الفطر في الجزائر... عادات متجذّرة تُقاوم التغيير - ايجي سبورت

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفطر في الجزائر... عادات متجذّرة تُقاوم التغيير - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 31 مارس 2025 05:19 صباحاً

ايجي سبورت - عيد الفطر في الجزائر سِماته مميزة ونكهته خاصَّةٌ وتجلياته بارزة وظاهرة على صُعدٍ عدة.
مظاهرُ العيد تتقاطع في رمزياتها مع أيام رمضان الأخيرة، وكذا في تقاليدها وطقوسها بتنوعاتها.
"العيدْ الصَّغيرْ" كما يحلو للجزائريين تسميته يبدأ في الأسبوع الأخير من شهر الصيام، عائلات كثيرة تقصد أسواق الألبسة، فلا عيدَ من دون لباس الجديد وبخاصة لدى الأطفال؛ الآباء يتهافتون على اقتناء ملابس العيد لأبنائهم، فبهجة يوم العيد وفرحته لا تكتملان إلا ببهجة الأطفال وسعادتهم.

شارع حسيبة بوعلي

جولةٌ ليلية قصيرة قادتنا إلى وسط العاصمة الجزائرية وبالضبط إلى شارع حسيبة بن بوعلي؛ المحلات مُكتظة بالزبائن والمتفرجين على السواء.
قد يبدو الأمر غريباً هذه المرة، إذ إن أحاديث ارتفاع أسعار الألبسة انحسرت ولا هَمَّ للعائلات سوى إدخال الفرح الى قلوب أبنائها ولو كلفها الأمر الاستدانة.

 

 

 

هذا ما لمسناه في أحاديثَ جانبية جمعت "النهار" مع بعض الآباء والأمهات، على غرار عمَّار، موظف ببلدية الكاليتوس في الجنوب الشرقي للجزائر العاصمة، وهو أبٌ لولدين وبنت. يقول: "قد يستغرب الأجنبي عندما نقول له إن أعيادنا لا نكهة فيها من دون فرحة أبنائنا، وفرحة الأبناء لا تكتمل إلا باقتناء ما يرضيهم من لباس جديد وألعاب جديدة". ويضيف: "أنظر... اصطحبتهم جميعاً، ثلاثتُهم وأمُّهم معهُم (يبتسم). أتدري شيئاً والله إني في حيرة، فما لدي بجيبي قد لا يفي بأغراضهم ولكني سأتدبر أمري... المهم فرحتُهم".

وإن كانت كسوة العيد ميزة لدى الجزائريين، فإن تحضير الحلويات قد تكون العادة الأبرز لديهم؛ فربَّات البيوت ومعهن "لَعْوِيتْقَاتْ" (الشابات العازبات)، قد شرعن خلال الأسبوع الأخير من رمضان، في تحضير "مقروط اللوز" و"التَشَاراك" و"الدْزيرِياتْ" و"لَغْرِيبِيَّة" و"الصَّابْلي" و"لَعْرايَشْ" و"حلوى الطَّابَعْ" و"البَنِيوَنْ" وو ... إلخ، من الحلويات التقليدية الجزائرية العريقة الضاربة في عمق تراث البلد الخالد، وشيء من العصرية منها.

البيوتُ تحولت إلى وُرشٍ لصناعة الحلوى وتزيينها وتحضيرها بأبهى حلة، عادة تُصر الجزائريات على الحفاظ عليها رغم موضة "حلويات الدليفري" التي يحاول البعض تبنِّيها بحجج كثيرة.

أصوات المساجد

ومع أولى نَسمات صباح العيد، تعالت الأصوات من مختلف المساجد، تكبيراً وتهليلاً وحمداً للَّه، في جو روحاني لا مثيل له في الأيام العادية.
وفي وقت توجه الرجال إلى المسجد لصلاة العيد بعد تناول "سْنِيوَة الحلوى مع القهوة" مُتَبَّلٌ بدَقْلة نور (نوع من التمور الجزائرية)، جهزت النسوة في البيوت سفرة الحلويات بكل أنواعها تقليدية وعصرية لاستقبال زيارات الأهل والأقارب وغيرهم.

أما  العادة التي اشتهرت بها العائلات الجزائرية خلال عيد الفطر، فهي مبادلات الجيران بصحون وأطباق حلوى العيد، كنوع من التغافر، في مظهرٍ بقي راسخاً في كل حيٍّ من أحياء البلاد رغم التحولات العميقة في بنية المجتمع الجزائري.

الزيارات العائلية أو المُعايدة هي الأخرى مظهر من مظاهر الأعياد بالجزائر، تظل مُقاومةً لكل أشكال التحول نحو "المعايدة التكنولوجية"، فمنصات التواصل عبر الهواتف الذكية صار لها السَّبق في العيد، وقد لا يكترث ابناً بزيارة والديه ليختصرها برسالة أو فيديو قصير عبر تطبيقات "مسانجر" أو "واتس آب" أو غيرهما، ويبقى هذا ضمن الجدل المصاحب لكل عيد مذ بدأت هذه المنصات تغزو حياة الجزائريين، بين ترحيب بها وداع للنفور منها.

ورغم ذلك تبقى الزيارات العائلية ميزة بارزة لدى الأسر الجزائرية، التي تلتئم على مأدبة غداء تقليدية في أول أيام العيد، فلا طبق يعلو فوق طبق "الكُسكُسي باللحم" أو "الرَّشْتَة" أو "الشَّخْشُوخَة" أو "لْسَانْ العصفور" أو "التَّرِيدَة"، أُكلات جزائرية خالصة يزيد الارتباط بها أكثر خلال مناسبة العيد.

الجزائريون يعيشون عيدهم في هدوء، فلا زحمة في الطرق ولا بالفضاءات التجارية، كل الأمكنة هادئة، الأحياء والشوارع والأزقة، هدوءٌ يكسره "ضجيج" الأطفال الفرحين بمَقدم العيد، المبتهجين بلباسهم الجديد، السعداء بمعايدتهم للكبار في بيوت الجيران والأقارب، والمسرورين بما جمعوا من دنانير من "العيدية".

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق