ايجي سبورت

اللامركزية بين وهم الديموقراطية وحقيقة الإنجاز: آن أوان القرار الحكيم - ايجي سبورت

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اللامركزية بين وهم الديموقراطية وحقيقة الإنجاز: آن أوان القرار الحكيم - ايجي سبورت, اليوم الأحد 23 مارس 2025 09:51 مساءً

ايجي سبورت - جو 24 :

في أروقة الدولة، حيث تُرسم الخطط وتُتخذ القرارات، يتجلى اليوم فجرُ إصلاحٍ طال انتظاره؛ إذ تُراجِع الحكومة الأردنية تجربة انتخابات اللامركزية، بعد سنواتٍ من التطبيق الذي لم يُفصِح إلا عن إخفاقاتٍ أكثر من الإنجازات، وترهّلٍ أكثر من الفاعلية، وتداخلٍ أكثر من التكامل. وما بين سلطةٍ بلا صلاحيات، وصوتٍ بلا تأثير، تقف الدولة اليوم أمام خيارٍ رشيد: إلغاء انتخابات اللامركزية وإحلال التعيين بديلاً، ليكون القرار للأكفأ، لا للأكثر صخباً، وللأجدر، لا للأكثر حشداً.

لقد كانت اللامركزية مشروعاً حالماً، لكنه لم يُلامس الواقع كما كان مأمولاً. فماذا أفادت المجالس التي أُنشئت؟ وأيُّ فائدةٍ جنتها المحافظات من انتخاباتٍ زادت المشهد تعقيداً؟ بل أين هي الخطط التنموية التي وُعدت بها المحافظات؟ لقد عانت هذه التجربة من اختلالٍ بنيوي، جعلها عبئاً على الدولة لا رافداً لها، فكان لا بدّ من إعادة النظر في هذه المعادلة المختلة، واستبدال الصيغة الانتخابية التي لم تُنتج إلا مزيداً من البيروقراطية المعطّلة.

حين يكون القرار بيد الأكفأ، تتحرك عجلة التنمية، ويُختار القائد لا المُنتخَبُ بالولاء والجاه، وتُناط المسؤولية بأصحاب الكفاءة لا بأصحاب الحملات. فالمدن تحتاج إلى خبراء لا إلى خطباء، وإلى مخططين لا إلى محاورين، وإلى رجال دولةٍ لا إلى هواةٍ سياسيين. ومتى كان الإصلاح رهينَ أصواتٍ تفتقد إلى الوعي الجمعي، كان الفشل أقرب من النجاح، وكان التعطيل أسبق من التفعيل.

إنّ تعيين رؤساء البلديات بدلاً من انتخابهم ليس نكوصاً عن الديموقراطية، بل هو تصحيحٌ لمسارها، وإعادة توجيهٍ لمسارات التنمية وفق بوصلة الحكمة، لا عشوائية الاختيار. فالقيادة ليست شعاراً يُرفع، بل مسؤولية تُمنح لمن يستحقها، وإنقاذ المدن لا يكون بتكريس الفوضى الانتخابية، بل بمنح القرار لمن يملك أدواته، ويعي أبعاده.

لقد آن لهذا العبث أن ينتهي، ولِوهم الديموقراطية الجوفاء أن يتبدد، فما أفسدته الصناديق، لا يُصلحه إلا العقل والمنطق. فالحكمة تقتضي أن يُناط القرار بأصحاب الرؤية، لا بوعودٍ انتخابيةٍ زائفة، وأن يُدار الشأن العام بالكفاءة، لا بتوازناتٍ انتخابيةٍ هشة. ومن هنا، فإن إلغاء انتخابات اللامركزية ليس مجرد قرارٍ إداري، بل هو خطوة نحو إنقاذ المدن من غوغائية التنافس الانتخابي، ووضعها على سكة الإدارة الرشيدة، حيث تُصنع القرارات بقوة التخطيط، لا بصخب الحملات.

هي لحظةٌ حاسمة، تُثبِت فيها الدولة أنها قادرة على تصحيح المسار، بعيداً عن الأوهام التي أُرهِقت بها الإدارات المحلية. فلا مكان في زمن التحديات إلا للقرار الصائب، وللمسؤول المناسب في الموقع المناسب، بعيداً عن الصناديق التي لم تُنجب إلا أعباءً جديدة.

يحيى الحموري

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : اللامركزية بين وهم الديموقراطية وحقيقة الإنجاز: آن أوان القرار الحكيم - ايجي سبورت, اليوم الأحد 23 مارس 2025 09:51 مساءً

أخبار متعلقة :