نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا سيفشل ترامب بفك الارتباط بين روسيا والصين؟ - ايجي سبورت, اليوم الأربعاء 19 مارس 2025 06:27 صباحاً
ايجي سبورت - "الأمر الوحيد الذي لا تريد أبداً أن يحدث هو... اتحاد روسيا والصين. سأضطر إلى تفكيك اتحادهما، وأعتقد أنه يمكنني أن أفعل ذلك".
ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تشرين الأول (أكتوبر) حين كان مرشحاً إلى الانتخابات يبدو أنه يجد طريقه إلى التنفيذ في الملف الأوكراني.
بحسب منطق ترامب وعدد من مساعديه، إن آخر ما تحتاج إليه الولايات المتحدة حالياً هو قطب آخر ينضم إلى القطب الصيني الصاعد، والذي يمثل لوحده تحدياً هائلاً لأميركا. من هنا، وجب إنهاء الاستنزاف الروسي في أوكرانيا مقابل زيادة احتمالات انفصال موسكو عن بكين، وبشكل مثالي، تقديم دعمها لواشنطن في حربها الباردة الجديدة ضد العملاق الصيني.
العلاقات ليست مثالية
في الظاهر، ثمة توترات خفية بين روسيا والصين يمكن استغلالها لمصلحة أميركا. تشعر روسيا بثقل التاريخ وهي تنظر إلى انقلاب موازين القوى مع جارتها، بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع خلال الحرب الباردة. لم تصبح روسيا اليوم الشريك الأصغر للصين وحسب، بل باتت معتمدة على شراء بكين موارد الطاقة منها، وبأسعار مخفضة، لتتمكن من مواصلة الحرب على أوكرانيا. وتعتمد روسيا على الصين للحصول على بعض السلع التكنولوجية ذات الاستخدام المزدوج لتطوير جزء من أسلحتها. بالرغم من كل ذلك، ظل الدعم الصيني لروسيا مضبوطاً إذ التزمت غالبية البنوك الصينية بالعقوبات الغربية. واصطدم مشروع "قوة سيبيريا 2" لنقل الغاز الروسي من غرب سيبيريا إلى شمال شرق الصين بتردد بكين في التوقيع عليه. يستطيع هذا المشروع نظرياً تعويض نصف خسائر الصادرات الروسية إلى أوروبا بعد العقوبات. لكن في حزيران (يونيو) الماضي، نقلت "فايننشال تايمز" عن "أشخاص مطلعين" على الملف قولهم إن المفاوضات مجمدة بين الطرفين بسبب مطالب الصين "غير المعقولة بشأن السعر ومستويات الإمداد".
بالحديث عن سيبيريا، ثمة نقطة أخرى قد تخيف روسيا. مع ضعف إمبراطورية كينغ في القرن التاسع عشر، خسرت الصين ما يقرب من مليون كيلومتر مربع من الأراضي لمصلحة روسيا القيصرية. باتت الصين في موقف أفضل للنظر في استعادة تلك المساحة، أكان عبر القوة العسكرية أو القوة الاقتصادية والديموغرافية، خصوصاً أن عدد السكان الروس في شرق سيبيريا لا يوازي عدد السكان الصينيين في أكبر مدينة على الجانب الآخر من الحدود. ترافق ذلك مع تغيير صيني لأسماء بعض المدن الروسية (في طليعتها فلاديفوستوك) وإعادتها إلى التسمية الصينية القديمة.
لا تعني هذه النقاط الإشكالية في العلاقة بين الصين وروسيا أن البلدين سيتوجهان قريباً إلى الافتراق. هذه النقاط وغيرها تفسر فقط سبب عدم تمكن البلدين من تأسيس حلف راسخ بالرغم من امتعاضهما المشترك من النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة. لذلك، تبدو فرضية أن واشنطن قادرة على الفصل بين الدولتين مشوبة بالثغرات.
البدائل المنتظرة
حتى لو كانت روسيا مستعدة للابتعاد عن الجار الصيني، لا تتصرف الإدارة الحالية بطريقة تحقق لها هذا الهدف. قدم ترامب جميع التنازلات الممكنة لروسيا قبل أن يطلب منها فك ارتباطها بالصين. لقد سحبَ فكرة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي من التداول، وهكذا فعل مع فكرة مشاركة الولايات المتحدة في القوات التي ستكون مسؤولة عن ضمان وقف إطلاق النار. وساهم التجميد الموقت للمساعدات العسكرية والاستخبارية لأوكرانيا في خسارتها رافعتها الوحيدة قبل المفاوضات، وهي سيطرتها على كورسك. وما من ضمانة بألا تعاود الإدارة اللجوء إلى هكذا تجميد في المستقبل. باختصار، إذا لبى ترامب غالبية المطالب الروسية في أوكرانيا من دون أن يشترط عليها تقديم أي مقابل، فلماذا تتخلى موسكو طوعاً عن علاقتها ببكين؟
من جهة ثانية، لم تعد الولايات المتحدة تقدم ذلك الاستقرار الطويل المدى في علاقاتها الخارجية. على افتراض أن واشنطن قادرة على تلبية شروط موسكو المحتملة كي تبتعد عن بكين، بما فيها إقناع أوروبا باستعادة علاقاتها التجارية مع الروس وهو أمر صعب جداً، ليس هناك ما يوحي بأن روسيا قادرة على الوثوق بتعهدات ترامب. فبعد أربعة أعوام، ربما يعود الديموقراطيون إلى البيت الأبيض والكونغرس وتعود معهم سياساتهم المتشددة تجاه موسكو. وليس من المؤكد حتى من سيتولى دفة الجمهوريين بعد ترامب. لا يزال جيه دي فانس بعيداً من كسب ترشيح ترامب إلى انتخابات 2028، هذا بالتوازي مع احتمال معقول لعودة أحد الصقور الجمهوريين إلى الواجهة من جديد.
إلى جانب كل ذلك، وبالنظر تحديداً إلى اعتماد روسيا الكبير على الصين لتنشيط اقتصادها، من شبه المستحيل على ترامب أو غيره تفكيك هذا التشابك. على سبيل المثال، اشترت الصين أكثر من 200 مليار دولار من الطاقة الروسية سنة 2024. هل تستطيع الولايات المتحدة تأمين بديل ملائم لروسيا على هذا الصعيد؟ السؤال بلاغي بطبيعة الحال.
"حماقة"
لغاية نشر هذه الكلمات، لم يكن واضحاً ما إذا كان ترامب قد تحدث مع بوتين بخصوص علاقة بلاده مع الصين. في كلتا الحالتين، من غير المرجح أن يتوصل الرئيسان إلى قاسم مشترك حول هذه النقطة.
قبل أسبوع واحد وحسب، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أي محاولة أميركية للفصل بين روسيا والصين بأنها "حماقة". عزا ذلك إلى أن موسكو، وعلى عكس واشنطن كما قال، تلتزم بمعاهداتها. قد يكون السبب الذي قدمه لافروف غير مقنع كثيراً، لأن الالتزامات عادة ما تتبدل بتبدل المصالح. لكن بما أن الولايات المتحدة عاجزة عن تقديم مصالح بعيدة المدى لروسيا تفوق تلك التي تجمعها بالصين حالياً، ناهيكم عن أن ترامب، لغاية اليوم على الأقل، لا يخير الروس بين الولايات المتحدة والصين، فقد يكون الرهان على التفريق بين موسكو وبكين خاسراً إلى حد بعيد.
أخبار متعلقة :