ايجي سبورت - شهد الاقتصاد المصري نموًا ملحوظًا في الربع الأخير من عام 2024، مسجلًا أسرع وتيرة ربع سنوية منذ أكثر من عامين. ومع زيادة ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.3% على أساس سنوي، يبدو أنَّ البلاد تتغلَّب على تحدياتها الاقتصادية المستمرة.

يُعزى هذا النمو بشكل كبير إلى المساعدات الخارجية، واستثمارات القطاع الخاص، والدفع المنسق نحو الصناعة المحلية والصادرات.

العوامل القطاعية المحفزة للنمو الاقتصادي

وفقًا لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر في الربع الأخير من عام 2024 معدل النمو البالغ 2.3% المسجل في الفترة نفسها من العام السابق.

كانت السياحة، والنقل المرتبط بالتجارة، والصناعات التحويلية غير النفطية من العوامل الرئيسية المساهمة في هذا التحول الإيجابي. وتحديدًا، نمت السياحة بنسبة 18%، بينما ارتفعت الصناعات التحويلية غير النفطية بنسبة 17.7%، متعافيةً من انكماش سابق بلغ 11.6%.

يُعزى هذا النمو بشكل كبير إلى تحسين الإجراءات الجمركية للمواد الخام والمدخلات، بالإضافة إلى تخفيف أزمة نقص العملات الأجنبية.

سلطت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الضوء على التحول الجذري في النموذج الاقتصادي المصري. وأكدت المشاط: “مع وجود بنية تحتية متينة، تسير مصر على الطريق الصحيح نحو نموذج نمو جديد يتحول من اقتصاد غير قابل للتداول إلى اقتصاد قابل للتداول مدفوع بالإنتاج الصناعي ونمو الصادرات”.

من المتوقع أن يواصل تركيز الحكومة على الصناعة المحلية والصادرات تعزيز هذا الزخم في السنوات القادمة.

الاستثمار الخاص: محرك النمو الاقتصادي

بالإضافة إلى النمو في القطاعات الرئيسية، لعبت الاستثمارات الخاصة أيضًا دورًا حاسمًا في التعافي. وللربع الثاني على التوالي، تجاوزت الاستثمارات الخاصة الاستثمارات العامة، حيث شكلت أكثر من 50% من الإجمالي.

يتماشى هذا التحول مع أجندة الإصلاح الاقتصادي الأوسع نطاقًا في مصر، والتي تتضمن تقليص دور الدولة في الاقتصاد – وهو عنصر أساسي في برنامج صندوق النقد الدولي البالغ 8 مليارات دولار.

أشارت المشاط إلى أن الاستثمارات الخاصة نمت بنسبة 35.4% على أساس سنوي في الربع الأخير، بينما شهدت الاستثمارات العامة انخفاضًا ملحوظًا بنسبة 25.7%. وقالت: “لقد انقلبت الموازين”، في إشارة إلى تزايد تمويل القطاع الخاص من المؤسسات الدولية.

يشير هذا التوجه إلى تحول كبير في المشهد الاستثماري في مصر، مع زيادة الدعم المقدم للمؤسسات الخاصة مقارنةً بالمشاريع التي تدعمها الدولة. والجدير بالذكر أن البلاد على وشك الاستفادة من ضمانات استثمارية بقيمة 1.8 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي عبر مؤسسات مختلفة.

اقرأ أيضًا: معارك إسرائيل الداخلية.. كيان ممزق يواجه معارك خارجية وعاصفة داخلية

الاقتصاد المصري: التحديات والصراعات المستمرة

على الرغم من أرقام النمو المشجعة، لا تزال مصر تواجه العديد من التحديات الهيكلية. فقد شهدت قناة السويس، التي كانت مصدرًا رئيسيًا للإيرادات، انكماشًا كبيرًا بنسبة 70% في الربع الأخير.

كما أسهمت التوترات الجيوسياسية في المنطقة في انخفاض عدد السفن العابرة للقناة، مما يمثل انتكاسة كبيرة لهذا القطاع الحيوي.

بالإضافة إلى ذلك، لا يزال قطاع الاستخراج في مصر يواجه صعوبات، حيث انخفض إنتاج النفط بنسبة 7.5%، وانخفض إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 19.6%.

يُعزى هذا الانخفاض جزئيًا إلى التحديات المستمرة في هذه الصناعة، على الرغم من تفاؤل المشاط بالمستقبل، مشيرةً إلى أنه من المتوقع أن يكتسب الاستثمار في الاكتشافات الجديدة وتطوير الحقول زخمًا.

توقعات الاقتصاد المصري

بالنظر إلى المستقبل، لا تزال التوقعات الاقتصادية لمصر متفائلة بحذر. ومن المتوقع أن تستفيد البلاد من استمرار المساعدات الخارجية، بما في ذلك استثمار بقيمة 35 مليار دولار من الإمارات العربية المتحدة، وحزمة إنقاذ عالمية أوسع نطاقًا بقيمة 57 مليار دولار.

لعبت هذه الأموال دورًا حاسمًا في استقرار الاقتصاد المصري ودعم جهود خفض قيمة عملته، التي شهدت انخفاضًا بنسبة 40% منذ عام 2024.

تلتزم الحكومة المصرية بالحفاظ على مسار النمو هذا من خلال تعزيز استثمارات القطاع الخاص، وزيادة تبسيط قطاعيها الصناعي والتصديري. وتشير رؤية المشاط لاقتصاد أكثر توجهاً نحو التجارة، مدعوماً بالاستثمارات الأجنبية والخاصة، إلى مستقبل واعد للأمة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط