نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السودان إلى حكومتين... تكريس للانقسام أم سلطة الأمر الواقع؟ - ايجي سبورت, اليوم الجمعة 28 مارس 2025 07:41 مساءً
ايجي سبورت - يقترب السودان من لحظة تشكيل سلطتين جديدتين؛ الأولى في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، والثانية في الضفة المقابلة، حيث ينتشر الجيش وسط أسئلة عن الدور الذي ستؤديه كل من السلطتين ومدى تكرار سيناريو ليبيا، بكل ما يحمله من خطورة التقسيم.
وتكشف مصادر متابعة لـ"النهار" عن خطوات متسارعة لتشكيل مجلس رئاسي بموجب إعلان لتحالف "تأسيس"، الذي عقد في العاصمة الكينية مؤخراً، وضم الدعم السريع، والحركة الشعبية لتحرير السودان – جناح عبد العزيز الحلو، بالإضافة إلى شخصيات مناوئة للجيش وقائده عبد الفتاح البرهان.
وتقول المصادر إن "قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، هو الأوفر حظاً لترؤس المجلس الرئاسي، فيما سيحظى الحلو وباقي الشخصيات بمناصب قيادية في سلطة يتوقع الإعلان عنها رسمياً بعد عطلة عيد الفطر".
وبالتزامن، تشير المعطيات إلى عزم البرهان على تشكيل حكومة تكنوقراط في الفترة المقبلة، وهو ما أكده بيان مجلس السيادة الانتقالي إثر لقاء جمع الرجل بالمبعوث الألماني للقرن الأفريقي هيكو نتشا، من ناحية أن الجيش يعمل على "تهيئة الظروف المواتية لتولّي حكومة مدنية منتخبة مقاليد السلطة في البلاد".
جذور فكرة الحكومتين
وتعود فكرة الحكومتين إلى بدايات الحرب السودانية، حين لمّح حميدتي، في خطاب ضمن الأشهر الأولى للمعارك، إلى نية تشكيل حكومة موازية في مواقع سيطرة قواته في دارفور وكردفان، وصولاً إلى الخرطوم، وهو ما قوبل باستنكار شديد من قبل البرهان، الذي ردّ بنية تشكيل حكومة مدنية تخفف أعباء الإدارة عن قيادات الجيش، وسط تغييرات شملت عدة وزارات في الأشهر المتتالية.
ولكن تحالف "تأسيس"، الذي اجتمع في نيروبي أخيراً، أعاد إلى الواجهة مسألة وجود سلطتين في البلاد، إذ شارك الدعم السريع والحركة الشعبية مع شخصيات حزبية مثل إبراهيم ميرغني، القيادي السابق في حزب الاتحادي الديموقراطي الأصل، ومثله فضل الله ناصر برمة، العضو السابق في حزب الأمة، فيما غابت تنسيقية القوى الديموقراطية "تقدم"، بزعامة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك. ووقتها أعلن المجتمعون في العاصمة الكينية عن دستور جديد للسودان، وتقسيم البلاد إلى ثمانية أقاليم وثلاثة مستويات للسلطة، مع تأكيد على تشكيل مجلس رئاسي ليكون بمثابة السلطة السيادية، ويتكون من 15 عضواً يختارهم تحالف السودان التأسيسي، يكون من ضمنهم حكام الأقاليم بحكم مناصبهم، وينوبون عن رئيس المجلس في أقاليمهم. وتتمثل اختصاصات المجلس الرئاسي في: تعيين وإقالة رئيس مجلس الوزراء، اعتماد تعيين الوزراء، وتعيين المجلس العدلي الموقت، بالإضافة إلى اعتماد تعيين سفراء السودان في الخارج، واعتماد السفراء الأجانب في السودان، وإعلان حالة الطوارئ بتوصية من مجلس الوزراء وصولاً إلى إعلان الحرب.
مهام وظروف معقدة
يرى الكاتب والباحث وليد عادل السيد أن تقديم حميدتي لقيادة المجلس الرئاسي يعني "بداية ظهور سلطة جديدة وضرورية... فبعض سكان إقليم دارفور وجنوب وغرب كردفان قد انقطعت علاقتهم بسلطة بورتسودان".
ويقول السيد لـ"النهار": "بالأساس لم تكن حكومات الخرطوم تنظر إلى دارفور إلا كإقليم درجة ثانية أو ثالثة، وجب سحقه إذا ما طالب أبناؤه بحقوقهم، وإن كان البرهان أصدر عملة جديدة وحرم سكان هذه الأقاليم من استخراج أي أوراق ثبوتية، فمن الضروري أن تنبثق سلطة تهتم بواقع الناس وتشكل نواة إدارة هذه المناطق تمهيداً للتوسع في باقي السودان".
ويقر السيد بظروف في غاية التعقيد تنتظر المجلس الرئاسي، فالمشهد الميداني يتغير، والدعم السريع لم يعد يتمركز في الخرطوم ولا في الجزيرة، غير أنه يستدرك أن الحرب مع البرهان لم تنتهِ بعد، مضيفاً: "لا تنتهي حروب السودان بسرعة، وخسارة منطقة تزيد شراسة القوات المدافعة عن دارفور وكردفان، ولا تزال هناك أسلحة كثيرة يمكن معها إعادة الهجوم مرات عدة".
التعامل الدولي مع المجلس الجديد
ولكن، من سيتعامل دولياً مع هذا المجلس؟
يشبّه المحلل السياسي حافظ ود أحمد علي المشهد الحالي بما جرى في ليبيا، حيث أُعلنت حكومة في طرابلس وأخرى في بنغازي، وكلتاهما تتمتع بعلاقات إقليمية ودولية.
ويتابع في حديث مع "النهار": "على المجلس الرئاسي المرتقب أن يخاطب دول الجوار ويطمئنها لجهة سلامة أمنها القومي، وأخص بالذكر جنوب السودان وتشاد، اللذين لا يتوقف ياسر العطا، مساعد قائد الجيش، عن مهاجمتهما واتهامهما بإشعال الحرب. وتعيين حميدتي رئيساً للمجلس يكسبه زخماً أفريقياً، خاصة أن الرجل سبق أن قام بجولة بالقارة واستُقبل كالرؤساء، دون تجاهل علاقة حكومة بورتسودان المتوترة مع الاتحاد الأفريقي والإيغاد".
على أن لهذا الرأي ما يناقضه، بحسب الباحث في الشؤون الأفريقية فيصل عبد الله محمود، فـ"مجلس السيادة الانتقالي يمثل السودان في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة، التي أبدى أمينها العام أنطونيو غوتيريش موقفاً سلبياً من التحالف"، كما يقول.
ويضيف محمود في حديث مع "النهار": "تتفق الدول العربية والأفريقية مع البرهان أو تختلف، ولكنها تتعامل معه كسلطة الضرورة أو الأمر الواقع، وبالتالي قد تحظى سلطة تحالف تأسيس بدعم إقليمي أو أفريقي ما، ولكن هذا لا يشمل أو لا يعني بالضرورة سقوط الاعتراف بشرعية مجلس السيادة الانتقالي. وإذا فشل المجلس الرئاسي في الحصول على دعم الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، فهذا معناه استمرار التعامل مع البرهان للضرورة وكأمر واقع".
0 تعليق