رمضان في عيون السفراء... تنوع ثقافي يعزّزه الإيمان وتوحده التقاليد - ايجي سبورت

ايجي سبورت - كتب ناصر المحيسن - الكويت في الجمعة 21 مارس 2025 01:25 صباحاً - يظل شهر رمضان المبارك في دولة الكويت، شهراً متفرداً بأجواء روحانية واجتماعية خاصة، تعزز الروابط الأسرية والتقاليد المتوارثة، وينعكس صداه على كل من يعيش على أرض الكويت المعطاء.

ورغم تنوع الثقافات والعادات في البلدان الإسلامية، يبقى رمضان شهراً يجمع القلوب على مائدة واحدة، ويُبرز قيم التكافل والتآخي، وفي هذا السياق سلط عدد من السفراء المعتمدين في الكويت الضوء على الأجواء الرمضانية في بلدانهم، موضحين أوجه التشابه والاختلاف بين الكويت ودولهم الأصلية، فمن أوزبكستان إلى إيران والسودان وإندونيسيا، تتجلى خصوصية الشهر الفضيل في طقوس الإفطار والعبادات الجماعية والعادات الاجتماعية، التي تعكس هوية كل مجتمع، مع الحفاظ على جوهر رمضان المتمثل في الإيمان والتقوى والعطاء.

وفيما تتزين الكويت بالفوانيس الرمضانية، وتزدهر ديوانياتها باللقاءات الودية، تعج مساجد أوزبكستان بالمصلين، وتتزين مآدب السودان بأطباقها الشعبية، وتحتفظ إيران بعاداتها في تقديم النذور والجلسات الدينية، بينما تصدح شوارع إندونيسيا بأصوات «الكينتونغان» لإيقاظ الناس للسحور.

ترصد «الراي»، في الأسطر التالية، أبرز ملامح رمضان من منظور السفراء، لنكتشف كيف يوحد هذا الشهر الكريم الشعوب، رغم اختلاف العادات والتقاليد:

السفير السوداني: إفطارات جماعية وتلاحم أسري

• رمضان في السودان يتميز بالتكافل الاجتماعي والموائد المميزة

يطلعنا سفير السودان لدى البلاد، عوض الكريم الريح بلة، على طقوس شهر رمضان المبارك في السودان، ولفت إلى أن فيها شبهاً كبيراً بالطقوس الكويتية، حيث تسود أجواء التلاحم الاجتماعي والتواصل الأسري، إلى جانب إقامة الإفطارات الجماعية وزيارة الديوانيات.

وأشار السفير إلى حرصه اليومي على زيارة 5 ديوانيات، لتعزيز فرص التفاعل والتواصل مع مختلف أطياف المجتمع الكويتي، مشيداً بكرم الضيافة وحفاوة الاستقبال التي تميز أهل الكويت خلال هذا الشهر.

وأوضح أن أحد أبرز مظاهر رمضان في السودان، هو حرص الناس على الإفطار الجماعي في الشوارع والساحات العامة، حيث يُعد هذا تقليداً راسخاً يعكس روح التكافل الاجتماعي، لدرجة أن المسافرين يُجبرون أحياناً على التوقف لمشاركة الإفطار مع الأهالي.

أما على صعيد المائدة الرمضانية السودانية، فتتميز بأطباق تقليدية تتصدرها: العصيدة مع «التقلية» و«النعيمة» و«الروب» و«الويكة»، وهي أطباق سودانية شهيرة تحمل طابعاً خاصاً في الشهر الفضيل.

ولفت إلى أن مقبلات الإفطار تشمل الشوربة والبليلة (الحمص المسلوق) مع التمر.

وذكر أن المشروبات الرمضانية، يأتي على رأسها «الكركديه» و«الحلومر»، وهو مشروب تقليدي يُصنع من الذرة الرفيعة ويتميز بمذاقه الفريد.

وأشار السفير بلة إلى أن العشرة الأواخر من رمضان تشهد اهتماماً خاصاً في السودان، حيث تُقام الفعاليات الدينية المكثفة، ويُستقدم كبار المقرئين لإحياء ليلة القدر، وتمتلئ المساجد بالمصلين والمتعبدين في أجواء روحانية مميزة.

كما تشهد المنازل السودانية استعدادات خاصة لاستقبال العيد، حيث تتعاون النساء في تحضير حلوى العيد، مثل الكعك والبسكويت، في مشهد يعكس روح الجماعة والتعاون التي تميز المجتمع السوداني.

السفير الإيراني: شهر للعبادة وتهذيب النفس

• «الغبقات» في الكويت عادة صحية تسهّل الهضم وتُعزز الروابط الاجتماعية

وصف سفير إيران لدى البلاد، محمد توتونجي، شهر رمضان المبارك بأنه مناسبة روحانية عظيمة في الجمهورية الإيرانية، كما هو الحال في الكويت ومعظم الدول الإسلامية، حيث يسعى الناس للتفرغ للعبادة وتهذيب النفس.

وأوضح توتونجي أن الاستعدادات الرمضانية تبدأ في إيران منذ اواخر شعبان، حيث تُطلق مبادرات لتنظيف وتأهيل المساجد، استعداداً لاستقبال المصلين، كما يتم تقليص ساعات العمل، لاسيما للنساء، لتمكينهن من التفرغ لشؤون الأسرة وتحضير المائدة الرمضانية.

وأشار إلى أن المساجد تزدحم بالمصلين خلال الشهر الفضيل، وتُقام مآدب الإفطار، لاسيما في العشر الاواخر، التي تُعرف باسم «أسبوع إكرام الصائمين»، كما تتميز الليالي الرمضانية في إيران بتلاوة الأدعية والابتهالات، فيما يشهد يوم القدس خروج مسيرات شعبية دعماً للقضية الفلسطينية.

ومن العادات الرمضانية المميزة في إيران، تقديم النذورات للجيران، وإرسال العائلات الطعام للعروس في بداية الشهر، بينما يُرسل أهل العريس الهدايا لها مع اقتراب العيد.

وعن الكويت، أشاد السفير بالأجواء الرمضانية المتميزة، حيث تغص المساجد بالمصلين، ويحرص الناس على التجمع في الغبقة الرمضانية، التي وصفها بأنها «عادة صحية تسهّل عملية الهضم وتُعزز الروابط الاجتماعية».

كما أبدى إعجابه بتقليد القرقيعان، حيث يجوب الأطفال الأزقة بأهازيج شعبية احتفاءً بمنتصف رمضان، مؤكداً ضرورة الحفاظ على هذه العادات ونقلها للأجيال القادمة.

وأشار السفير إلى حرصه على زيارة نحو 10 ديوانيات يومياً، واصفاً إياها بأنها ملتقى اجتماعي مهم يجمع الأصدقاء والأقارب والشخصيات السياسية والثقافية، ما يعزز روح التآخي والتواصل بين أفراد المجتمع الكويتي.

سفيرة إندونيسيا: تجمع عائلي ونكهة خاصة

• رمضان في الكويت يتميز بأنه يجمع بين التقاليد والكرم

قالت سفيرة إندونيسيا لدى البلاد، لينا ماريانا، إن قضاء شهر رمضان في الكويت يُعد تجربةً مميزةً لا تُنسى، حيث يمتاز الشهر الكريم بتقاليده العريقة وكرم الضيافة الذي يُجسد روح المجتمع الكويتي.

وذكرت ماريانا أنها حظيت، منذ أول رمضان لها في الكويت عام 2022 «بشرف زيارة 126 ديوانية خلال شهر واحد فقط، وفي رمضان الجاري، ورغم جدول أعمالي المزدحم، تمكنت من زيارة ما لا يقل عن 100 ديوانية خلال أول أسبوعين، بمعدل خمس ديوانيات يومياً، وهذا يعكس مدى كرم وترحيب الشعب الكويتي، ويمنحني فرصة للتواصل مع مختلف شرائح المجتمع».

وأشارت إلى أن لكل بلد طابعه الخاص في الاحتفال برمضان، معربة عن سعادتها بكونها جزءاً من تقاليد الكويت الغنية، وفي الوقت ذاته، تحتفظ بذكريات عزيزة عن رمضان في إندونيسيا، حيث يُركز الشهر الفضيل على العائلة والمجتمع والروحانية.

وتحدثت عن الطقوس الرمضانية في بلدها، وقالت: «رمضان في إندونيسيا مناسبة تجمع الناس، ومن التقاليد الفريدة لدينا الاستيقاظ للسحور عبر جولات الشباب في الأحياء مستخدمين (كينتونغان)، وهي آلة تقليدية مصنوعة من الخيزران، كما يُعد الإفطار الجماعي، أو (بوكبر)، من العادات الراسخة التي تُقوي الروابط الاجتماعية والعائلية، وعادةً ما تُقام هذه التجمعات في المنازل أو المساجد، التي تلعب دوراً محورياً في الحياة المجتمعية خلال الشهر الفضيل».

وأضافت أن المائدة الرمضانية في إندونيسيا «تبدأ عادةً بوجبات خفيفة وحلوة، مثل (كولاك)، وهي حلوى مصنوعة من الموز أو البطاطا الحلوة المطهية في حليب جوز الهند وسكر النخيل، إلى جانب (غورينغان)، وهي وجبات خفيفة مقلية تشمل التوفو والتيمبيه ولفائف الربيع، أما المشروبات المنعشة، فأبرزها (إس بواه)، وهو كوكتيل فواكه مع الثلج والشراب».

تشابه

وعن الوجبات الرئيسية، قالت إن أشهرها: ناسي أودوك، وهو أرز مطبوخ بحليب جوز الهند والتوابل، يُقدّم مع الدجاج المقلي ومعجون الفلفل الحار، ثم كعكات «لونتونغ سايور» المصنوعة من الأرز والتي تُقدم مع كاري الخضار بحليب جوز الهند، الى جانب عصيدة الدجاج (بوبور أيام)، المصنوعة من الأرز والدجاج المبشور وصلصة الصويا، علاوة على نودلز الدجاج (مي أيام)، المتبلة مع الدجاج والخضار والمرق.

وترى السفيرة ماريانا أن هناك قواسم مشتركة عديدة بين رمضان في الكويت وإندونيسيا، مثل روح التكاتف، وأعمال الخير، والالتزام الديني، ففي كلا البلدين، يجتمع الأهل والأصدقاء على موائد الإفطار، وتُقام صلاة التراويح في المساجد.

لكنها لاحظت أيضا اختلافات جميلة، حيث يُعد تقليد زيارة الديوانيات في الكويت أحد أبرز سمات رمضان، ما يُعبر عن الضيافة العريقة، بينما في إندونيسيا، يتركز التجمع في المنازل أو المساجد، التي تُعد مراكز رئيسية للعبادة والأعمال الخيرية.

وأشارت إلى عادة «نغابوبوريت»، وهي فترة ما بعد الظهر التي يقضيها الناس في انتظار الإفطار بزيارة أسواق الطعام أو الحدائق أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والدينية.

سفير أوزبكستان: روحانية وتقاليد عريقة

• رمضان في الكويت يزخر بالأجواء الاحتفالية والتواصل الاجتماعي

أكد سفير أوزبكستان لدى البلاد، أيوب خان يونسوف، أن شهر رمضان يمثل مناسبة دينية واجتماعية بارزة في كل من أوزبكستان والكويت، حيث يجتمع المسلمون للصيام والعبادة وتعزيز الروابط العائلية والاجتماعية.

وأوضح السفير أن التحضيرات الرمضانية في بلاده، تبدأ قبل حلول الشهر الفضيل، حيث تزدحم الأسواق، وتستعد العائلات لإعداد الأطباق التقليدية مثل «البلاو» (الأرز باللحم والجزر)، والسمبوسة، والمخبوزات الأوزبكية.

ولفت إلى أن الأجواء الرمضانية في أوزبكستان، تتميز باكتظاظ المساجد بالمصلين، وتنظيم حلقات تلاوة القرآن والدروس الدينية، إلى جانب إقامة موائد الإفطار الجماعية وصلة الأرحام. كما يشكل العمل الخيري جزءاً أساسياً من الشهر، حيث تُقام موائد الإفطار للفقراء، وتُوزع الصدقات والزكاة.

وأشار يونسوف إلى أن الكويت تستقبل رمضان بأجواء مميزة، حيث تتزين الشوارع والمنازل وتزدحم المساجد بالمصلين لأداء التراويح والقيام، إلى جانب تنظيم الفعاليات الثقافية والخيرية لدعم الأسر المحتاجة.

وأكد أن رمضان يوحّد المسلمين، رغم التنوع الثقافي، فهو شهر الإيمان والتقوى، يعزز قيم التضامن والمحبة بين الشعوب.