نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مسمارا جحا اللبناني والسوري - ايجي سبورت, اليوم الجمعة 21 مارس 2025 03:21 صباحاً
ايجي سبورت - تعيد الاشتباكات المتكررة على الحدود اللبنانية - السورية، لجهتي الهرمل اللبنانية وحمص السورية، طرح إشكالية العلاقات بين البلدين التي تشهد بين الفترة والأخرى توترات، على خلفيات سياسية، أو اقتصادية، أو امنية وعسكرية.
يتقاتل لبنانيون وسوريون على الحدود الشرقية للبنان. يقتلون بعضهم بعضاً بحقد تعكسه التغريدات والتدوينات والفيديوات في مواقع التواصل الإجتماعي، كما الجثث المرمية هنا وهناك على جانبي الحدود. الاشتباكات لم تعد مجرد حوادث فردية تقوم بها عناصر غير منضبطة من هنا ومهربو مخدرات من هناك، بل هي انعكاس لتوتر بين البلدين وبشكل خاص بين شرائح من الشعبين.
العلاقة ما بين البلدين والشعبين قد تكون من أكثر العلاقات تعقيداً بين الدول والشعوب، رغم إدراك الجميع فيهما واعترافهم بأن لا غنى لواحدهما عن الآخر بحكم التاريخ والجغرافيا والمصاح المشتركة...وحتى أواصر القربى وبنية المجتمع.
مئة عام ونيف بعد إعلان لبنان الكبير عبر فصل أجزاء من سوريا وضمها إلى جبل لبنان، لم تقنع سوريين ولبنانيين كثراً بنهائية حدود البلدين وبما أفرزته هذه الحدود من تمايزات أخذت تتعمق مع الوقت. ربما لم تكن عملية فصل التوأمين السياميين ناجحة كلياً، او ربما اصابتهما مضاعفات لم تكن متوقعة عند إجراء العملية من مثل التغيرات الديموغرافية وتداعيات إنشاء إسرائيل والحروب المتتالية في المنطقة وما تبعها من موجات نزوح واعباء مختلفة، على لبنان خصوصاً.
علاقة اللبنانيين بالسوريين هي ذات بعد سوسيولوجي ونفسي، ليست السياسة والتدخلات العسكرية وحدها محدد هذه العلاقات، وهي علاقة تحمل في طياتها عناصر سلبية وأخرى إيجابية في آن واحد. في تناقض غريب قد يحب اللبناني نظيره السوري اليوم ويكرهه غداً، وبالمثل يفعل السوري الشيء نفسه. كان اللبناني تاريخياً يعتبر نفسه متقدماً على السوري، ويمارس فوقيته عليه، فالأخير في لبنان إما عامل فقير وإما هارب من نظام ظالم وبطاش. من الصعب إخفاء نظرة الاستعلاء اللبنانية حيال السوريين، كما من العبث إنكار صعود نظرة الاستعلاء السورية على اللبنانيين مذ أصبح البلد تحت حكم المخابرات السورية منذ 1976 حتى 2205 وتحكمها بكل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية...وصولاً إلى الحياة الشخصية.
كرست الإدارة السورية للبنان خلال نحو ثلاثين عاماً الإنقسامات في البلد المنهك من الحرب الأهلية ودفعتها في اتجاهات طائفية، أولاً بين مسلمين ومسيحيين، ثم بين مسلمين ومسلمين، حتى صار الجميع أعداء الجميع، رغم كل النفاق الإعلامي. القلوب المليانة انفجرت عام 2005 إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ثم مع اندلاع الثورة الثورية وما تبعها من حوادث لاتزال تتوالى فصولها حتى اليوم على الحدود.
عمقت الحرب السورية الإنقسامات داخل سوريا واستطراداً داخل لبنان، وبين البلدين، ووضعت العلاقات بين البلدين والشعبين في أزمة. ليس سراً ان دخول "حزب الله" الحرب إلى جانب نظام بشار الأسد أثار ضده (وتالياً ضد الشيعة) في لبنان موجة عداء واسعة في أوساط السنة في سوريا ولبنان والعالم العربي السني إجمالاً، وليس سراً أيضاً أن ممارسات "داعش" وغيره من التنظيمات الجهادية، أثارت عداء واسعاً ومخاوف كبيرة لدى اقليات طائفية ومذهبية في سوريا وبلدان المنطقة.
سقوط نظام الأسد أيقظ لدى (المنتصرين) الحاليين السوريين رغبة في الإنتقام من رموز النظام وبيئته الطائفية وحماته المحليين والإقليميين، هذه الرغبة تم التعبير عنها على الأرض عملياً في سوريا وفي الفضاء العام عبر مواقع التواصل الإجتماعي. فهل كان أحد يتوقع ألا ينفجر الوضع الأمني في المنطقة الأكثر حساسية بالنسبة إلى التنظيمات السورية وأنصارها، وهي منطقة الحدود اللبنانية - السورية بين الهرمل من جهة وحمص من الجهة الأخرى، والتي منها دخل "حزب الله" إلى الحرب السورية ثم أقام فيها قواعده، خصوصاً في مدينة القصير وما تبعها من مدن القلمون وقراها وصولاً إلى الزبداني ومعلولا؟
مشكلة التداخل اللبناني - السوري على الحدود حيث تنفجر الاشتباكات مرة بعد مرة، هي مسمار جحا اللبناني في سوريا ومسمار جحا السوري في لبنان، والمسمار عصي على القلع لئلا تمس مقدسات الحدود وحقوق الطوائف والعشائر والتنظيمات وعصابات التهريب.
القصة أصبحت قصة حقد متبادل ظهر واضحاً في ردود الفعل المتعددة على ما يجري على الحدود، من دعوات إلى الانتقام في الجنوب اللبناني وبعلبك وطرد السوريين وحتى الاعتداء عليهم، إلى تعليق صور أحمد الشرع في طرابلس وغيرها، هذا الحقد يتحمل مسؤولية إهماده الجيشان خلف الحدود. من دولة إلى دولة، والا ساد حكم العشائر وأذرعها العسكرية وحماياتها الحزبية من جهة وحكم الميليشيات والتنظيمات المنفلتة من جهة أخرى، وكل ذلك خلف أقنعة مذهبية وطائفية تنذر بالويل.
0 تعليق