الدمج بين والرغبة والسحر في ديوان "رسمتُكِ حُلُماً" لمازن عابد - ايجي سبورت

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الدمج بين والرغبة والسحر في ديوان "رسمتُكِ حُلُماً" لمازن عابد - ايجي سبورت, اليوم الأربعاء 26 مارس 2025 07:38 صباحاً

ايجي سبورت - رسمتك حلماً، ديوانٌ لمازن عابد، أراد أن يكون شكلاً خاصاً من أشكال الكلمة السحريّة. فعالم التخيّل الذي فتح له أبوابه، جعله يرسم العالم الواقعيّ برقيّ وسحر، كي يحرّك في القارئ الرغبة في ما يمكن ويجب تحقيقه، من خلال الحبّ والأوطان والأمومة.

ثمة انصهار وثيق بين قصائد هذا الديوان، وبين الحياة. ولا يتعلّق الأمر هنا فقط بواقع يُستنتج بوسيلة القراءة، بل بواسطة الغوص في أفكار الشاعر. فهذا الواقع هو حيّ دائماً، لأن الحبّ وليد الأبد وسيستمر إلى الأزل، ما دامت هناك قلوب تخفق للجمال، والأوطان مقدّسة، والأمومة ساهمت مع الخالق في تطوّر الحياة.

مازن عابد مهندس، نظم أشعاره على نحو ما شيّد منازل جميلة، مستخدماً الحرف. عند القراءة نكتشف تلك الموهبة الشعريّة لديه، فيستحيل وضع خط فاصل، واضح جداً، بين الشعر والهندسة. أوليس الاثنان إبداعاً.

ولأنّ الشعر ولد من السحر منذ فجر التاريخ، نجد الروح عند عابد سَفَراً إلى مشاعر عصية على الفهم. فقصائد الديوان غاصت جذورها في أعماق حياة المجبّين. وقد كتبها، واصفاً الاحتفال بالرغبات المشتركة. لكنّ الاحتفال بين عاشقين بحدّ ذاته يتضمّن دائماً أصداء شعرية سحريّة كقوله: "وشم الشغف على الروح/ تأشيرة دخول/ إلى جنّة عاطفيّة." (صفحة 24)

ويستيقظ على وهجٍ وكأنّه في حلمٍ، ولكنّه في هذا الحلم باح بما كان يضغط عليه. لقد وجد مع الحبيبة سبيلاً للراحة، فالحبّ هو هو لا يتبدّل، وعلى هذا النحو لم يبقَ الشاعر هو هو حتّى بالنسبة لذاته. وهذا هو "دياليكتيك" الشعر، إنّه أشبه بالسحر: "دعي الجمال يستريح/ كفاه توهجاً". (صفحة 15)

لعب مازن عابد في الشعر عن طريق التخيّل، لعبة تحقيق واقع يرغب فيه. وهذا ما فعله في مكان وجود الفرح. فالمرأة تأسر الحبيب برقّة صوتها غناءً وصلاةً، في حين يعتبر الشاعر نفسه، حاضراً في معبدها. يسمع صوتها وهي تكرر صلاتها، بحيث أنّ جهده في التخيّل يمنح المكان هدهدة على هواه: "مذهلة انتِ/ في توضيب الفرح/ بين طبقات صوتك/ بعناية فائقة." (صفحة 26)

أحيا صاحب الديوان عند شاطئ الودّ أناشيد الهوى السموح، وهو مدرك، أنّه مع كلّ شهقة، تشيخ نبضات القلوب، وتقرع على جدار الغوى حروف الحبّ الأوّل: "نشوة روح وأناشيد فرح/ وشهقة امرأة مذهولة/ تركت بصمتها على جدار الرجولة." (صفحة 39) 

سمت الكلمات، وكان اللقاء مع المعاني، كغفوة هانئة على كتف الحقيقة الفلسفيّة. فالشاعر رصف حروف هواه على امتداد الهيام، مثل قدّيس في الفلوات يصلّي الحبّ على قيثارة فتنة الرجاء بالوصال: "لا إمامة إلّا العقل.../ لا قداسة/ إلّا الحبّ..." (صفحة 58)

دوّن عابد في قصائده واقع الوطن العربي، ببراءة أطفال الحجارة. فتحوّل حلم الطفولة إلى حلمٍ بوطن يحققه صاروخ طفل كبير، ويدلّ على حقٍ لا يموت:"مهلًا، يا وحوش التكنولوجيا،/ حدّقوا في المشهد/ أطفال الحجارة كبروا/ أصبحوا يطلقون الصواريخ". (صفحة 90)

إنّها الأم! محيط رياض أدواح أفاءت على ابنها خلود الأرز، فمؤلّفات والدة مازن عابد كانت وِتر العفّة، ونُطق الصدق، وخميرة الوفاء، وقد أُطلق اسمها على نادي الكتاب الّلبناني، فرع الشوف وعاليه؛ (فرع نازك أبو علوان عابد): "يا أرزة باروكيّة تكلّلت بمجد المختارة/ نسأل الله أيهبنا القدرة على حمل إرثك الكبير.../ يا سيدتي... يا أمي." (صفحة 102)

في ديوان "رسمتكِ حلماً"، تحوّلت غواية  السِحر إلى رونق الهوى. وتدلّل الفجر في خدره، يعانق وجه الصباح غواية حبّ، كأنشودة تتبتّل من رقة القصائد الحالمة، التي بحث الشاعر فيها عن ذاته المفقودة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق