في ذكرى الهجوم على متحف باردو - ايجي سبورت

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في ذكرى الهجوم على متحف باردو - ايجي سبورت, اليوم الأربعاء 26 مارس 2025 05:19 صباحاً

ايجي سبورت - استرجع التونسيون الأسبوع الماضي ذكرى الهجوم الإرهابي الذي شنّه قبل عشر سنوات، في آذار/ مارس 2015، تنظيم "داعش" على متحف باردو في العاصمة التونسية.

 

بقيت الحادثة راسخة في الذاكرة الجماعية باعتبارها استهدفت معلماً من أكبر معالم الثقافة في البلاد، بالإضافة إلى كونها كادت تدمّر قطاع السياحة في تونس بعدما خلّفت 22 قتيلاً و45 جريحاً، معظمهم من السيّاح الأجانب.

 

أبرز الهجوم أن خطر الإرهاب الذي يمكن أن تواجهه تونس ينبع من مصدرين مزدوجين: تأثير التيارات المتطرفة في الداخل ودور التنظيمات العابرة للحدود في الخارج. نفذ العملية عناصر تونسيون تلقوا تدريبهم في معسكر بدرنة الليبية. وتبنّى تنظيم "داعش" الهجوم الإرهابي في نطاق استهدافه للسياحة والمعالم الحضارية في المنطقة. وهدّد التنظيم عموم التونسيين بالقول "إن ما رأيتموه اليوم أول الغيث بإذن الله ولن تهنأوا بأمن أو تنعموا بسلام". وبالفعل عاود التنظيم الكرّة باستهداف أحد الفنادق في مدينة سوسة بعد أشهر قليلة. ثم حاول السنة التالية السيطرة على مدينة بنقردان جنوب البلاد ولكن تصدّت له قوات الجيش والأمن بمعاضدة المواطنين.

 

استرجع قطاع السياحة في تونس عافيته تدريجاً بعد سنة 2016 وعاد المتحف لفتح أبوابه. وانحسر الخطر الإرهابي بعد أن استردت أجهزة الأمن زمام المبادرة بتطوير أساليبها واستراتيجيتها. لقن الاعتداء التونسيين جملة من الدروس من بينها أن تخلي الدولة عن القيام بواجبها في مواجهة التطرف الديني وغضّها الطرف عن تسفير الآلاف للقتال في الخارج، مثلما حدث لسنوات في تونس بعد 2011، سياسة خاطئة وخطيرة لا بد أن ترتد في نهاية المطاف على البلاد. وبالفعل حصل ذلك أكثر من مرة.

 

من الدروس الأخرى للهجوم على متحف باردو وما تلاه أن للإرهاب كلفة اقتصادية فادحة. ولكن الكلفة الأكبر قد تكون هي الضرر الذي يلحق بسمعة البلاد في الخارج والشكوك التي يزرعها في نفوس الناس في الداخل حول ثوابتهم ومقومات هويتهم.

 

ظلت تونس لسنوات تجر وراءها وصم "تصدير الإرهاب" من جراء تورط أعداد كبيرة من شبابها المغرر بهم في عمليات إرهابية استهدفت الأبرياء. وبقي التونسيون في الداخل في حيرة حول سبب انجذاب الآلاف من التونسيين نحو التطرف رغم أن من المفروض أنهم تربوا على قيم الاعتدال والانفتاح.

 

ويبقى التساؤل إلى اليوم عما إن كانت العوامل التي وفرت تربة خصبة للتطرف في تونس ما زالت موجودة أم هي تراجعت واضمحلت؟

 

صحيح أن الظاهرة الإرهابية انحسرت كثيراً، لكن مواقع الإنترنت وقنوات الاستقطاب الأخرى مثل المساجد والسجون وغيرها، ما زالت قابلة للتوظيف من قبل التيارات المتطرفة. وما زالت هناك نفسيات هشة قابلة للاستقطاب في ظل ظروف اقتصادية صعبة تواجه الكثيرين. وما زال الخطر الخارجي أيضاً قائماً؛ إذ لا يستطيع أحد أن يجزم بأنه لم يعد هناك أيّ عنصر تونسي متطرّف منضوٍ تحت لواء تنظيمات إرهابية، سواء في المشرق العربي أو في جنوب الصحراء أو حتى في مناطق أخرى. 

 

بل إن بعض الدراسات الغربية أشارت قبل سنوات قليلة إلى وجود عشرات "الجهاديين" التونسيين ضمن الجماعات المسلحة التي تنشط في منطقة الساحل الأفريقي وهي منطقة ملتهبة إلى اليوم.

 

من الأكيد أن السلطات في تونس متيقظة لاحتمال عودة البعض من هؤلاء إلى تونس من مختلف البلدان وخاصة من سوريا. وما ساعد أجهزة الأمن على استرجاع المبادرة بعد سنة 2015 كان تعاونها الوثيق مع الدول الشقيقة والصديقة في تأمينها للحدود. من ذلك تنسيقها مع الجارتين الجزائر وليبيا لمنع تسرب الإرهابيين، وتشييدها حاجزاً رملياً مرفقاً بسياج إلكتروني على مدى 200 كيلومتر من الحدود التونسية الليبية بالتعاون مع ألمانيا والولايات المتحدة.

 

ما زالت الحدود البرية إلى اليوم تشكل شاغلاً أمنياً، إذ ما زالت تخترق هذه الحدود أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين القادمين من جنوب الصحراء. كما تستمر عبر الحدود أنشطة التهريب بأنواعها. والخوف أن تسمح الثغرات الحدودية أيضاً بعبور الإرهابيين.

 

في هذا الصدد عبّر أحد أعضاء البرلمان التونسي أخيراً عن خشيته من أن يكون بعض أفراد تنظيم "بوكو حرام" الإرهابي تسربوا بين صفوف المهاجرين. ولا أحد يعرف إن كان كلامه مبنياً على معلومات ثابتة أم مجرد تخمينات.

 

ولم يكن على الأرجح من باب الصدفة أن أشار وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في بيان تهنئته لتونس بعيد استقلالها إلى تطلع إدارة الرئيس ترامب إلى التعاون مع تونس من أجل "القضاء على ما يهدّد أمن حدود البلدين".

 

يبقى التصدي لمخاطر الإرهاب مسؤولية جماعية أظهر التونسيون استعدادهم لتحمّلها في بنقردان وغيرها وسوف يكون في ذلك خير درع للبلاد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق