ايجي سبورت

الدعاوى الزواجية المختصرة رحمة للنفوس والجيوب - ايجي سبورت

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الدعاوى الزواجية المختصرة رحمة للنفوس والجيوب - ايجي سبورت, اليوم الخميس 20 مارس 2025 04:31 صباحاً

ايجي سبورت - حبيب خلف*

 

 

لقد أناط قانون 2 نيسان / أبريل 1952 بالمحاكم كل ما يتعلق بنظام الأحوال الشخصية للبنانيين كل بحسب طائفته، وعليه أصبحت كل أمور الزواج وأحكامه من طلاق وفسخ وبطلان إضافة إلى مفاعيل الزواج أي الحضانة وحراسة الأولاد والنفقة الزوجية والوالدية، والوصية والتبني، إلخ... في يد هذه المحاكم.

 

وتخضع الكنائس الشرقية الكاثوليكية لمجموعة قوانين الكنائس الشرقية والتي صدرت عام 1990 عن البابا يوحنا بولس الثاني وقد شكلت نقلة نوعية بخاصة في ما يتعلق بأصول المحاكمات الزواجية. وفي الكنيسة الكاثوليكية البابا هو المشرع الأول وعليه تخضع جميع الكنائس الكاثوليكية لأية تعديلات على القوانين تصدر عن قداسة البابا.

 

يشكل القضاء الكنسي جزءاً مهماً في معالجة القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية والروحية للزوجين، وبخاصة تلك المتعلقة ببطلان الزواج.

 

وفي السنوات الأخيرة، كان هناك توجه نحو تسريع الإجراءات القضائية وتحقيق العدالة بطرق أكثر مرونة تلبيةً لاحتياجات المؤمنين. هذا التوجه أصبح أكثر وضوحاً بعد إصدار البراءة الرسولية من البابا فرنسيس التي حملت عنوان: "يسوع العطوف الرحوم" (Misericordia et misera) التي تمنح تسهيلات معينة في إجراءات المحاكم الكنسية، بما في ذلك تقليص الزمن والجهد والمال للفصل في قضايا بطلان الزواج.

 

ففي 8 كانون الأول / ديسمبر 2015، أصدر البابا فرنسيس البراءة الرسولية "يسوع العطوف الرحوم" التي ركزت على موضوع الرحمة الإلهية والمغفرة. وقد أضاف البابا في هذه البراءة بعض التعديلات في الإجراءات الكنسية، لا سيما في ما يتعلق بالأحكام القضائية الخاصة ببطلان الزواج. هذه التعديلات تهدف إلى تسريع الإجراءات القضائية وتبسيطها، وهذه خطوة مهمة نحو تسهيل الحياة الروحية والاجتماعية للزوجين؛ فبدلاً من أن يكون هناك مسار قضائي طويل ومعقد قد يستغرق سنوات، أصبح من الممكن اتخاذ قرارات أسرع وأقل تعقيداً، ما يسهم في الوصول إلى قرارات عادلة للزوجين الباحثين عن حل
لمشاكلم الزوجية.

 

ومن الفوائد الرئيسية لتطبيق الطرق المختصرة هو تقليص الوقت الذي تستغرقه القضايا، إجراءات المحكمة والاستجوابات وتقديم البينات والشهود والاستعانة بخبراء، حيث يمكن للطرفين
المعنيين الحصول على إجابة سريعة، ما يقلل من الأعباء النفسية والروحية التي قد تصاحب الانتظار الطويل.

كذلك الأمر ، إن إجراءات المحكمة الطويلة والمعقدة قد تكون مكلفة للغاية للزوجين. أما من خلال المسار المختصر، فيتم تقليل التكاليف المرتبطة بالقضية، وبالتالي يتمكن الزوجان من الوصول إلى الحل دون الحاجة إلى تحمل تكاليف ضخمة.

 

بالإضافة إلى الجوانب العملية والمالية، يمكن للطرق المختصرة أن تساهم في توفير الراحة النفسية والروحية للزوجين. فالتأجيل الطويل قد يؤدي إلى حالة من التوتر والضغط النفسي، بينما تسريع الإجراءات يساعد الزوجين على الحصول على إجابة دينية وإنسانية تسهم في راحتهم الروحية، كذلك تجنب الأولاد القاصرين الدخول في متاهات المحكمة والمحاكمة وتعرضهم إلى ضغوطات نفسية واجتماعية وحتى مادية لا يفقهون بها، وقد تؤثر على مسيرتهم النفسية والعاطفية لا بل على خياراتهم المستقبلية والعائلية.

 

إن تطبيق الإرادة البابوية التي تصب في تسريع إجراءات المحكمة في القضايا الكنسية يتعلق بالرحمة الإلهية واعتبارها من أولويات الكنيسة. فالكنيسة، من خلال البراءة الرسولية "يسوع العطوف الرحوم" تسعى إلى إظهار رحمة الله في الحياة اليومية للناس، بخاصة في حالات الطلاق المدني و تأثيره على بطلان الزواج الكنسي. فعندما يتم تطبيق هذه الإرادة بشكل صحيح، يتم الوصول إلى قرارات تتسم بالعدالة والرحمة في وقت مناسب، ما يساعد على الحفاظ على الكرامة الإنسانية للزوجين ويمنحهم فرصة للشفاء الروحي.

 

إحدى السمات التي ميزت هذا المسار هو السماح بتقديم عريضة مشتركة من الزوجين اللذين يطلبان
بطلان زواجهما بالتوافق. هذا يسهم في تقليل الحواجز النفسية بين الطرفين، ويعزز روح التعاون والاحترام المتبادل. كما أن تقديم الطلب بهذه الطريقة يساعد في تسريع عملية التحقيق واتخاذ القرار من قبل محكمة الأبرشية المحلية، ما يجعل القضية أكثر بساطة ويسراً للطرفين.

 

ومن التعديلات المهمة التي طرأت على الإجراءات القضائية هي السماح لمحاكم الأبرشيات المحلية
بالنظر في القضايا المتعلقة بالبطلان، فبعد أن يتسلم مطران الابرشية العريضة المشتركة يحيلها إلى النائب القضائي والذي يدرس الطلب مع المحامي عن الوثاق ويتأكد من مجريات الوقائع، فإذا كانت تنطبق عليها إجراءات الدعاوى المختصرة يسير بالدعوى، وإذا تبيّن العكس يحيلها إلى الأسقف الذي بدوره يحيلها إلى المحكمة العادية (الموحدة) للنظر فيها بالطرق المألوفة.

هذا الإجراء يسمح بتخفيف العبء عن المحاكم الموحدة ويعزز مبدأ اللامركزية، ويضمن أن تكون المحاكم أقرب إلى حياة الناس الروحية والاجتماعية. كما يساعد في جعل الإجراءات أكثر تواؤماً مع الاحتياجات المحلية للزوجين.

 

إن الطرق المختصرة للمحكمة الكنسية، استناداً إلى البراءة الرسولية "يسوع العطوف الرحوم"، تشكل خطوة هامة نحو تحسين نظام العدالة في الكنيسة. من خلال تبسيط الإجراءات القضائية وتسريعها، يتمكن الزوجان من الحصول على الحلول اللازمة بشكل أسرع وأقل تعقيداً، ما يعود بالنفع على النفوس والجيوب. إن تطبيق هذه التعديلات ليس فقط خطوة نحو تسريع العدالة، بل أيضاً نحو إظهار الرحمة الإلهية في حياتنا اليومية.

*دكتور في القانون الكنسي

أخبار متعلقة :