نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سمية عبد المنعم لـ"النهار": كتاب "حليم... أسرار وحكايات مع الحكام العرب" سببه محبتي الجارفة له - ايجي سبورت, اليوم الأحد 30 مارس 2025 07:45 مساءً
ايجي سبورت - فازت الكاتبة المصرية سمية عبد المنعم أخيراً بجائزة عبد الغفار مكاوي التي يمنحها اتحاد كتاب مصر عن مجموعتها القصصية الأخيرة "سرير فارغ"، وأعقبتها بكتابها "حليم... أسرار وحكايات مع الحكام العرب" الصادر عن دار "أفلاك للطبع والنشر"، وبه تدشّن الكاتبة مساراً جديداً تدخل فيه عالم الفن والطرب وعلاقته بالسياسة من خلال البحث في سيرة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ.
"النهار" حاولت عبد المنعم عن الكتاب الأخير وعن إنتاجها المتنوّع بين الرواية والقصة والشعر والنقد وشؤون أدبية مختلفة، وهنا نص الحوار:
هل كتابك "حليم... أسرار وحكايات مع حكام العرب" استعادة للزمن الرومانسي، أم هو محبة مجردة، أم حنين إلى أزمنة هاربة لا نزال نراها خصيبة؟
فكرة الكتاب نبعت من محبتي الجارفة لحليم فناناً، ورغبتي في نبش منطقة في حياته أثارت بعضاً من الجدل واختلف حولها النقاد، وكانت موضوعاً لتوجيه اتهامات كثيرة له والهدف الأول النيل من فنه، وبخاصة الوطني منه، وهي علاقاته بالحكام العرب، بدءاً بالزعيم جمال عبدالناصر والرئيس أنور السادات مروراً بمعظم الملوك والرؤساء العرب حينها، مثل الملك الحسن الثاني، والحبيب بورقيبة، والملك فيصل، وأحمد بن بله، ورؤساء العراق واليمن وملوك الأردن والكويت وغيرهم، وعلاقته بالقضية الفلسطينية، ثم تحولت الفكرة مع البحث والكتابة إلى لحظات اكتشاف لنقاط مهمة في شخصيته، تخطت كونه فناناً، إليه إنساناً فاجأني شخصياً بمفردات إنسانيته، ثم احتوت الفكرة كثيراً من التفاصيل التي قد تمثل للبعض نوعاً من النوستالجيا إلى أزمنة وشخصيات وأحداث مازالت عالقة بأرواحنا، ونراها متنفساً وملاذاً من جمود وقسوة واقعنا.
عن كلاسيكيات الطرب، والفارق مع إيقاع عصرنا الآني، هل النوستالجيا بالفعل تمثل مأزقًا للفنان/ الكاتب، أم هي هروب من واقع منفر؟
سأتحدث عن الحنين بما يمثله لي، كوني سمية عبدالمنعم، إنسانة قبل أن أكون كاتبة، أظنه محاولة أخيرة لتغيير وجه الواقع الممتلئ بتجاعيد الألم والظلم والقسوة، سمه هروباً، لكنه ليس هروب الضعيف القليل الحيلة، بل هروب الباحث عن حل مختلف وهادئ لمشاكل وأزمات صعبة مواجهتها، ترحل أرواحنا في أزمنة شتى، تتطهر، تفرح، تكتسب نوعاً من البهجة النادرة، ثم تعود محملة بطاقات الأمل، الذي يدفعها لاستكمال رحلة البحث عن السعادة والرضا... هذا بالضبط ما تفعله معي قصيدة أو قصة أو رواية أو أغنية، تحملني معها إلى عالم السعادة، والأمر نفسه أحب أن أفعله كلما سمح لي قلمي على الورق، لأدخل مع القارئ في عملية تبادلية للحنين ومن ثم الأمل.
هل كان حليم صنيعة مجد سياسي ثوري أم هو ولد في عصر وأفكار ورؤى كانت ولا تزال تمثل حلماً لكل عاشق/ عاشقة؟
حليم صنيعة ذاته، بذكائه وقدرته على الحفاظ على النجاح والتألق رغم كم التحديات والآلام الشخصية والعامة، لا ننكر أبداً ذلك الدور المهم الذي لعبته الظروف السياسية حينها، وذلك المد الثوري والعروبي الذي كان حليم جزءاً لا يتجزأ منه، سواء أكان هذا عن قصد منه أم جاء قدراً، كما لا ننكر تمتع ذلك العصر بسمات مختلفة، أولاها تميز الذائقة العامة، وتنوع ثقافات الجمهور ورقيها، والنظر إلى الفن باعتباره سفيراً لمصر ومعبراً عن حالها وناطقاً باسمها، سياسياً واجتماعياً، ما دفع بما يقدم من فن لأن يصبح هادفاً راقياً لا مجرد وسيلة لإضاعة الوقت أو للتسلية فحسب، مثلما هو حادث حالياً، ورغم ذلك فقد توافرت كل تلك الميزات لغيره من فناني عصره، لكن لم يستطع إلا القليلون أن يصنعوا من خلالها مجداً غير مسبوق، مثلما فعل حليم، فالأمر إذاً في مجمله يعود إلى شخصية حليم وذكائه الشخصي.
ماذا عن ردود الفعل تجاه هذا الإصدار المغاير في مسارك الأدبي؟
كانت مبهرة للغاية، ربما لأن الكتاب يتناول زاوية مختلفة في حياة حليم، بعيداً عن المعتاد وما تم تناوله من قبل، فلم يُخصَّص قبله كتاب كامل للحديث عن علاقة حليم بالحكام العرب وتفاصيل تلك العلاقات والمفارقات والأسرار، وعرض وجهات النظر المختلفة والوقوف على بعضها بالتعليق أو الإشارة، وربما مثلما قال أحد النقاد من أنه يجمع بين الأسلوبين الصحافي والإبداعي، فلم أتناوله بأسلوب بحثي جامد، كل ما سبق جعله يلقى قبولاً واهتماماً واسعين على المستويين الإعلامي والجماهيري.
عن الصحافة والكتابة وعوالم القصة والرواية، كيف ومتى وأين تشدو وترى ظلالها وفي أي المسارات تنتشي الكاتبة المتعددة سمية عبد المنعم؟
لكل عالم إبداعي وقته الذي يختاره في حياتي، قد أرغب اليوم في كتابة قصة، وغداً تطاردني فكرة كتاب، وبعده أكتب مقالاً نقدياً، دونما ترتيب أو اختيار عمدي، لكنني ابنة القصة القصيرة، أحبها وأدور دوماً في فلكها، قد أهجرها مرحلياً، وأذهب إلى الشعر أو الرواية أو النقد أو غيرها، لكن في النهاية أعود إليها، سعيدة مشتاقة، مؤمنة بأنها مينائي الأهم والأخير.
وبماذا أفادك عالما الصحافة والنشر في ظل انشغالك بالكثير من تفاصيل الإبداع والحياة؟
الصحافة منطلق حلمي وسبب تحققه الأول، مجال عشقته وتمنيته منذ الطفولة وأعانني كثيراً من أجل الإبداع والكتابة، مثلت لي عوالم شتى أتاحتها أمامي صاحبة الجلالة، من واقع عشته كصحافية تنقلت بين أقسام الصحافة المختلفة، لتصبح بالنسبة إليّ قماشة واسعة المجال، أضافت إلى خبراتي الإبداعية الكثير، نهلت منها عندما وطأت قدماي دنيا النشر، فلا يمكنني إغفال دورها وفضلها في حياتي الإبداعية أبداً.
أمّا مجال النشر، الذي انتميت إليه أخيراً، فقد اقتربت فيه من الواقع الملموس للكتابة، أزمات النشر ومشاكله، المطلوب في سوق النشر وما غاب عن رغبة القراء، وما هجروه، كلها أتاحت لي التعرف إلى ذائقة القارئ المصري والعربي، ورغم أنني لست من هواة إرضاء القارئ، وتقديم ما يبحث عنه، فأنا أكتب ما يستهوي قلمي فحسب، إلا أن اقترابي من دنيا النشر وعملي في هذا المجال أفادني ككاتبة في التعاون مع الناشر للوصول إلى الشكل الأنسب للدعاية والترويج لكتبي، كما أفادني في التماس كثير من الأعذار للناشرين في بعض المواقف، والأزمات التي يتعرض لها سوق النشر.
ما هو مفهومك للخلاص، ذاتي/ ووجودي، وبخاصة في إطار اختياراتك للإبداع والفن؟
الخلاص عندي معناه التطهر والسمو على كل ألم قد يصيب الروح البشرية، كلما أحاط حزن بي أو أصابني كرب ألجأ إلى قلمي، لأنه المخلِّص بعد رحمة الله ممّا يؤلمني، فمثلما أن وظيفة المخلص تطهير النفس من الخطايا، فإن وظيفة الإبداع تطهير الروح من الآلام، بما تضفيه من متعة وسعادة وشعور بالإنجاز.
وهو ذاته مفهوم الخلاص وجوديا بالنسبة إلي، ففعل الإبداع قادر على التطهير والإنقاذ.
ولأن الخلاص حلم أبدي لا ينتهي، فكلما ظن الكاتب أنه حقق مبتغاه بنص ما، بزغت لديه أحلام أخرى تستولد نصوصاً أكثر فأكثر، إذاً المبدع يكتب ليحيا، هكذا الكتابة، كالهواء لا تخمد حاجتنا إليها مادمنا نحيا.
حدثينا عن أهم الإصدارات في الأشهر الأخيرة وتحديداً مع بدء فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب وأي العناوين توقفتِ عندها؟
لفت نظري الكثير من العناوين، سواء أكانت فكرية أم إبداعية، إلا أن أهمها في رأيي كان كتاب "هكذا تكلم زرادشت"، لنيتشه، في طبعة جديدة من إصدار "هيئة قصور الثقافة"، وكتاب "إعادة ترسيم الشرق الأوسط العثماني"، من إصدار المركز القومي للترجمة.
ماذا يمثل لك حصولك على جائزة عبد الغفار مكاوي عن مجموعتك "سرير فارغ"؟
تلك الجائزة على وجه الخصوص مثلت لي انتصاراً على ذاتي الرافضة لمبدأ المشاركة في أي مسابقة أدبية، لأسباب تخصني، فمنذ سنوات عديدة، وربما مع صدور مجموعتي الثانية "رغبة"، وما أثارته من لغط وجدال متعلقين بطبيعة أفكارها وجرأة تناولها، سعى الكثير من الأصدقاء والنقاد لإقناعي بضرورة المشاركة بها في أي من المسابقات الكبرى، إلا أن موقفي كان الرفض، لكن مع "سرير فارغ"، تحول رأيي بشكل كبير، ربما لما تمثله قصص المجموعة من محطات خاصة في معظمها، أو آلام تخوضها المرأة في رحلة سعيها نحو التخلص من مشاعر الحزن والفقد، وقد يكون الأمر قد بدأ معي كتحدٍ ليس إلا، ثم أدركت أن العمل الجاد والجيد لا تضره مسابقة جيدة ونزيهة، بل قد تفيده، وهي تفيده حتماً إذا فاز بها، بخاصة على مستوى الانتشار والدعاية وإقبال القراء على قراءة العمل الفائز.
وكون الجائزة تحمل اسم الفيلسوف والمترجم والكاتب الكبير الراحل عبدالغفار مكاوي، فهو في حد ذاته إضافة كبيرة لي، أفخر وأعتز بها كثيراً.
كيف ترين مسألة الترجمة وماذا تمثل بالنسبة إلى الكاتب/ المبدع؟
تُرجمت بعض أعمالي القصصية إلى الإنكليزية والإسبانية والفرنسية، في كتب تناولت مبدعين مصريين وعرباً، فإلى الإنكليزية تمت ترجمة قصتين من مجموعة "رغبة" في كتاب "حكايات النيل قصص مصرية بالإنكليزية"، كما ترجمت إحدى قصصي إلى الإسبانية في كتاب "أنطولوجيا القصة العربية المعاصرة"، الصادر في أسبانيا، وأخيراً تم تناول إبداعي بشكل نقدي عام في كتاب بالفرنسية وهو "وجوه أدبية من مصر" للدكتور أيمن الغندور.
والترجمة بشكل عام تتيح للآخر التعرف إلى إبداعاتنا، وهو في حد ذاته هدف مهم لأي كاتب، يحقق من خلاله انتشارا أوسع.
أعمال للكاتبة
للمؤلفة ستة أعمال روائية وقصصية قبل "حليم،." منها "جنون الحب وقصص أخرى"، رواية "رغبة"، ديوانا "حنين" و"شبابيك" بالعامية المصرية" ومجموعة" سرير فارغ" و"قصص سبع عربات مسافرة"، إضافة إلى مقالات نقدية، وفكرية وفنية وثقافية تنشر في الدوريات العربية والمصرية، وترجمتلها العديد من النصوص إلى لغات أجنبية وهي حاصلة على إجازة في الآداب قسم اللغة العربية من جامعة عين شمس.
0 تعليق