ايجي سبورت - تشهد السياحة الأمريكية تراجعًا ملحوظًا، حيث تُثني القيود المتزايدة على الهجرة والمخاوف المتزايدة من الاحتجاز في ظل سياسات الرئيس دونالد ترامب الزوار.

مع تزايد عدد الحالات البارزة التي احتُجز فيها مسافرون، حتى في حال عدم ارتكابهم أي مخالفة واضحة، يُحذر الخبراء من أن هذه الإجراءات قد تُخلف آثارًا سلبية طويلة الأمد على السياحة إلى الولايات المتحدة.

ارتفاع معدلات الاحتجاز وردود الفعل الدولية

أثارت التقارير الأخيرة عن احتجاز مسافرين غربيين على الحدود الأمريكية قلقًا بالغًا، حيث قضى العديد منهم فترات طويلة في مراكز احتجاز في ظروف سيئة.

من الأمثلة اللافتة للنظر، احتجاز سائحة بريطانية، تُدعى بيكي بيرك، لمدة ثلاثة أسابيع في مركز احتجاز أمريكي رغم عدم توجيه أي تهم جنائية إليها أو انتهاكها الواضح لقواعد الهجرة. وبالمثل، احتُجز ثلاثة مواطنين ألمان، من بينهم مواطن أمريكي يحمل البطاقة الخضراء، في مطار لوغان في بوسطن دون سبب واضح لاعتقالهم.

قد دفعت هذه الحالات إلى تغيير في تحذيرات السفر من دول متعددة. حدّثت ألمانيا إرشادات السفر الخاصة بها للتحذير من خطر الاعتقال والاحتجاز، بينما حذّرت وزارة الخارجية البريطانية مواطنيها من احتمال احتجازهم على الحدود الأمريكية. تعكس هذه التحذيرات المشددة القلق المتزايد لدى المسافرين، لا سيما مع تزايد صعوبة التنبؤ بنظام الهجرة الأمريكي.

اقرأ أيضًا: من كلينتون إلى ترامب.. كيف تلاعب بوتين بالرؤساء الأمريكيين وأغراهم؟

السياحة الأمريكية: توقعات بخسارة 64 مليار دولار

تتجلى آثار هذه الإجراءات الصارمة بالفعل في أعداد السياح. فقد توقعت مراجعة حديثة لتوقعات شركة “اقتصاديات السياحة” انخفاضًا بنسبة 9% في السياحة الأمريكية هذا العام، وهو ما يتناقض تمامًا مع التوقعات السابقة بزيادة قدرها 5%.

من المتوقع أن يؤدي هذا الانخفاض إلى عجز قدره 64 مليار دولار في قطاع السياحة الأمريكي. وقد شدد آدم ساكس، رئيس “اقتصاديات السياحة”، على أن الخسارة لا ترجع فقط إلى السياسات الفعلية، بل أيضًا إلى الخطاب المُحيط بموقف إدارة ترامب من الرسوم الجمركية والهجرة، والذي أدى إلى نفور العديد من الزوار المحتملين.

كندا وحلفاؤها الغربيون يشعرون بالضائقة المالية

كان التراجع حادًا بشكل خاص بين المسافرين من كندا، التي استهدفتها تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية مُعيقة، بل وحتى ضمها. وقد تراجعت أعداد المسافرين الكنديين بالفعل، حيث انخفضت حركة المرور من كندا بنسبة 23% في فبراير 2025.

كما شهد السفر الجوي انخفاضًا ملحوظًا، بنسبة 13% على أساس سنوي. وقد تصدرت ممثلة كندية عناوين الصحف مؤخرًا بعد تكبيلها بالأصفاد ونقلها إلى مركز احتجاز رغم عدم توجيه أي اتهام لها، مما يُبرز التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وجارتها الشمالية.

وأشارت نيري كارا سيلامان، خبيرة ريادة الأعمال في جامعة أكسفورد، إلى أن العديد من المسافرين المحتملين يعتبرون دخول الولايات المتحدة “صعبًا للغاية أو غير متوقع”. وأعربت عن ترددها في زيارة البلاد، حتى وهي حاملة تأشيرة أمريكية ومتزوجة من أمريكي، مشيرةً إلى خطر الاحتجاز أو المنع التام من الدخول.

يتجلى هذا الغموض المتزايد في تحذير المسافرين من دول أخرى، بما في ذلك الدنمارك وفنلندا، من صعوبات محتملة في دخول الولايات المتحدة بسبب التغييرات في سياسات الاعتراف بالجنس، حيث لا تعترف إدارة ترامب إلا بجنسين.

الاتجاهات المتغيرة بين الدول الغربية

لعل الجانب الأبرز في الوضع الحالي هو تورط مواطنين من دول حليفة تقليديًا. فبينما واجه المسافرون من مناطق مثل الهند والشرق الأوسط تحديات احتجاز في الماضي، من غير المعتاد رؤية مسافرين من أوروبا الغربية وكندا يُحتجزون بهذه الوتيرة.

أكد بيدرو ريوس، مدير لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكية، على الطبيعة غير المسبوقة لهذه الاعتقالات، مشيرًا إلى أنه خلال خبرته الممتدة لـ 22 عامًا على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، لم يشهد مثل هذه الحوادث المتكررة التي تشمل مسافرين من دول غربية.

يشير هذا التحول في إنفاذ قوانين الهجرة إلى نهج أكثر صرامة بكثير في أمن الحدود، مدفوعًا بالمناخ الحالي المناهض للهجرة في الولايات المتحدة. ويجادل ريوس بأن الأساس المنطقي وراء هذه الاعتقالات غالبًا ما يبدو غامضًا، وأن المناخ السياسي الأوسع، الذي شكلته سياسات إدارة ترامب، هو المسؤول.

تداعيات أوسع على السفر العالمي

يثير المناخ الحالي المحيط بسياسات الهجرة الأمريكية تساؤلات أوسع حول تأثير ذلك على السفر العالمي والدبلوماسية الأمريكية.

فمع تزايد العداء تجاه الزوار الأجانب، وخاصةً القادمين من الدول الحليفة تقليديًا، تُخاطر الولايات المتحدة بعزل ليس السياح فحسب، بل أيضًا علاقاتها الدولية المهمة. ومن المرجح أن تُثني هذه الاعتقالات المسافرين في المستقبل، وخاصةً القادمين من دول ذات علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، مثل كندا والدول الأوروبية.

يُغيّر الخوف المتزايد من الاحتجاز التعسفي نظرة الناس إلى السفر إلى الولايات المتحدة. فمع تزايد حذر المسافرين العالميين من المخاطر المُحتملة، يواجه قطاع السياحة في البلاد احتمال انخفاضٍ طويل الأمد في عدد الزوار الأجانب، مما يؤثر في نهاية المطاف على اقتصادها ومكانتها الدولية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط