نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صديق الدهبي: العِلْم يرسّخ فكرة ما بعد الإنسان بتجاوزه المتخيّل - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025 10:40 صباحاً
ولفت إلى أن هوس الذهاب بعيداً في رؤية مستقبل البشرية من منظورات لا تقيم حدوداً للتخيل والإبداع، في «الزمن المعاصر» أكثر من غيره في باقي الأزمنة والحضارات، لاعتبارات عدة منها، الثقة الزائدة في العلم ومنجزاته، وفي ما أثبته العقل البشري بشأن قدرته على طرق أبواب العوالم اللامتناهية. وتساءل: هل تكون فكرة «ما بعد الإنسانية» و«الثورة الإحيائية المعاصرة» الحاملة لعقيدة «موت الموت» هي مدى هذا التوق الأخير؟ أم بمقدور المقاومة الإتيقية فرملة هذا النهم البشري وخلق الانسجام المطلوب بين الإنسان والإنسان؟
ويرى أنّ من إحراجات هذه النقلة، امتدادات المفاهيم السالفة على معاني الهوية والوجود والطبيعة الإنسانية والوضع البشري، ذلك أن مسايرة المد العلمي للبحوث المتعلقة بالتكنولوجيا الإحيائية، وما يجري تحقيقه من نتائج كانت إلى وقت قريب موضوعة في خانة «الاستحالة المعرفية»، انتهى إلى شرخ عميق في التعاطي مع سيد الأسئلة، ونقصد طبعاً «الهوية»، بداية من محددها الأول المتعلق بـ«الجسد»، الذي صار أمر تغييره وتحسينه وتبديل أجزائه/أعضائه أمراً متاحاً وميسراً، إلى درجة احتمال وأد «وجوده» الذي صار مجرد احتمال من ضمن احتمالات أخرى كثيرة ممكنة، عقب إمكان تجنب فعل الإنجاب في حال ثبت وجود تشوهات خلقية، أو الأسئلة المتعلقة بالفعل الجراحي، وموضوع نقل الأعضاء وزرعها، وما ارتبط بها من عمليات التجميل والتحسين والتطوير، التي تنتهي إلى تشكيل إنسان «منزوع الهوية، أقرب ما يكون أجنبياً عن ذاته، مع هذا الدخيل من الأعضاء على جسده الأصلي»، مؤكدا أن ما يأتي يثير جدلاً متعلقاً بمطلب «القابلية للاكتمال»، ولهفة الحصول على «إكسير الخلود» من خلال التوق إلى مرحلة «موت الموت» وإبطال مفعولات المرض والشيخوخة والتعب والإرهاق والمعاناة، وما تعلق بها من أحلام وأمان بشرية، تريد حسم سؤال النهايات أياً كانت طبيعتها أو شكلها، أمام ثقل نزوة البقاء ورغبات الاستمرارية والخلود، ليس بمعانيه المتعلقة بزمن الأنوار، إذ إن التطلع إلى تحقيق الاكتمال بدلالاته الأخلاقية والسياسية التي ربما جسد روحها العامة، وإنما بمعانيه المتصلة بالاستبدال الجيني والوراثي، الذي يحيل إلى «التكييف البيولوجي»، والانتقال إلى ما يسميه «فوكوياما» مرحلة النظر إلى الإنسان بيولوجياً كمنتوج لتركيب الخلايا، وباختصار، الانتقال إلى الاكتمال في معاني مغايرة ترد ضمن مجال المعرفة البيولوجية، لتعني خلق تحول وتغيير في الإنسان.
وعدّ من الإحراجات التي تثيرها هذه النقلة طي المسافات أكثر، والاقتراب تدريجياً من «شبح ما بعد الإنسانية»، والتأكد من أن مكمن خطورتها، ليس فقط في احتمال تحققها من عدمه، بل في كم الأسئلة التي تثيرها حتى وهي موضوعة في خانة «اليوتوبيا البيولوجية»، وفي ما يعقبها من «خوف» على مصير الإنسانية الجديدة المُتَخيَّلة، وحالة «السخرية» الناشئة عن احتمال حدوث هذه النقلة فعلياً، ثم إن هذه النقلة هي «شبح»، من حيث كونها تثير نقاشا أيديولوجياً ولاهوتياً وسياسياً واجتماعياً، فهي من الناحية السياسية والإيديولوجية، تقدم نفسها بديلاً لأيديولوجيات التقدم وتغيير الواقع، كما هو شأن «الإيديولوجيات الشمولية»، وهي أيضاً تثير جدلاً لاهوتياً عميقاً، حين تقدم نفسها على هيئة كوبرنيكية جديدة، وهي تقتحم أسئلة الخير والشر وربما الحلال والحرام، ومن شأنها اجتماعياً أن تتحول إلى أداة تفسير جديدة لمنظومات التنشئة التقليدية، ما يعني في النهاية أنها تحولات بنيوية وشاملة، وتقترح نفسها كبراديغم مستقل، يتشكل من مبادئ مغايرة، أهمها أن الإنسان ليس إلا «حزمة جينات» وأنه لم يبقَ هناك أي ممانعة ممكنة باستثناء الانخراط في رؤية تستضيف الأمل بموضوعية، وتتبنى رهان «العودة نحو الإنسان».
وذهب إلى إمكانية التعامل مع هذه النقلة، وفق أخلاقيات المسؤولية ومبدأ الحذر، وما يرتبط بهذه المطالب من جسور إنسانية وأخلاقية، يمكنها أن تكون بالفعل، واقياً متيناً من مطبات النهم اللامحدود للمعرفة، والعشق الزائد لنظريات «التنبؤ»، مشيراً إلى أهمية التمسك بمجموع الدوافع الأخلاقية، التي تقيم وزناً لإنسانية الإنسان، والتي يجري تصويبها وترتيبها في نظريات وأطروحات إتيقية، تكون إما باسم المناقشة أو المواطنة أو المسؤولية أو الحذر أو الخصوصية، وتطبيق مبدأ «هانس جوناس»، في حديثه عن واجب الامتناع عن الأفعال التي لا يجب علينا فعلها على الإطلاق، ويبدو أشبه ما يكون بالشرط الأخلاقي الذي شيده «كانط» جواباً عن سؤال: ما الذي ينبغي علينا فعله؟ في سياق تحديد الأرضية الأخلاقية للعيش بالمعية، إلا أنّ، الأمر أشبه بسؤال وجودي، عما ينبغي علينا بالضرورة فعله للبقاء والاستمرارية لا مجرد العيش بالمعيّة.
أخبار ذات صلة
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : صديق الدهبي: العِلْم يرسّخ فكرة ما بعد الإنسان بتجاوزه المتخيّل - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025 10:40 صباحاً
أخبار متعلقة :