باحث تركي لـ”خاص عن مصر”: أردوغان أقرب للبقاء في السلطة وأكرم أوغلو ضحية هؤلاء - ايجي سبورت

ايجي سبورت - تشهد تركيا جدلًا سياسيًا حادًا حول التطورات الأخيرة عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم أوغلو المرشَّح المحتَمل في الانتخابات الرئاسية، وسط اتهامات للسُّلطة باستخدام القضاء كأداة لتصفية الخصوم السياسيين.

وبينما تصف المُعارضة ما يجري بأنه “انقلاب سياسي عبر أدوات القضاء”، تؤكد الحكومة أنه مجرد تطبيق للقانون دون دوافع سياسية.

انقلاب سياسي أم إجراء قانوني؟

وقال الكاتب الصحفي والباحث التركي ياوز أجار  في تصريحات خاصة لـ “خاص عن مصر”، إن هناك خلافًا جوهريًا في توصيف ما يحدُث في تركيا.

فمن وجهة نظر المعارضة، وتحديدًا حزب الشعب الجمهوري، فإن ما يجري هو “انقلاب سياسي” يتم عبر القضاء، حيث يُستخدم لاستبعاد الشخصيات المعارضة، كما حدث مع أكرم إمام أوغلو واعتقال زعيم حزب الشعوب الديمقراطي السابق، صلاح الدين دميرتاش، بالإضافة إلى القضية المرفوعة ضد رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل.

أما من منظور الحكومة، فإن الإجراءات المتخذة بحق الشخصيات المعارضة هي قضايا قانونية مشروعة تستند إلى اتهامات تتعلق بالفساد أو بصلات محتملة مع جهات غير قانونية. وتؤكد السلطة أن القضاء مستقل وأنه يتعامل مع جميع القضايا وفقًا للقانون وليس بناءً على اعتبارات سياسية.

اتهامات لأردوغان بتسيس القضاء

ويشير أجار إلى تدخل الرئيس رجب طيب أردوغان سابقًا في قضايا فساد تتعلق برجال أعمال مقربين منه وحتى بأفراد من عائلته، مما يضعف مزاعم استقلالية القضاء.

ويضيف الكاتب التركي أن تسريب وسائل الإعلام الموالية للحكومة لوثائق التحقيق قبل صدور الأحكام القضائية، وتدخل السلطة السياسية في القضايا، يعزز الاتهامات بأن الهدف هو تصفية أكبر منافسي أردوغان سياسيًا.

هل للتطورات الحالية علاقة بانتخابات 2028؟

يؤكد أجار أن ما يحدث مع أكرم إمام أوغلو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالانتخابات الرئاسية المقبلة في 2028، حيث يُعتبر إمام أوغلو أحد أبرز الشخصيات القادرة على منافسة أردوغان أو مرشح الحزب الحاكم.

ويري أن أوغلو بعد نجاحه في الفوز برئاسة بلدية إسطنبول مرتين، برز كقوة معارضة تهدد هيمنة حزب العدالة والتنمية. ويستشهد أجار بمقولة شهيرة لأردوغان: “من يفوز بإسطنبول يحكم تركيا”، معتبرًا أن التحديات القانونية التي يواجهها إمام أوغلو تهدف إلى منعه من الترشح أو تشويه صورته أمام الناخبين.

خصوم أكرم أوغلو داخل حزب الشعب الجمهوري

يرى أجار أن الصراعات الداخلية داخل حزب الشعب الجمهوري قد تكون أحد العوامل التي أسهمت في تسريب وثائق أو تقديم معلومات ضد إمام أوغلو للسلطة.

ويشير إلى أن الحزب شهد انقسامات كبيرة بعد انتخابات 2023، حيث أدى خروج كمال كليجدار أوغلو من المشهد إلى صراع بين تيارات الحزب المختلفة.

ويضيف أن بعض الشخصيات التقليدية داخل الحزب قد ترى في إمام أوغلو تهديدًا لمصالحها، خاصة أنه يحاول تقديم نسخة “معدلة” من حزب الشعب الجمهوري أقرب إلى الوسطية السياسية.

هل يؤدي سجن أكرم أوغلو إلى تعزيز مكانته السياسية؟

يعتقد أجار أن سجن إمام أوغلو قد يكون سلاحًا ذا حدين للنظام التركي. فمن جهة، قد يُضعف إمام أوغلو ويمنعه من الترشح رسميًا، لكنه من جهة أخرى قد يحوله إلى “ضحية سياسية” ويزيد من شعبيته، تمامًا كما حدث مع أردوغان نفسه عندما سُجن عام 1999، مما عزز مكانته السياسية وأوصله إلى رئاسة الحكومة عام 2002.

ويشير أجار إلى أن الدول الأوروبية اعتبرت اعتقال إمام أوغلو مؤشرًا على تراجع الديمقراطية في تركيا، مما قد يؤدي إلى ضغوط دولية متزايدة على حكومة أردوغان.

كما أن بعض المحافظين داخل حزب العدالة والتنمية أبدوا تحفظاتهم على هذا الإجراء، معتبرين أنه قد يأتي بنتائج عكسية.

ما مستقبل الأزمة في تركيا بعد سجن أكرم أوغلو؟

بحسب أجار، فإن مستقبل الأزمة يعتمد على قدرة المعارضة على استثمار الموقف بذكاء. فإما أن تتحول هذه القضية إلى نقطة انطلاق لإمام أوغلو نحو زعامة المعارضة وربما الرئاسة، أو أن تؤدي إلى تهميشه سياسيًا إذا فشلت المعارضة في إدارة الأزمة.

أما فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فيرى أجار أن أردوغان لا يزال يمتلك سيطرة قوية على مؤسسات الدولة، مما يجعل فوزه في أي انتخابات مقبلة أمرًا مرجحًا، ما لم تحدث تغيرات جذرية مثل انشقاقات في مؤسسات الدولة أو احتجاجات شعبية واسعة تُجبره على إجراء انتخابات أكثر نزاهة. وفي حال تحقق ذلك، فإن إمام أوغلو سيكون أبرز المنافسين القادرين على إنهاء حقبة العدالة والتنمية.

ويختم أجار بالقول إن النظام التركي قد يختار المضي قدمًا في إصدار حكم يمنع إمام أوغلو من الترشح نهائيًا، كما فعل مع معارضين سابقين، مما سيشكل تحديًا جديدًا للمعارضة في محاولتها إنهاء حكم أردوغان المستمر منذ أكثر من عقدين.

اقرأ أيضًا: احتجاجات تركيا.. هل يهدد اعتقال إمام أوغلو استقرار نظام أردوغان؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط