ايجي سبورت

الأمم المتحدة وتغير المناخ: حقائق أم ضلال؟ - ايجي سبورت

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الأمم المتحدة وتغير المناخ: حقائق أم ضلال؟ - ايجي سبورت, اليوم الأربعاء 26 مارس 2025 08:46 صباحاً

ايجي سبورت - تقف الأمم المتحدة على مفترق طرق. فقد انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من منظمة الصحّة العالمية، وقطع التمويل عن اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، ومرجح أن ينفذ المزيد من الانسحابات. كما يصف الأمم المتحدة بأنها ”ضعيفة الأداء“، مشيراً إلى أنها مستنقع يجب تجفيفه.

في هذا المنعطف الحرج، يمكن للمرء أن يفترض أن تبرر الأمم المتحدة وجودها من خلال زيادة تركيزها على السلام والازدهار، بتقديم مشورة سليمة قائمة على البيانات. بيد أنها تعمل بجرأة على قمع النقاش المفتوح بشأن تغيّر المناخ، فيما تعتمد سياسات تدمّر الازدهار.

عقدت الأمم المتحدة شراكة مع الحكومة البرازيلية لإطلاق مبادرة عالمية، أطلق عليها اسم "المبادرة العالمية لشفافية المعلومات المتعلقة بتغير المناخ"، ستشجع وسائل الإعلام على نشر معلومات "موثقة" عن التغير المناخي على منصات التواصل الاجتماعي. 

وتشير الأمم المتحدة بصراحة إلى أن هدفها هو "تعزيز الدعم للعمل المناخي العاجل"، وهذا يؤشر إلى أن الهدف ليس تسليط الضوء على الإجماع العلمي الواسع على أن تغير المناخ شأن حقيقي، إنما تعزيز استجابة واحدة فقط مسموح بها في مجال السياسات. وكما أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن "العمل المناخي العاجل" يعني سباقاً نحو سياسات متطرفة تضر بالاقتصاد، بما في ذلك سداد الدول الغنية مبالغ طائلة للدول الفقيرة كتعويضات مناخية، وفرض ضرائب مناخية جديدة شاملة، ووضع حد للوقود الأحفوري بشكل كامل في غضون 25 عاماً.

وفي إطار تحديد الاستجابة التي يجب أن تختارها، تنخرط الأمم المتحدة غير المنتخبة في حملة دعائية محضة، فتخيّلوا مثلاً لو أنها تنظم النقاش حول الهجرة وتسمح فقط بالبيانات التي تدعم سياسة متطرفة تقوم على فتح (أو إغلاق) الحدود بشكل كامل، في كل مكان.

تتجاهل الأمم المتحدة الحقيقة المزعجة والمتمثلة في وجود العديد من النقاشات المهمة والمستمرة بين علماء المناخ والاقتصاديين. فحتى بعد عقود من البحوث المكثفة، ما زال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن ارتفاع درجة حرارة العالم بسبب ارتفاع منسوب ثاني أكسيد الكربون إلى الضعفين. وتظهر البحوث التي أجراها خبراء الاقتصاد المناخي أن معظم السياسات المناخية الحالية غير فعالة إلى حد كبير.

سترفض الأمم المتحدة مناقشة السياسات - وحتى الحقائق - باسم الترويج لاستجابة وحيدة لتغير المناخ. ونحن نعلم ذلك، لأن العمل المبكر لمبادرة الأمم المتحدة في تحديد "حقائقها المفترضة بشأن المناخ" يُظهر بالفعل تحيزها الواضح. ومن بين هذه "الحقائق" التي تروّج لها الأمم المتحدة: يمكن ارتفاع مستوى البحر أن يغمر الجزر الصغيرة مثل كيريباتي. وغالباً ما تروّج لهذا الادعاء وسائل الإعلام التقدمية، إلا أنها تتجاهل الأدبيات العلمية الواسعة التي تظهر أن كل الجزر المرجانية تقريباً، بما فيها كيريباتي، مستقرة أو يزداد حجمها، وهذا دليل اعترفت به حتى صحيفة "نيويورك تايمز".             

ومن "حقائق" الأمم المتحدة الأخرى أن التغير المناخي يشكل تهديداً كبيراً على صحة الإنسان، لأن تلوّث الهواء الناجم عن الوقود الأحفوري يتسبّب بوفاة نحو 8,7 ملايين شخص سنوياً. وهذا الرقم لا يفوق ضعف تقديرات منظمة الصحة العالمية فحسب، فالأمم المتحدة تخلط عمداً بين سياسة المناخ (التي تخفض ثاني أكسيد الكربون) والحل الحقيقي، وهو خفض تلوث الهواء باستخدام أجهزة تنقية الهواء على المداخن والمحولات المحفزة في السيارات. وفي معرض تشويهها حقيقة الخطر الذي يهدد الحياة، تتجاهل الأمم المتحدة أن الوفيات الناجمة عن الكوارث المرتبطة بالمناخ انخفضت بنسبة 97.5% خلال القرن الماضي، وأن عدد الأشخاص الذين يموتون من البرد أكثر كثيراً ممن يموتون من الحرّ.

كذلك، تكرر الأمم المتحدة كذبة شائعة، مفادها أن مصادر الطاقة المتجددة أرخص من الوقود الأحفوري، متغاضية عن هذه الأكذوبة بقياس التكلفة وحدها عندما تكون الشمس مشرقة أو حين تهب الرياح، متجاهلة تكاليف التقلبات وعدم إمكانية الاعتماد عليها. والحقيقة هي أن لا دولة تملك قدراً كبيراً من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بتكاليف منخفضة لإنتاج الكهرباء، بل إن تكلفة إنتاج الكهرباء فيها أعلى بضعفين أو ثلاثة من الدول التي تملك قدراً ضئيلاً من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ومن بين الحقائق المزعومة الأخرى التي تدّعيها الأمم المتحدة أن "الألواح الشمسية وتوربينات الرياح تستغل الأراضي بشكل جيد" (والواقع أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من أكثر أشكال الطاقة استهلاكاً للأراضي)، وأن التحول إلى الطاقة النظيفة يخلق ملايين الوظائف. اقتصادياً، الرأي الأخير خاطئ، فالطاقة الشمسية في الولايات المتحدة توظف 35 عاملاً لإنتاج الكمية نفسها من الطاقة التي يمكن أن ينتجها عامل واحد من الغاز الطبيعي، وهذا يعني أن الغاز الطبيعي أشد كفاءة، إذ يمكن تحرير 34 عاملاً للقيام بأعمال أخرى، وهذا يزيد الرفاهية الاجتماعية.

تشير هذه الأكاذيب كلها إلى مشكلة أكبر: لن "تتحقق" الأمم المتحدة إلا من صحة الادعاءات والروايات - سواء كانت صحيحة أو خاطئة - التي "تعزز الدعم للعمل المناخي العاجل". ولن "تتحقق" من حقيقة أن أحدث البحوث حول تكاليف وفوائد السياسات المناخية الصافية الصفرية تُظهر متوسط فوائد سنوية يبلغ 4,5 تريليونات دولار على مدار القرن الحادي والعشرين، وتكاليف أكبر كثيراً، عند عتبة 27 تريليون دولار سنوياً. وبالفعل، في عالم الأمم المتحدة الأورويلية، مرجّح أن تُعتبر هذه الحقيقة "معلومات مضلّلة".

تحاول الأمم المتحدة السيطرة على ما يمكن أن يسمعه الناس ويقرأوه ويفكروا فيه حول تغير المناخ في الوقت الذي تحاول فيه منصات التواصل الاجتماعي مثل "ميتا" عكس سياستها التي استمرت سنوات في "التحقق من الحقائق" بشأن النقاش حول سياسة تغير المناخ، والتي تعترف "ميتا" بأنها أدّت إلى فرض الرقابة.

مؤكد أن الاقتراح المتعلق بإنفاق المستثمرين مئات التريليونات من الدولارات على سياسات مناخية سيئة يستحق النقاش. ولا مكان للأمم المتحدة لقمع هذا النقاش. وإذا أرادت هذه المنظمة وغيرها من المنظمات المتعددة الأطراف الاستمرار والبقاء، عليها أن تعود إلى جذورها المتمثلة في مساعدة البشرية على توجيه العالم نحو السلام والازدهار، وأن تعلم أن النقاش الحر والمستنير لا يشكل تهديداً لهذه القضية.

 
* رئيس توافق كوبنهاغن، وزميل زائر في معهد هوفر بجامعة ستانفورد، ومؤلف كتاب ”الإنذار الكاذب“ و”أفضل الأشياء أولاً“

أخبار متعلقة :