نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رسالة إلى رئيس الحكومة: العدل أساس الملك - ايجي سبورت, اليوم الأربعاء 19 مارس 2025 02:31 صباحاً
ايجي سبورت - في محاولة من حكومة سعد الحريري الثالثة للتخفيف من العجز (والحقيقة الانهيار) المالي، قررت وضع رسم 6 سنتات على استخدام "الواتساب" باعتباره وسيلة التواصل الأكثر شعبية بين اللبنانيين، ما أدى إلى 17 تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2019، علماً أن الحريري استقال استجابة لرغبة الشباب المنتفضين في التغيير، على ما قال ببيان الاستقالة.
بدأت الحشود في أم المدائن بيروت ثم امتدت إلى الأيقونة الطرابلسية، وسرعان ما تمددت إلى معظم مدن الوطن المقهور والمخطوف والمنهوب وبلداته وقراه. في اليوم التالي أغلقت المصارف أبوابها للتداول في تداعيات انفجار أكبر أزمة مالية ونقدية ومصرفية تضرب البلد. استمر هذا الإغلاق حتى 31 تشرين الأول / أكتوبر 2019، مسجلاً أطول مدة إغلاق في تاريخ القطاع المصرفي اللبناني الذي لقب بدرة التاج الاقتصاد اللبناني. وسيشكل تاريخ 31 تشرين الأول جدار عار ضد فئة من المودعين المدخرين، حين ستحرم فتات التعاميم وتعاقب على قرارات تحويل شرعية وقانونية إلى الدولار تمت بموافقة المصارف والمصرف المركزي بعد هذا التاريخ.
لم ينطل على أحد أن التداول كان يقتصر على أركان المصارف وحسب، بل بدا كأن جميع أركان السلطة العاجزة والفاسدة والمتواطئة مع فائض قوة الحزب اللاهية، ومعظمها متمدد داخل مجالس إدارات المصارف، قد أرسلت شياطينها إلى محفل "الكو كلوكس كلان" المصرفي، حيث "ارتكبوا السبعة وذمتها" في تحويل الأموال وتهريبها للقوى والمافيات النافذة، وقرروا فرض كونترولهم الخاص على المودعين.
ورغم الخلافات القبائلية والمناكفات الكيدية المعروفة لأهل السلطة، والتي كان يوظفها ضابط الإيقاع المدجج في خدمة أيديولوجيته ومصالح راعيه الإقليمي، فقد اوكلوا إلى المايسترو المخضرم الحاكم رياض سلامة إدارة الأوركسترا النقدية والمصرفية. علماً أن هذه الأوركسترا فخخت لاحقاً بقرارات حكومة حسان دياب بالتعثر عن دفع الديون وبالدعم الكاذب وبغيرهما من القبائح، حتى أنها ساهمت في تمويل الكافيار في سلسلة المواد المدعومة التي صنفها الوزير العوني المرهف راؤول نعمة، فضلاً عن ضخ الدم الاخضر في شرايين نظام القتل والاجرام الاسدي السابق في سوريا عن طريق التهريب المرعي والمحمي.
هل نبالغ بوصف الإغلاق الأسود للمصارف بخلوة "الكوكلوكس كلان" المصرفية؟ وقد قفز التعبير إلى ذهني أخيراً من الموت المفجع للممثل المبدع جين هاكمان وزوجته. وهاكمان كان قد أدى دور تحر فيديرالي في فيلم "مسيسيبي تحترق"، وهو يكشف فيه دور النافذين في جرائم الكوكلوكس كلان العنصرية في المسيسيبي. لا أظن أن الصورة عندنا كانت مغايرة، إذ لم يكتف ثلاثي السلطة السياسية/ مصرف مركزي/ مصارف، بسوء استخدام وسوء ائتمان وصولاً الى نهب ودائع المودعين وإهدارها، بل عمل على رسم معالم إهدار ما تبقى، فضلاً عن تشريع تجفيف الودائع بواسطة تعاميم استنسابية أصدرها الحاكم بموافقة مجلسه المركزي .
ثم ألم تؤد الخلوة وتوابعها ومقدماتها إلى اكتئاب الكثيرين الذين فقدوا جنى عمرهم وانهار نمط عيشهم وانهيارهم وموتهم، وعجز الكثيرين حتى عن الاستشفاء وشراء الدواء، علماً أن بعض المصارف لاحقت وما زالت تلاحق فلس الأرملة؟
لن ندخل في تحليلات طويلة لتعاميم وقرارات سكب من أجلها الحبر الكثير ، بل سنذكر ببعض الأسس التي ارتكزت عليها إدارة السيد سلامة بغياب عملي مقصود من السلطات التي اكتفت بالتعثر عن دفع الديون وبالدعم المافيوزي:
أولاً: شكل التعميم 150 باعتماد الفريش دولار مسماراً أولياً في نعش دولار الودائع المحجوزة. وعلى رغم إيجابيته في فتح كوريدور شفاف لتحويلات التجار والأهل، إلا أن المستفيد الأساسي منه كانت المصارف التي تعاملت بالأجرة وعلى القطعة كأنها شركات مالية. علماً أن كوريدورات التحويل المافيوزي في الظلمة لم تتوقف.
ثانياً- تلاه التعميم 151 الذي شرع علناً من دون اي مسوغ قانوني "الهيركات" الاجرامي الذي اطلق العنان لتجارة الشيكات المافيوزية. و مازالت مفاعيل التعميم حاضرة على رغم إلغائه من الحاكم بالانابة الدكتور وسيم منصوري منذ أكثر من سنة.
ثالثاً- ثم أتى التعميم 158 الذي وضع جدار عار جديداً بين الودائع الدولارية قبل الإغلاق الأسود وبعده، حارماً عشرات ألوف المدخرين الذين حولوا شرعياً بعد 31 تشرين الاول 2019 من فتات التعميم، مخترعاً نظرية الوديعة المؤهلة من دون أي وازع أو رادع، دافعاً بهذه الفئة نحو "هير كات" إجباري لتجفيف مدخراتهم.
تجدر الإشارة الى أن التعميم استثنى النقابات والصناديق والجمعيات، كما فخخ بمجموعة من الاستثناءات ساعدت بعض أصحاب المصارف على التحايل والتهرب من التطبيق في حالات كثيرة، على رغم التعديلات والتصحيحات، من دون قدرة للمودع المظلوم على المواجهة. لذا نطالب القاضي الأرفع الدكتور نواف سلام بأن تأخذ حكومته فوراً القرارات الاتية:
أولاً: قراراً صريحاً من دون لبس بالإلغاء الفوري لحاجز العار وبدعة الوديعة غير المؤهلة. وهذا يستدعي:
أ- وقف كل مشاريع الحلول التي تستند الى هذه الفكرة الاجرامية. علماً أن رفع السرية المصرفية يساعد على كشف تجار الفوائد والشيكات ومن ساعدهم في السلطات السياسية والنقدية والمصارف.
ب- توحيد فوري لقيمة مفاعيل التعميمين 158 و166 وتعويض ضحايا التعميم 1587 بشكل عادل وممكن.
ثانياً: وقف فوري لمفاعيل الـ151 وإبدال الـ15000 بسعر السوق مع الإبقاء على السقف المقرر أو تعديله لاحتواء التضخم، كما أوضح وزير المال ياسين جابر على الهواء في حلقة من حلقات "صار الوقت".
ثالثاً: إيجاد وسيط عادل وذي صدقية بين المصارف والمودعين لوقف تجاوزات بعض المصارف، سواء التهرب من تطبيق التعاميم المعدلة على المستحقين، أو المبالغة في الأكلاف والاقتطاعات الشهرية. في الواقع، نحن لا نتمنى أن نسمع جواباً أن الحكومة ستعد مشروعاً شاملاً لحل أزمة الودائع، إذ لا نشك في جديتها وصدقية رئيسي الجمهورية والحكومة اللذين التزما حلاً عادلاً لازمة الودائع، ورفعا منسوب الأمل عند اللبنانيين. إلا أن أي حل جذري وقابل للتطبيق ولاعادة الثقة بالنظام المصرفي، يتطلب التحضير والإعداد الكبيرين، مما يعني إطالة أمد الظلم الناتج من التمييز الاستنسابي الذي افتعله رياض سلامة بالتعميم 158، ولم ينهه منصوري بالتعميم 166.
لذا الأعدل هو التوحيد الفوري لقيمة مفاعيل التعميمين، مع تعويض عادل لضحايا التمييز. كما لوقف فوري للهيركات بـ 15000 واعتماد آلية تتناسب مع طرح الوزير جابر. وإذ لا نقلل البتة من الظلم الواقع على جميع المودعين غير النافذين على طرفي الجدار، فإننا نفضل اتباع قاعدة "ظلم في السوية عدل بالرعية"، فالعدل أساس الملك، ولا نخال القاضي الأرفع يقبل استمرار الظلم العاري.
-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية
0 تعليق