نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تفجّر الخلافات الحدودية المزمنة بين لبنان وسوريا... شحيتلي لـ"النهار": آليات الحل موجودة منذ الستينيات - ايجي سبورت, اليوم الأربعاء 19 مارس 2025 11:32 صباحاً
ايجي سبورت - على رغم أن كثرا يدرجون الاشتباكات الضارية الدائرة منذ أيام خلت على الحدود الشرقية للبنان مع سوريا، وهي الواقعة ضمن النطاق العقاري لقضاء الهرمل، في خانة سياسية تفجرت أخيرا بعد سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة "هيئة تحرير الشام" المتبنية إيديولوجيا دينية متشددة على مقاليد الحكم في دمشق، فقد أعاد ذلك، على بداهته، إلقاء الأضواء مجددا على واقع عنيد مسكوت عنه، مفاده أن ثمة خلافات حدودية تاريخية بين البلدين تعود جذورها إلى ما قبل نشوء الكيانين، لكنها غيبت تحت وطأة تطورات وتحولات سياسية، وبقيت حاضرة وجاهزة لتصير معضلة وقضية خلافية عميقة ومتفجرة ومفتوحة كما هو الحال منذ نحو شهرين.
ومن الطبيعي الاستنتاج أن طرفي الصراع الدائر فصولا حاليا، قد استندا إلى هذه الخلافات الحدودية ليفتحا أبواب المواجهات التي تطورت في الساعات الماضية لتستحيل حربا بكل معنى الكلمة، ولاسيما بعدما انخرط فيها الجيش اللبناني مباشرة، في مقابل دخول الجيش السوري ومجموعات من "هيئة الأمن العام" الفصيل الذي استحدثه الحكام الجدد في دمشق ليكون عصاهم الغليظة في وجه ما يسمّونه "فلول النظام الساقط".
يؤكد اللواء الركن المتقاعد الدكتور عبد الرحمن شحيتلي، واضع كتاب "الحدود اللبنانية البرية والبحرية -دراسة تاريخية وجغرافية وسياسية" (صدر عام 2024) في حديث إلى "النهار" أن انفجار الخلافات الحدودية أخيرا بين لبنان وسوريا "كان أمرا متوقعا لاعتبارات ووقائع عدة، من بينها أن ثمة خلافات حدودية تاريخية، وسببا تاريخيا هو أن كل العهود السورية المتعاقبة منذ الاستقلال إلى الآونة الأخيرة ظلت تنطلق من "عقدة تارخية كامنة" مفادها أن ثمة أرضا (لبنان) سلخت من سوريا سلخا بموجب اتفاقات سايكس بيكو".
يضيف: "من باب التذكير ليس إلا، فإن أول اعتراف سوري صريح بالحدود اللبنانية كان في "اتفاق الإسكندرية" الذي وقّعه ممثلو 5 دول عربية كانت يومها قد نالت استقلالها، وكان ذلك في تشرين الأول 1944، أي أن هذا الأمر تم بعد سنة أولى من استقلال البلدين. وعلى رغم ذلك، فإن عملية الترسيم الحدودي النهائي بين البلدين لم تبدأ إلا في مطالع عقد الستينيات من القرن الماضي، وقد استمرت اجتماعات اللجان والوفود المكلّفة من كلا البلدين حتى مطالع السبعينيات. وكان يوم 22 تشرين الأول 1970 تاريخ توقيع اتفاق الترسيم النهائي بين حكومتي البلدين. وقد وقع يومها عن الجانب اللبناني وزير الخارجية حينها خليل أبوحمد وعن الجانب السوري وزير الخارجية عبد الحليم خدام. وقد تضمن الاتفاق إنشاء هيئة دائمة مشتركة مهمتها الإشراف العملاني على تنفيذ الاتفاق، يرأسها عن الجانب اللبناني الأمين العام للخارجية وعن الجانب السوري مساعد وزير الخارجية. وحدد الاتفاق مهمة اللجنة بـ"متابعة القضايا التي تهم البلدين والنظر في الاعتراضات والشكاوى التي يقدمها أصحابها، وإيجاد الحلول لها خصوصا في المسائل الاقتصادية والأمنية ذات الصلة".
وفعلا، عقدت هذه اللجنة اجتماعات عدة، ووضعت أسسا لحل مشاكل معينة، لكنها أقرت بوجود 27 خلافا على طول الحدود اللبنانية – السورية، تبدأ من أكروم وأكوم في أقاصي الشمال مرورا بالهرمل وشربين وبلوزا والقاع وجوسة العمار، والقاع وبعيون وقارة وصولا إلى راس بعلبك وعرسال وجوارها وفليطا مرورا بحام وسرغايا والطفيل وعسال الورد وانتهاء بمزارع شبعا.
ويشير شحيتلي إلى أنه "من المحطات الإيجابية الواعدة في مسار الترسيم والتنفيذ، اتفق في مطالع السبعينيات ممثلو البلدين على وضع تقرير نهائي عن هذه القضية الخلافية، وقد رفع إلى حكومتي البلدين اللذين وقعاه، ثم سارعا إلى تأليف هيئة دائمة لبنانية - سورية يُناط بها إيجاد أسس لحل الخلافات".
وردا على سؤال، يقول شحيتلي إن "هذا الاتفاق أوكل إلى القضاة العقاريين مهمة حل أي خلاف حدودي لاحقا. وفي سياق السعي إلى إيجاد الحلول، اتفقت حكومتا البلدين عام 1969 على تأليف لجنة تنفيذية مهمتها ترسيم دائم للحدود وتصفية القضايا الخلافية تمهيدا لإنهائها".
ومن المفيد التذكير هنا بأن الحكومة اللبنانية يومذاك صرفت مليوني ليرة لشركة خاصة أوكلت إليها مهمة وضع الخرائط الحدودية النهائية، وهو ما يؤكد أن السلطات اللبنانية كانت دوما جادة في إيجاد حلول لهذه الخلافات، لكن الرياح كانت تهبّ عكس ما تشتهيه السفن.
وفي السياق عينه، يذكّر شحيتلي بالاجتماع الذي عقد في شتوره عام 2009 بين وفد لبنان برئاسة محافظ البقاع يومها والوفد السوري برئاسة محافظ حمص، وقد اتفق بنتيجته على تسمية أربعة معابر غير رسمية بين البلدين (لجهة الحدود الشرقية)، على أن يُسمح للتلاميذ والمعلمين والمزارعين بالعبور اليومي بين البلدين وفق لوائح إسمية تضعها سلطات البلدين سلفا، وذلك لضمان تسهيل أمور القاطنين على طرفي الحدود في قرى وتجمعات بشرية متداخلة.
وردا على سؤال عن الخلاف على ملكية بلدة حوش السيد علي التي برزت خلال الساعات الماضية كإحدى نقاط الصراع، خصوصا أن القوات السورية تريد "استرجاها وتحريرها"؟ يجيب شحيتلي: "لعقود خلت لم يكن هناك بلدة عامرة بهذا الاسم، بل كان ثمة معبر حدودي بين البلدين يسمّى حوش السيد علي، لكن البناء توسع هناك في الأعوام الأخيرة وامتد من النطاق العقاري اللبناني إلى النطاق العقاري السوري، وهذه الحال تنطبق أيضا على أكثر من 12 بلدة متداخلة، وهذا أحد مظاهر تعقيد الوضع الذي أميل إلى القول إنه يحتاج إلى آلية حل جديدة تلجأ إليه سلطات البلدين بعد أن تصفى النيات وتكون هناك رغبة مؤكدة في إرساء أسس الحل وليس تعقيد الأمور وتضخيمها لغايات معروفة".
ويخلص إلى أن "دراستنا تبين بوضوح أن ثمة خلافات عميقة وتاريخية على الحدود بين البلدين، وقد عجزت سلطات البدين عن حلها، لذا تنوعت طروحات آليات الحل".
كيوسك
أخبار متعلقة :