ايجي سبورت - كتبت – هاجر هشام

في تطور علمي يبعث الأمل وسط أزمة المناخ المتفاقمة، كشف علماء عن اكتشاف بئر ضخم في قاع منجم كروميت عميق في ألبانيا يحتوي على احتياطيات تقدر بـ200 مليون طن من الهيدروجين النظيف، وهو اكتشاف مصدر طاقة نظيف يكفي البشرية آلاف السنين، وبحسب تقارير نشرها موقع "Ecoportal" فإن هذا الاكتشاف يمثل ثورة محتملة في عالم الطاقة المستدامة.

اكتشاف مصدر طاقة نظيف يكفي البشرية آلاف السنين

أفادت دراسة حديثة نشرت في مجلة "ساينس" أن النبع المكتشف في أعماق المنجم ينتج حوالي 200 طن من الهيدروجين سنوياً، بمعدل تدفق يفوق أي تسجيل سابق للهيدروجين الطبيعي بـ1000 مرة مقارنة بمناطق جيولوجية مشابهة، ووصف العلماء الموقع بأنه "جاكوزي طبيعي"، حيث تعج بركة بمساحة 30 متراً مربعاً بفقاعات الهيدروجين شبه النقي، مما يشير إلى إمكانات هائلة للاستفادة من هذا المورد.

وأشارت التقارير الصادرة عن معهد علوم الأرض إلى أن الخزان الأكبر الموجود في منطقة صدع أسفل أرضية المنجم قد يحتوي على كميات تكفي لتزويد العالم بالطاقة لآلاف السنين، وفقاً لمحاكاة أجراها الباحثون، وعلى الرغم من أن صناعة البتروكيماويات تنتج حالياً 100 مليون طن من الهيدروجين سنوياً، فإن هذا الاكتشاف يتميز بكونه مصدراً طبيعياً ونظيفاً، مما يعزز من قيمته البيئية والاقتصادية.

وأكد الباحثون أن هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام مزيد من الاستكشاف لفهم أصول الهيدروجين الطبيعي وكيفية استغلاله كبديل مستدام للوقود الأحفوري، ومع تزايد الحاجة إلى حلول طاقة نظيفة، يرى الخبراء أن هذا البئر قد يكون خطوة تاريخية نحو مستقبل أكثر استدامة.

أسرار منجم بولكيزه

يتميز منجم بولكيزه بموقعه الفريد الذي يتيح الوصول إلى بيئات تحت الأرض، مما يجعله مختبراً مثالياً لدراسة الهيدروجين الطبيعي، ويعود الفضل في ذلك إلى كتل الأفيوليت، وهي صخور من وشاح الأرض تشكلت من قشرة محيطية قديمة، وقد تتفاعل هذه الصخور مع الماء تحت ضغط وحرارة مرتفعين، مما يولد كميات كبيرة من الهيدروجين، ورغم أن هذا الغاز تسبب في ثلاثة انفجارات بالمنجم منذ 1992، إلا أن العلماء يرون فيه الآن فرصة ذهبية.

في الماضي، تجاهلت صناعة النفط هذه الصخور لعدم احتوائها على الهيدروكربونات، لكن اليوم، قد تقود هذه الاكتشافات إلى تغيير جذري في استكشاف الطاقة، ويؤكد الباحث مايكل ويبر من جامعة تكساس أن الهيدروجين قد "يغير الجغرافيا السياسية"، حيث يتواجد في مناطق خالية من النفط والغاز.

وقد قدر عالم الكيمياء الجيولوجية لوران تروتش أن الاحتياطي يتراوح بين 5 آلاف و50 ألف طن، وهو رقم قد لا يجذب الاستثمارات التجارية الكبرى، لكنه يبقى مهماً علمياً، ويثير هذا الاكتشاف نقاشاً حول ما إذا كان الهيدروجين مورداً متجدداً، نظراً لبطء تكوّنه، بينما يبحث مديرو المنجم عن طرق للاستفادة منه كمصدر طاقة محلي.

ومن جانبه، أشار المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (CNRS) إلى أن هذا الاكتشاف قد يعيد صياغة استخدامنا للموارد، مع التأكيد على ضرورة دراسة الأثر البيئي، مضيفاً بأن هذا البئر يفتح آفاقاً للعثور على خزانات مشابهة عالمياً، قد توفر ملايين الأطنان من الهيدروجين سنوياً، وربما تدعم الحياة لأجيال قادمة.