ايجي سبورت

المشروع 858 ! - ايجي سبورت

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المشروع 858 ! - ايجي سبورت, اليوم الخميس 20 مارس 2025 11:06 مساءً

ايجي سبورت - في بداية الثمانينات ومع بداية الحرب العراقية-الإيرانية حرص نظام صدام حسين على اقتناء أقوى أجهزة تجسس تنتجها أكبر الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بطبيعة الحال، وتحت ستار الحرب وحاجة العراق للتجسس على منظومة الاتصالات الإيرانية، نجح العراق بالفعل في اقتناء هذه المنظومة التجسسية ومن ضمنها ما كان يطلق عليه «المشروع 858»، وقد اعتقد العراق أن اقتناءه لتلك المنظومة سيسهم في أن تكون منظومة اتصالات بعض دول الجوار تحت أعين المشروع 858.

غير أنه من المؤكد أن الولايات المتحدة لم تبع مثل هذه المنظومة المتطورة –حينذاك- للعراق لأسباب إنسانية، فالولايات المتحدة كانت تدرك جيداً أن رئيس العراق غير مأمون الجانب؛ فقد ساقته الأقدار لأن يصبح الرجل الثاني في نظام أحمد حسن البكر، والذي سهلت قرابته له حصوله على هذا المركز المرموق، وقد استعان به البكر نفسه للتخلص من خصومه السياسيين حتى يستقر النظام، ناوياً التخلص منه لاحقاً، غير أن البكر تجرع السم الذي أعده بنفسه بعد أن أطاح به صدام حسين في انقلاب أبيض.

عقب وصول صدام لسدة الحكم في العراق كانت الولايات المتحدة تشعر بالحذر تجاهه، ورغم ذلك أمدته بكل ما يحتاجه من أسلحة وأجهزة تجسس، ولم تفعل ذلك من باب الكرم أو لأنها تسعى لما فيه مصلحة الشعب العراقي، بل كان لها العديد من المآرب الأخرى، وأهمها أن تتمكن من خلال نفس منظومة الاتصالات التي باعتها للعراق من التجسس على مسرح الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، فهذا المشروع الذي كان يدار عبر الأقمار الصناعية مكّن الولايات المتحدة بالفعل من الحصول على العديد من المعلومات فائقة الأهمية عن منطقة الشرق الأوسط.

غير أن العراق لم يفكر في تلك النتيجة الحتمية ولم يدرك الأغراض الخفية للولايات المتحدة، وقد تحوّل هذا المشروع للعنة لاحقت العراق نفسه في ما بعد، فقد أصبحت الولايات المتحدة على علم بكل ما يدور في العراق، ولعله من البديهي أن من يصنع السم لديه سر الترياق الذي يبطله، وهو ما حدث بالفعل خلال حرب تحرير الكويت 1990، فقد تمكّنت الولايات المتحدة سواء عبر الأقمار الصناعية الأمريكية أو من خلال طائرات التجسس، من التشويش على كافة أجهزة الرصد والتجسس العراقية (سواء التابعة لمشروع 858 أو غير التابعة له) مما أفقد القوات العراقية القدرة على المناورة والهجوم.

والجدير بالذكر أن حروب التجسس كانت محور الصراعات خلال فترة الحرب الباردة، فقد اعتمدت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي آنذاك على منظومات التجسس المتطورة، وكان وقتها السباق على أشده بينهما حيث سعت كل منهما للحصول على أسرار القدرات العسكرية للطرف الآخر، وعندما تمكن الاتحاد السوفييتي في منتصف الستينات من إنتاج طائرة الميج 21، التي تفوقت على نظيرتها الأمريكية، لم تهدأ الولايات المتحدة حتى تمكّنت من الحصول عليها من خلال عملية استخباراتية دقيقة قام بها ضابط منشق بسلاح الجو العراقي، الذي تمكّن من الهرب بها خلال طلعة تدريبية حتى وصل لإسرائيل، وهناك تم تفكيكها وإرسالها للولايات المتحدة.

وكما كان سلاح التجسس حاضراً خلال حقبة الحرب الباردة كان مفهوم الحلفاء الإقليميين حاضراً أيضاً وبقوة، فبعد وصول الأسد للسلطة (1970) حرص الاتحاد السوفييتي على التحالف معه، مما أزعج الولايات المتحدة بشدة آنذاك، فوجود قواعد روسية في سوريا بالقرب من إسرائيل يعني –بداهة- احتواء تلك القواعد العسكرية على منظومة تجسس، وهو ما يهدد المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وقد ظلت الولايات المتحدة وإسرائيل في انتظار الفرصة لتدمير تلك القواعد حتى سنحت لها الفرصة عقب رحيل الأسد.

من المؤكد أن استدعاء التاريخ في سياق الأحداث السياسية الحالية يضيء لنا الطريق الذي يجب أن نسلكه خلال فترة الصراعات المضطربة التي تعيشها المنطقة حالياً، فالتوتر العاصف الذي يضرب منطقة الشرق الأوسط يتطلب الحكمة والهدوء في معالجة كافة القضايا ولاسيما السياسية منها، فلكل فعل عسكري ردود يجب حسابها بدقة قبل الشروع في بدء أي عملية عسكرية، كما يجب الانتباه للمتغيرات الزمنية والتطورات الحديثة.

لقد خرج العراق بعد حربه مع إيران لثماني سنوات بجيش قوامه أكثر من مليون جندي بخلاف مئات الطائرات وألوف المدرعات مما أوهمه بأنه قوة لا تقهر، وهو ما شجعه في ما بعد على غزو الكويت، غير أنه أدرك بعد هزيمة جيشه أن المعارك تُحسم بالتفوق النوعي وليس بالكثرة العددية، فالتقنيات العسكرية الحديثة تستطيع حسم أي معركة حتى دون تدخل بشري، فالحرب الحديثة هي حرب تقنية واتصالات إن لم يمتلكها الطرف القوي في المعادلة العسكرية فإن الهزيمة الساحقة ستكون في انتظار الطرف الأضعف.

قبل أيام أعلن الرئيس ترمب عن بدء عملية حاسمة ضد الحوثيين، وقد أوضح صراحة أن أي هجوم سيشنه الحوثيون ستعتبره الولايات المتحدة هجوماً مباشراً من إيران، ولا أعلم حقيقة على ماذا الرهان، فعندما تشن الولايات المتحدة حرباً ضد أي طرف فإن كافة الدول العظمي تسير في فلكها -كرهاً أو طوعاً- فلا يوجد طرف على استعداد لأن يخسر مصالحه مع الولايات المتحدة من أجل الحوثيين.

أخبار ذات صلة

 

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : المشروع 858 ! - ايجي سبورت, اليوم الخميس 20 مارس 2025 11:06 مساءً

أخبار متعلقة :