نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صفقة القرن في قناة بنما: هل تحاصر الولايات المتحدة تجارة الصين؟ - ايجي سبورت, اليوم الخميس 20 مارس 2025 01:40 مساءً
ايجي سبورت - في خطوة مفاجئة أثارت غضب بكين، وأعادت تسليط الضوء على التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، أعلنت شركة "سي.كيه هوتشيسون هولدنجز" الصينية اعتزامها بيع حصتها في شركة تشغيل الموانئ في بداية ونهاية قناة بنما إلى اتحاد شركات يضم شركة الاستثمار المالي الأميركية بلاك روك، في صفقة ضخمة بلغت قيمتها 23 مليار دولار.
رد فعل الصين وهونغ كونغ
أثار الإعلان عن الصفقة جدلًا واسعًا، حيث انضم جون لي، رئيس السلطة التنفيذية لهونغ كونغ، إلى دائرة النقاش. ففي مؤتمر صحفي أسبوعي، أشار إلى أن هذه الصفقة خضعت لنقاش مكثف، وأثارت مخاوف، لكنه امتنع عن تحديد طبيعة هذه المخاوف. كذلك أكد رفض هونغ كونغ لأي ممارسات تنطوي على الإكراه أو التنمر في العلاقات التجارية الدولية، من دون أن يذكر الولايات المتحدة أو الرئيس السابق دونالد ترامب بشكل مباشر.
إلى ذلك يشدّد الباحث الاقتصادي د. محمد موسى، في حديثه لـ"النهار"، على أن "الحكومة الصينية تنظر بقلق بالغ إلى هذه الصفقة، خاصة أن جزءًا كبيرًا من تجارتها يعبر قناة بنما، في حين أن الأصول والموانئ التي كانت تحت إدارة الشركات الصينية أصبحت اليوم تحت سيطرة شركات أميركية، بل شركات تدور في فلك الرئيس ترامب نفسه. من هنا، فإن لهذه الصفقة تداعيات جيوسياسية مهمة ستؤثر بلا شك على حركة التجارة الصينية عبر قناة بنما، رغم أن الحكومة البنمية لم تظهر حتى الآن أي موقف تحدٍ تجاه الصين، بل تسعى للحفاظ على موقعها كنقطة تواصل تجاري مفتوحة".
الموقف الأميركي والتداعيات السياسية
الصفقة تأتي في وقت حساس من تاريخ العلاقات الصينية-الأميركية، حيث يرى العديد من المحللين أن واشنطن تسعى إلى تقليل النفوذ الصيني على الموانئ الاستراتيجية، خاصة تلك المتصلة بالممرات التجارية الحيوية مثل قناة بنما. وكان ترامب قد انتقد سابقًا تخلي الولايات المتحدة عن السيطرة على القناة لصالح بنما عام 1999، معتبرًا أن الرئيس الأسبق جيمي كارتر ارتكب خطأ فادحًا بهذا القرار.
أهمية قناة بنما والموانئ المعنية
تعتبر قناة بنما من أهم الممرات المائية في العالم، حيث تمثل السفن المتجهة من وإلى الموانئ الأميركية نحو 70% من حركة المرور البحرية عبرها. وتشمل الصفقة بيع حصص في ميناءي بالباو وكريستوبال، الواقعين عند مدخل ومخرج القناة، إلى جانب موانئ أخرى في المكسيك، هولندا، مصر، أوستراليا، باكستان، وغيرها.
يشرح موسى بأنّ "قناة بنما تمثل عنصرًا استراتيجيًا بالغ الأهمية للصين، حيث تمر عبرها نسبة كبيرة من تجارتها، مما يجعلها جزءًا أساسيًا في سلاسل التوريد والطاقة والاستيراد. وبذلك، فإن السيطرة الأميركية على هذه الأصول تعني فقدان الصين لنقطة تنافسية حيوية أمام الولايات المتحدة".
أبعاد الصفقة
ظاهريًا، يمكن اعتبار الصفقة تجارية بحتة، حيث تخلت الشركة عن أصولها لصالح "بلاك روك" نتيجة عوامل اقتصادية ومالية؛ وبالتالي استحوذت عليها شركات وصناديق استثمارية عملاقة، مما لا يشكل تهديدًا مباشرًا للتجارة العالمية أو لحركة التجارة الصينية. لكن التعمق في أبعاد الصفقة، بحسب موسى، يوضح بأنها جاءت في سياق الضغوط والتهديدات التي وجهها الرئيس ترامب إلى بنما كما نجد أن أصولًا استراتيجية في مجال النقل البحري المرتبط بالتجارة الصينية أصبحت تحت الهيمنة الأميركية.
ثمة ثلاثة أطراف معنية بهذه الصفقة:
1. الحكومة البنمية: من مصلحتها استمرار التجارة الصينية عبر القناة، نظرًا للعائدات الكبيرة التي تجنيها من ذلك؛ ولذلك ستظلّ داعمة لاستمرار حركة الملاحة.
2. الشركات المتخصصة في الملاحة والخدمات اللوجستية: ستواصل دعم التجارة الصينية، حيث إن بقاء القناة مفتوحة يحقق مصالحها الاقتصادية.
3. الإدارة الأميركية: تسعى إلى الحدّ من نفوذ الصين. ويبدو أن الاستحواذ على هذه الأصول ليس مجرد خطوة تجارية، بل هو جزء من استراتيجية أوسع للضغط على بكين.
من الجدير ذكره أن الرئيس ترامب سبق أن وصف قرار الرئيس كارتر بإعادة سيادة قناة بنما إلى الحكومة البنمية بأنه "قرار غبي"، في الوقت الذي لم يتوقف فيه عن تهديد بنما وكندا بشأن قضايا مختلفة، مما يعكس رغبته في إعادة بسط النفوذ الأميركي على القناة. وعليه، فإن هذه الصفقة قد لا تكون مجرد استثمار اقتصادي، بل أداة ضغط استراتيجية على الصين في المستقبل.
رغم هذه التحولات، تؤكد حكومة بنما أنها تحتفظ بالسيطرة الكاملة على القناة، وأن هذه الصفقة لا تعني استعادة أميركا لأي نفوذ على الممر الملاحي، على عكس ما قد توحي به بعض التحليلات السياسية.
أبعاد الصفقة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي
إذا اكتملت الصفقة، فإن اتحاد الشركات بقيادة بلاك روك سيهيمن على43 ميناء في 23 دولة، مما يعزز من نفوذ الشركات الأميركية على التجارة العالمية، ويضع مزيدًا من الضغوط على الاستثمارات الصينية في قطاع الموانئ. وتعكس هذه الخطوة كذلك كيف يمكن أن يؤثر تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين على قرارات الشركات الصينية الكبرى، خاصة تلك التي تتخذ من هونغ كونغ مقرًا لها.
لا شك في أن الحكومة الصينية تنظر بقلق بالغ إلى هذه الصفقة، خاصة أن جزءًا كبيرًا من تجارتها يعبر قناة بنما، في حين أن الأصول والموانئ التي كانت تحت إدارة الشركات الصينية أصبحت اليوم تحت سيطرة شركات أميركية، بل شركات تدور في فلك الرئيس ترامب نفسه.
ومن هنا، فإن لهذه الصفقة تداعيات جيوسياسية مهمة ستؤثر بلا شك على حركة التجارة الصينية عبر قناة بنما، رغم أن الحكومة البنمية لم تظهر حتى الآن أي موقف تحدٍ تجاه الصين، بل تسعى للحفاظ على موقعها كنقطة تواصل تجاري مفتوحة. ولكن يبقى السؤال: هل سيظل ترامب متساهلًا بعد أن أصبحت هذه الأصول تحت سيطرة الشركات الأميركية، خاصة في ظل الحرب التجارية المحتدمة بين الولايات المتحدة والصين؟ من المرجح أننا سنشهد تحولًا جديدًا في العلاقات التجارية على ضوء هذه الصفقة.
تمثل هذه الصفقة اختبارًا جديدًا للعلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية مع الأبعاد السياسية والجيوستراتيجية. ومع انتظار موافقة السلطات البنمية، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح الصين في حماية نفوذها في قطاع الموانئ العالمي، أم أن الولايات المتحدة ستتمكن من تقليص هذا النفوذ عبر تحركات استثمارية مشابهة؟
0 تعليق