؤجج الشارع. السلطات الليبية لا تملك أي إحصاءات أو قواعد بيانات. ثم هو يتحدث عن من دخلوا إلى ليبيا لكنه لم يذكر من خرجوا منها، فهناك الآلاف خرجوا عبر البحر. التقديرات المعقولة تراوح بين نحو 800 ألف بعد أزمة السودان". ورأى أيضاً أن تصعيد التحريض ضد المهاجرين "وسيلة ضغط تستثمرها حكومة طرابلس، وتحديداً وزير الداخلية، للضغط على إيطاليا من أجل دفع ثمن استضافتهم".
بدوره، ترأس رئيس حكومة "الوحدة الوطنية" عبدالحميد الدبيبة اجتماعاً ضم أركان حكومته وأجهزته الأمنية، خُصص لمناقشة ملف الهجرة، لكن كان لافتاً أن الدبيبة لوح خلاله بالهجوم على الجنوب الليبي الذي يسيطر عليه "الجيش الوطني"، بعدما وجه اتهامات بـ "فتح" الحدود الجنوبية. ووجه حديثه إلى قائد اللواء "444" محمود حمزة، مطالبا إياه بالاستعداد لتأمين الحدود الجنوبية "بعدما نفذ صبرنا".
التصريح الذي أثار مخاوف من اشتعال الحرب مجدداً بين الفرقاء، لم ينتظر رئيس حكومة الشرق الموازية أسامة حماد طويلا للرد عليه، قائلاً: "يدّعي (الدبيبة) استعداده للدفاع عن الجنوب إلا أن الواقع يشير إلى عدم سيطرة حكومته سوى على مقرها في طريق السكة داخل العاصمة، ما يجعل من الأولى معالجة أوكار المهربين والمجرمين قبل التوجه إلى الجنوب، إن استطاع ذلك"، محذراً من أن "أي محاولة لتحريك وحدات مسلحة نحو الجنوب بحجة تأمين الحدود، سيكون بمثابة خطوة تصعيدية ستواجه بما يقتضيه الأمر من ردع وحزم".
وأمام هذا المشهد، دخلت البعثة الأممية للدعم في ليبيا على الخط، وأعربت، في بيان، عن بالغ قلقها إزاء "حملة المعلومات المضللة التي تؤجج التوتر في ليبيا وتحرض على خطاب الكراهية ضد اللاجئين والمهاجرين. إن المعلومات المضللة لا تؤدي إلا إلى تفشي الخوف وحالة العداء".
ووصف لملوم المخاوف من التوطين بـ"غير واقعية"، مؤكداً أن تداول القضية والترويج لها "خطاب شعبوي يتم استغلاله للمناكفة والنكاية بين الأطراف المتصارعة". وقال لـ"النهار": "الأزمة مفتعلة. نعم هناك مشاكل لكن يمكن معالجتها عبر تقنين الأوضاع، فمن يدعون إلى عدم توطين المهاجرين هم أنفسهم من يمارسون أفعال التوطين غير القانوني إذ لا يوجد تعاون ولا رغبة من الأغلبية، خصوصاً أصحاب المشاريع والأعمال والشركات والمصانع، ويفضّلون جلب عمال غير قانونيين من أجل تشغيلهم بأجور زهيدة والتهرب من الضرائب"، مضيفاً أن "أزمة المهاجرين قديمة في ليبيا ولا أعتقد انها ستُحل حتى بعد هذا التصعيد. الحكومات المتعاقبة مستفيدة من وجود عمالة غير منظمة، في بلد تضربه الفوضى يستحيل الاستغناء عن هذه العمالة ناهيك عن أعمال الاتجار في البشر والسُخرة".
وأشار لملوم إلى أن القانون الليبي "يحتاج إلى معالجة حتى يتناغم مع الاتفاقات دولية، إذ إنه لا يفرّق بين المهاجرين وطالبي اللجوء. وقد وضع الجميع في سلة واحدة، ويعتبر أنّ كل من يدخل الأراضي الليبية بطرق غير شرعية مخالف ويجب سجنه، لكن الحكومات المتعاقبة اصطدمت بوجود جنسيات طالبة للجوء، ليبيا لم توافق على اتفاقية العام 1951 المعنية باللجوء. مع ذلك مكتب مفوضية اللاجئين موجود في ليبيا منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي ويقوم بتسجيل هؤلاء وتقديم المساعدات ومعالجة عدداً من الأزمات".
وبالمثل، حذر رئيس المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان أحمد حمز، في تصريح لـ"النهار"، من أن "تجييش الشارع الليبي، وإثارة العُنف ضد المهاجرين سيكون له آثار وتداعيات خطيرة على ليبيا"، داعياً السلطات الليبية إلى "التعامل بحكمة وعقلانية مع الملف من خلال عمليات الترحيل والعودة الطواعية والحصر وتقنين الأوضاع والعمل على تأمين الحدود الجنوبية لوقف تداعيات الهجرة عبرها وتفكيك شبكات الاتجار بالبشر".
0 تعليق