نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العالم يستعجل المفاوضات وفرص السلام الضائع! - ايجي سبورت, اليوم الأربعاء 19 مارس 2025 03:10 صباحاً
ايجي سبورت -
أثناء حملته الانتخابية، تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف الحرب في أوكرانيا خلال ساعات أو خلال يوم واحد ثم تطورت الأمور إلى أسابيع وبعدها إلى شهور حتى بلغنا مرحلة مفاوضات يجريها وفد أميركي مع وفد أوكراني في المملكة العربية السعودية، حيث أبدى الجانب الأوكراني استعداده لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثين يوماً، الأمر الذي رحّب به الجانب الأميركي، وكذلك نال موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي دونها شروط كثيرة للتوصل إلى سلام طويل الأمد.
بيد أن تعيين المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لخوض المفاوضات الأميركية-الأوكرانية، وهو الذي يعمل في الوقت ذاته على ملف غزة شديد التعقيد، أسال الكثير من الحبر حول تشابك وتداخل الديبلوماسية الأميركية؛ إلا أن اتساع دور ويتكوف يعزى إلى حاجة ترامب لبعض الشخصيات التي تتوافر فيها ميزة الإنصات والإصغاء له دون مشاكسته وميزة البراغماتية والروح العملية للمضي قدماً إلى الميدان وتحقيق بعض النتائج وهو ما يتشابه إلى حد كبير بين ويتكوف-ترامب في ولايته الحالية ومبعوثه السابق في ولايته الأولى جارد كوشنير، ناهيك عما يتمتع به ويتكوف من إلمام ومعرفة كبيرين في قضايا الشرق الأوسط والثقافة السياسية في هذه المنطقة، ما ينسحب على مكانة الرياض كمسرح للتفاوض الروسي – الأوكراني.
أما بالعودة إلى ما أثمرت عنه محاولات كييف وواشنطن وموسكو باقتراح وقف إطلاق النار لمدة ثلاثين يوماً مع الأخذ بعين الاعتبار الشروط الروسية، فلا يبدو أن ذلك ينسحب حسب تقديرات الدهاء السياسي لترامب في هذه المرحلة وذلك لأسباب عديدة؛ فمن جهته يريد بوتين الإقرار بالأمر الواقع إذ لا تنازل عن الأقاليم الأربعة التي ضمتها موسكو. يقابل ذلك سردية أوكرانية تتذبذب بين الحدود الدنيا من الشروط والحدود القصوى من التنازلات، أما بالنسبة للولايات المتحدة فلا يولي ترامب أي أهمية للتفاصيل الدقيقة بحيث يعمد إلى تبسيط الأمور لجهة كونها صفقة أولية بين بوتين والرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي وصفقة ثانية بوتينية-ترامبية.
لكن هذا الطرح التبسيطي للأزمة الأوكرانية سيتداعى في حال عدم معالجة جذور المعضلة المتمثلة بعلاقة روسيا بحلف شمال الأطلسي "الناتو"، الأمر الذي يقودنا إلى طرح سؤال جوهري: هل يمكن المضي قدماً في مفاوضات أوكرانية-روسية دون حضور العواصم الأوروبية أو بمعنى أدق التمثيل الأوروبي الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذه الأزمة، وبناء عليه وانطلاقاً من مبدأ تسوية الصراعات قد يحتاع نزع فتيل الصراع لجولة تفاوض أولى تمهد لجولات أخرى تضم الأطراف كافة للولوج إلى طريق صنع السلام أولاً الذي قد يقود لصنع السلام في مرحلة لاحقة.
في ظل كل ما يحدث، ترمي أوروبا بثقلها لدعم أوكرانيا ولعلّ مصادقة الجمعيّة الوطنيّة الفرنسيّة، وهي الغرفة الأولى للبرلمان، على توصية تقضي بمصادرة الأصول الروسيّة الموجودة في المصارف الفرنسيّة والأوروبيّة والتي تقدّر بـ200 مليار دولار أميركي بهدف استعمالها لتمويل ودعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا من جهة، ولإعادة إعمارها من جهة أخرى، ما يعكس خشية الأوروبيين من نشوء حلف روسي-أميركي محتمل في مواجهة بروكسيل، الأمر الذي يبرر تمسك الأوروبيين بدعم أوكرانيا خشية على أمنهم القومي ما يفسر الأرق الأوروبي الاستراتيجي من التمدد الروسي غرباً، خصوصاً في ظل تناقض السياسات الأميركية لجهة إنعاش العلاقات الأطلسية وفق ديبلوماسية الرئيس الأميركي السابق جوزف بايدن كمفتاح لحلّ الأزمات وتوجه الإدارة الأميركية الحالية برئاسة ترامب بالتخلي عن أكبر حلف سياسي عسكري واستراتيجي في العالم الذي وضع أوروبا برمتها تحت حماية المظلة الأمنية الأميركية لعقود طويلة.
في المحصلة، يبدو أن العالم يصل متأخراً إلى لغة المفاوضات، بحيث كان يجب وضع ميزان قوة جديد يمثل منصة يطمئنّ من خلالها الروس لجهة وقف الزحف الأطلسي باتجاههم مقابل طمأنة الأوروبيين بأن روسيا جارة أوروبية وليست خصماً نظراً لما شهدته أوروبا، بدءاً من أحداث جورجيا مروراً بشبه جزيرة القرم وما تشهده أوكرانيا حتى هذه اللحظة. ولن يحلّ سلام ما لم تجتمع أضلاع مثلث موسكو، بروكسيل وواشنطن لعقد قمة على غرار قمة ريكيافيك شريطة ألا تكون فرصة ضائعة للسلام!
-المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية
أخبار متعلقة :