نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاتفاق الأميركي الروسي: عهد جديد لمصالح الكبار - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 31 مارس 2025 08:38 صباحاً
ايجي سبورت - صبري الرابحي ـ تونس
شهدت العاصمة السعودية الرياض خلال ثلاثة أيام جولات مهمة من المفاوضات الأميركية الروسية في ما يعد استكمالاً لتفاهمات ترامب وبوتين التي بدأت منذ عشر سنوات خلت تقريباً إبان انتخاب ترامب رئيساً خامساً وأربعين للولايات المتحدة الأميركية الواقفة على امتداد سنوات على نقيض السياسات الروسية منذ أن كانت تحتكم إلى تنافر الأقطاب معها.
اليوم وفي صفحة جديدة من التفاهمات سقط الاستقطاب الثنائي أمام المصالح المشتركة للبلدين وأصبح العالم إزاء مشهد جديد يحمل وراءه وجهاً آخر للمنافسة بين الكبار.
الاتفاق الأميركي-الروسي:
أعلن البيت الأبيض أن حصيلة مفاوضات الرياض التي احتضنت المحادثات الأميركية-الروسية أن الولايات المتحدة ستساعد روسيا على استعادة وصولها إلى السوق العالمية للصادرات الزراعية والأسمدة، وتمكنها من خفض تكاليف التأمين البحري إضافة إلى تعزيز وصولها إلى الموانئ وأنظمة الدفع لمثل هذه المعاملات وفقاً لبيان البيت الأبيض.
بذلك يصبح واضحاً وجلياً أن تقاطعات الأرباح الاقتصادية هي المحدّد الرئيسي لهذا التقارب الذي لا يمكن أن يفاجئ جمهور ترامب الذي يعرف جيداً عقله الاستثماري وكذلك جمهور بوتين بعقله الاستعماري واللذين يلتقيان حول التعاون المشترك من أجل الرخاء المشترك بدلاً من تنافر الأقطاب.
المثير للجدل أيضاً هو تركيز الولايات المتحدة الأميركية على البحرية التجارية في مفاوضاتها، ما يحيلنا على هاجس البناء المشترك لممرات آمنة في البحر الأحمر يساهم اقحام الروس فيها إلى الدفع نحو تقليل التوتر فيها وبالتالي تستثمر الولايات المتحدة الأميركية عنصر الربح الاقتصادي بدلاً من الصواريخ الموجهة لليمن بإشراك روسيا في غنائم الممرات البحرية.
توافقات الولايات المتحدة وروسيا حول الملف الأوكراني:
لا يمكن التغاضي عن حضور الملف الأوكراني في مفاوضات الرياض، هذه المفاوضات سبقتها منذ أسابيع إهانة ترامب العلنية لنظيره الأوكراني في البيت الأبيض بالذات.
مفاوضات الرياض عنونت هذا المحور بأنه محور البحث عن السلام الدائم والثابت والذي تبرز ملامحه من خلال عودة مفاوضات السلام وتعهد كلا الطرفين بعدم استهداف المنشآت الطاقية وحماية البحرية التجارية في البحر الأسود.
هذه التفاصيل المهمة تؤشر على حزم الولايات المتحدة الأميركية في إنهاء هذه الحرب بأي شكل واستعدادها لإرغام أوكرانيا على إيقاف الحرب وتعزيز الموقف الروسي أمام الجانب الأوروبي وهو ما يمكن روسيا من فرض شروطها على المنتظم الأوروبي الذي أصبح يفكر في أمنه قبل كل شيء أمام ابتزاز ترامب الذي يبدو أنه يتقن جيداً تحويل الحروب إلى استثمارات اقتصادية حتى على حساب بنيوية التحالفات الكلاسيكية.
مصالح الكبار وحق الشعوب في تقرير مصيرها:
استطاعت الولايات المتحدة الأميركية اقناع العالم لأزيد من قرن من الزمن بأنه من حق الشعوب تقرير مصيرها عندما أظهرت مثالية متناهية في إغلاق قوس الحرب العالمية الأولى بواسطة معاهدة فيرساي.
هذا المبدأ الكوني الذي أسس لأحد أهم مبادئ القانون الدولي لطالما تعلق برؤية الولايات المتحدة الأميركية للأمور من زاوية مصالحها ومصالح حلفائها وبالتالي كلما تحركت في اتجاه تفاهمات جديدة يطفو هذا المصطلح على الساحة.
اليوم وبعد تفاهمات الرياض يجوز التساؤل مجدداً عن حق الشعب الأوكراني في تقرير مصيره، أيضاً حقّ الشعوب في أوروبا في تقرير مصيرها بعد الزوال المرتقب لمظلة الحماية الأميركية من الخطر الروسي القادم من الشرق.
أيضاً لابد من التساؤل حول ما يحمله التقارب الروسي والأميركي من تفاهمات بخصوص الشرق الاوسط أساساً الدور الإيراني في المنطقة وإسناد الحوثيين في اليمن والمقاومة في فلسطين ولبنان.
يعني أن التقاء مصالح الكبار اقتصادياً سوف يؤدي إلى التعاطي المشترك مع القضايا الحارقة بمقاربة "الأفضل" على حساب "الأجدى" لخلق مشهد جديد وخرائط جديدة تتفق الإمبريالية على رسمها وتفقد فيها الشعوب جوهر قضية تقرير المصير بسبب تقاسم الكبار للمصلحة والهيمنة على حساب العدل والانصاف حيث يصبح لكل شيء ثمن.
0 تعليق