نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاتفاق الحدودي بين لبنان وسوريا فرصة جدّية واعدة للعلاقات و... إنجاز جديد للسعودية - ايجي سبورت, اليوم السبت 29 مارس 2025 08:52 مساءً
ايجي سبورت - يضع الاتفاق الذي أمكن التوصل اليه بين لبنان وسوريا في جدة حول ترسيم الحدود بينهما، حكومتي دمشق وبيروت، أمام فرصة حقيقية لحل مشكلة معقدة تعود جذورها الى عشرينات القرن الماضي وتفاقمت منذ 2011 مع دخول سوريا حرباً طاحنة وتراجع سلطة الحكومة اللبنانية.
وأمكن التوصل الى الاتفاق بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي وتراجع نفوذ "حزب الله" عقب حرب منهكة مع اسرائيل, وهو يشكل مكسباً إضافياً للمملكة العربية السعودية الساعية الى استعادة دورها في العالم العربي بعد انحسار نفوذ إيران على وقع الانكسارات التي أصيب بها وكلاؤها على امتداد المنطقة.
وقع الاتفاق وزيرا الدفاع السوري مرهف أبو قصرة واللبناني ميشال منسى في جدة، بحضور وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، وركز على "الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود بين البلدين، وتشكيل لجان قانونية ومتخصصة بينهما في عدد من المجالات، وتفعيل آليات التنسيق للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية وبخاصة في ما قد يطرأ على الحدود بينهما".
ويقول نوار شعبان، وهو باحث مساعد في مركز حرمون للدراسات المعاصرة إن هذا الاتفاق فرصة ذهبية لاعادة بناء العلاقات على أسس سليمة بوجود حكومتيين جادتين وضامن دولي جاد لانهاء هذه المشكلة والقضاء على أي خلايا تخريبية وقطع شريان أساسي لمجموعات تعتمد على بعضها في الاستمرار، وأكد أن الاتفاق ضرورة أمنية وسياسية ،ولا يجب أن يسمح لأحد بتخريبه.
اشتبكات مسلحة وخلافات دبلوماسية
وكانت المنطقة الحدودية شهدت تصاعدًا ملحوظًا في التوترات الأمنية، بعد سقوط نظام الأسد، حيث اندلعت مواجهات بين الجيش السوري ومجموعات التهريب اللبنانية المدعومة من "حزب الله".
ودارت آخر المواجهات منتصف هذا الشهر وأدّت إلى مقتل سبعة أشخاص في لبنان، وفق وزارة الصحة، وثلاثة من الجانب السوري. وبعد المواجهات، أعلن الجانبان على المستوى الرسمي وقف إطلاق النار، ليعود الهدوء إلى المنطقة.
ولم تكن تلك الاشتباكات الا حلقة من مسلسل طويل من التوترات الحدودية التي تطورت الى اشتباكات مسلحة وخلافات دبلوماسية.
ويقول شعبان إن الحدود المشتركة الممتدة على طول 400 كيلومتر تقريباً، غير مرسمة ومعقدة، وتسيطر عليها ميليشيات تهريب من الطرفين، موضحاً أن ميليشيات التهريب لا تعني تلك الناشطة في تهريب السلع والمنتجات الاستهلاكية، وإنما أمراء حرب يعملون في السلاح والبشر والمخدرات.
وزادت الحرب السورية النشاط غير الشرعي على تلك الحدود. فبعد معركة القصير عام 2013 التي انتهت بسيطرة الجيش السوري و"حزب الله" على المنطقة، وأصبحت القرى الشيعية مراكز نفوذ لحزب الله، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في كلٍّ من سوريا ولبنان، زادت عمليات التهريب عبر الحدود، خاصة تهريب الكبتاغون والأسلحة والمحروقات والسلع التجارية، مستفيدةً من الطبيعة الجغرافية الوعرة للمنطقة، التي تجعل من الصعب فرض سيطرة أمنية كاملة عليها.
وعزز حزب الله نفوذه على المعابر غير الشرعية، ما جعله لاعبًا رئيسيًا في ديناميات التهريب، وتحوّلت المنطقة إلى شبكة معقدة من المسارات غير الشرعية يديرها تجار ومهربون محليون، بدعم من جهات سياسية وعسكرية. وتشير التقارير الأمنية إلى أن أبرز الفاعلين في عمليات التهريب ينتمون إلى عائلات معروفة في المنطقة، مثل عائلات زعيتر وجعفر ودندش ونون.
ويقول شعبان إن الحدود صارت منطقة إسناد لوجستي عابرة للحدود. ولم تعد تربط بين بلدين ولكن بين جهات تخريبية تعمل لكلا الطرفين وتصدر الارهاب، من طريق الكبتاغون أو السلاح. لذا صار خطرها يتجاوز جغرافيا الحدود اللبنانية السورية.
وليس الاتفاق الحدودي هذا الاول من نوعه لترسيم حدود بقيت غير واضحة منذ استقلال البلدين. ففي إطار متابعة تنفيذ القرار 1559، الذي صدر عام 2004، ودعا إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان، ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، أصدر مجلس الأمن عام 2006 قراراً حمل الرقم 1680، ولاحظ، بشكل أساسي، ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وإقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين. الا أنه لم ينفذ.
وبعد زيارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان عام 2008 إلى دمشق، تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود. وحددت هذه اللجنة نحو 70 بالمئة من الحدود، لكن العمل توقف بسبب اندلاع الحرب في سوريا عام 2011.
وتجددت هذه القضية خلال زيارة وفد لبناني إلى دمشق عام 2023 لبحث ملف اللاجئين. عندها اقترح الجانب اللبناني استئناف عمل اللجنة المشتركة، لكن دمشق عطلته في وقت كانت عمليات التهريب تعود عليها بمكاسب كبيرة.
الضامن الدولي
ومع ذلك يقول خبراء إن الظروف المحيطة بالاتفاق الحالي، بما فيها الإطاحة بالنظام السوري وانحسار نفوذ "حزب الله" إثر حرب منخكو مع إسرائيل، تكسب الاتفاق قوة تنفيذية أكبر.
ويرى شعبان إن وجود جهات رسمية من كلا الطرفين وغياب المخربين يجعلان الاتفاق مختلفاً، فوزارتا الدفاع اللبنانية والسورية وبالتالي حكومتاهما يتعاملان مع الضامن الدولي لانهاء المشكلة، خلافاً للوضع السابق عندما كان هناك لاعبون، بمن فيهم حزب الله من الجانب اللبناني،والفرقة الرابعة مثلا من الجانب االسوري لا يريدون ترسيم الحدود لانها تخدم عملهم. حالياً يريد الجانبان حماية سيادة الدولتين مما يشكل فرصة ذهبية لاعادة بناء العلاقات على اسس سليمية برعاية ضامن دولي جاد لانهاء هذهرعاية المشكلة والقضاء على اي خلايا تخريبية وقع شريان اساسي لمجموعات تعتمد على بعضها في الاستمرار.
كان مقرراً عقد الاجتماع بين وزيري الدفاع في دمشق، ولكن معلومات تحدثت عن تهديدات أمنية جتمت نقله الى خارج البلاد. وطرحت تركيا مكاناً له قبل أن يحسم عقده في جدة حيث سيكون الاتفاق أقوى بوجود الضامن السعودي قي ظل سعي الرياض للعودة الى مكانها الطبيعي في السياسة العربية ويهمها استقرار سوريا ولبنان.
لا شك في أن هذا الاتفاق يشكل بداية طموحة لا لترسيم الحدود بين البلدين أو وصوله الى مزارع شبعا فحسب،اً وإنما أيضاً لاعادة ترتيب علاقات بقيت معقدة بين دمشق وبيروت تخللتها وصاية سورية مدمرة على لبنان.
0 تعليق