نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تحولات المكون السني في سورية - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 25 مارس 2025 11:43 مساءً
ايجي سبورت - منذ سقوط نظام الأسد، شهد المكون السني في سورية تحولاً عميقاً، انتقل من كونه أكثرية واثقة إلى أقلية تعيش شعوراً متزايداً من الخوف والترقب والحذر، الأمر الذي خلق لديها وعياً طائفياً جديداً انعكس في صورة تضامن وتلاحم غير مسبوق، نابع من إحساس قوي بالتهديد الوجودي. اتّسمت ردود أفعال السنة في أحداث الساحل بالمبالغة الشديدة نتيجة تراكم الخوف والغضب من إمكانية عودة الهيمنة السابقة للأقليات، خاصة العلوية، والشعور بفقدان السيطرة والتهديد بإبادة طائفية ممنهجة. هذا الوضع أدّى إلى تلاشي الفروق التقليدية بين أبناء السنة، سواء كانت مناطقية أو أيديولوجية، فلم يعد هناك تمييز واضح بين التيارات السلفية أو الإخوانية أو الصوفية أو الإسلام التقليدي، إذ أصبح الحفاظ على الهوية السنية الشاغل الأساسي، وأصبح واضحاً للجميع أن الخلافات السابقة باتت رفاهية لا يمكن تحمّلها في هذه المرحلة الحرجة. وتجاوز الأمر حدود التيارات الإسلامية إلى التيارات السياسية الأخرى مثل الليبرالية واليسارية والعلمانية، التي اضطرت لتوحيد موقفها مع الإسلاميين نتيجة الإحساس المشترك بالخطر، ما عكس واقعاً جديداً في المشهد السياسي السوري. وبرزت الشخصية الجدلية للرئيس السوري أحمد الشرع كنقطة تقاطع مهمة بين تيارات السنة، فرغم الاختلاف حوله، فإن الرفض القاطع من الأقليات لشخصيته عزز شعور السنة بأنه يمثّل خياراً اضطرارياً لمنع عودة حكم الأقليات. كما لعب الموقف الواضح والصريح لدى بعض الأصوات في الأقليات -خاصة الطائفة العلوية والدروز، الذين رفضوا شخصية الشرع ودعوا للحماية الدولية والتعاون الضمني مع إسرائيل- دوراً كبيراً في تعزيز الشعور بالخطر لدى السنة، ودفعهم لمزيد من الالتفاف حول قياداتهم مهما كانت محل خلاف داخلي. هذا التحول في الهوية السنية بدأ يأخذ شكل هوية سياسية متكاملة، لها رموزها وأفكارها وخطابها الموحد، مما عمّق القطيعة مع المكونات الأخرى في المجتمع. وأصبح السنة اليوم أكثر حرصاً على التعبير عن هويتهم بشكل جماعي ومتماسك، مدركين أن أي تردد أو انقسام قد يعيدهم إلى مرحلة الاستضعاف والهيمنة من جديد. واختفت المنافسات التقليدية بين رجال الدين والمدن الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص، التي باتت تنظر إلى نفسها كجزء من كتلة واحدة في مواجهة التحديات المشتركة. حتى على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، توجه كثير من رجال الأعمال من السنة نحو التكافل الداخلي وتأسيس مشاريع مشتركة لمساندة النظام السياسي الجديد دفعاً نحو الاستقرار والاستقلالية والأمان الاقتصادي. ويظهر الجيل الجديد من الشباب السني انخراطاً أكبر في الشأن العام من الأجيال السابقة، وبسبب البيئة المشحونة بالوعي الطائفي بعد سقوط الأسد، باتت هناك خشية على مستوى النخب من تكريس الانقسام الطائفي بشكل أعمق. ويعكس استخدام السنة لخطاب المظلومية، الذي طالما كان خطاباً للأقليات تاريخياً، بوضوح عمق التحول الكبير الذي طرأ على واقعهم ومشاعرهم بعد الأحداث الأخيرة، الأمر الذي يفرض تحديات كبيرة على المجتمع السوري ويجعل الحوار الوطني الجدي ضرورة ملحة لتجاوز حالة الانقسام وبناء مستقبل أكثر استقراراً وتماسكاً.
أخبار ذات صلة
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : تحولات المكون السني في سورية - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 25 مارس 2025 11:43 مساءً
0 تعليق