ايجي سبورت - المتداول: فيديو ينتشر بمزاعم أن "آلاف الشباب الدروز في لبنان يتهيأون لدخول المعركة..."، على خلفية الاشتباكات الدامية التي شهدتها السويداء بجنوب سوريا أخيراً.  

الا أنّ هذا الادعاء غير صحيح. 

الحقيقة: هذا الفيديو تعود آثاره الى 6 حزيران 2025، أي أنه منشور قبل نحو خمسة اسابيع من اشتباكات السويداء. ويظهر عناصر من مجموعة مسلحة درزية صغيرة في محافظة السويداء تحديداً. ولا علاقة لدروز لبنان به. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم

45 ثانية. يبدأ الفيديو بمشهد لسيارتي جيب توقفتا على طريق ترابية، بينما يُسمَع في الخلفية صوت رجل يقول: "وحق السويدا وحق شهدائنا الغاليين والله لنقطع نسلكم يا دواعش لو كنتوا مليارين. شبابنا راحت غدر، والثار بالثار". وتركز الكاميرا على رجل وقف على ظهر الجيب، حيث ثُبّت سلاح، قائلا: "عقب النشامة للنشامة ترى متكاتفين، دقت طبول الحرب مال ضل فيها اعذار...". وقد انتشر الفيديو خلال الساعات الماضية عبر حسابات كتبت معه (من دون تدخل): "عاجل- آلاف من الشباب الدروز في لبنان يتهيأون لدخول المعركة بانتظار فتح كاريدور بين ريف ‎السويداء الغربي ومزارع شبعا في الجنوب اللبناني". 

🟡 #عاجل آلاف من الشباب الدروز في لبنان يتهيئون لدخول المعركة بانتظار فتح كاريدور بين ريف #السويداء الغربي ومزارع شبعا في الجنوب اللبناني pic.twitter.com/r9oRT9FqPq

— Rojava news (@rojava_news_1) July 15, 2025

تطورات السويداء تستنفر دروز لبنان

جاء تداول الفيديو في وقت شهدت  أخيراً مناطق عدة في لبنان، خصوصا في بيروت والجبل، تجمعات غاضبة واحتجاجات تخللها قطع طرقات، لا سيما في منطقة خلدة وبعض مداخل العاصمة، ورفعت الشعارات الداعمة لـ"بني معروف" ورددت الهتافات المؤيدة لأهالي السويداء، في وقت شهدت المحافظة اشتباكات دموية. 

وتمّ توجيه رسائل إلى المرجعيات السياسية والأمنية في لبنان، إضافة إلى مناشدات دولية، تحذر من خطورة ما يجري في السويداء، وتطالب بالتدخل لحماية الأهالي فيها ووقف ما وُصف بـ"الاعتداء المنظم" على مناطق الدروز، وفقا لتقارير اعلامية. 

وكثّف الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان اتصالاته من أجل التوصل إلى إعلان لوقف إطلاق النار في محافظة السويداء، والتوصل إلى حل سياسي، وسط اجتماع درزي موسع عُقد في بيروت لمواكبة التطورات، ودفع من قِبل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان الدكتور سامي أبو المنى، باتجاه اتفاق بين الدروز ودمشق "ينهي ما يحصل"، في وقت حذَّر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط من أن التدخل الإسرائيلي يؤجج النيران في سوريا.

في غضون ذلك، عبر عشرات الدروز، أمس الأربعاء، الحدود الفاصلة بين إسرائيل وسوريا في كلا الاتجاهين، وفقاً لما أعلن الجيش السوري وأكد مصور وكالة "فرانس برس"، وذلك بعد وقت قصير من إعلان الدولة العبرية تعزيز قواتها هناك.

ورصد مصور الوكالة عبور عشرات الدروز نحو سوريا، وبالمقابل كان هناك دروز سوريون يحاولون الدخول إلى إسرائيل. وأكد وجود حالة "من الفوضى" وأن القوات الإسرائيلية استخدمت الغاز المسيل للدموع لوقفهم.

وسحبت السلطات السورية قواتها من محافظة السويداء، حيث عاين مصور لوكالة "فرانس برس" اليوم الخميس في مركز المدينة جثثا في الشوارع، تزامناً مع إعلان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع أنه يريد تجنّب "حرب واسعة" مع اسرائيل التي هدّدت بتصعيد غاراتها.

حقيقة الفيديو 

الا ان الفيديو المتناقل لا علاقة له بهذه التطورات، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.

فالبحث عنه، بتجزئته الى صور ثابتة (Invid)، وباستخدام كلمات مفاتيح، يوصلنا اليه منشورا في صفحة "شمس السويداء" في الفايسبوك، في 6 حزيران 2025، أي قبل أكثر من شهر على وقوع الاشتباكات الدامية في السويداء.  

لقطة من الفيديو المنشور في صفحة شمس السويداء في الفايسبوك في 6 حزيران 2025

كذلك، نشر حساب في تيك توك صوت الرجل المسموع في الفيديو في التاريخ ذاته، 6 حزيران 2025، بhttps://www.instagram.com/p/DKmIuxrNFPw/ حسابات اخرى المقطع في تواريخ لاحقة. 

الصوت منشور في حساب في تيك توك في 6 حزيران 2025

لقطة من الفيديو المنشور في حساب في انستغرام في 7 حزيران 2025

والى جانب ان تاريخ نشر الفيديو يسبق بنحو خمسة أسابيع الاشتباكات الدامية في السويداء، كان واضحاً ان لا علاقة لدروز لبنان به. فقد بدأ الرجل في الفيديو كلامه بذكر السويداء تحديداً. وكُتب على الزجاج الأمامي لسيارتي الجيب "كتائب أمة سلمان"، وهي "مجموعة مسلحة صغيرة في السويداء تحديدا"، وفقاً لما يوضح الخبير في الشأن الدرزي الصحافي في "النّهار" جاد فياض. ويشير الى ان تسمية "أمة سلمان" جاءت نسبة إلى سلمان الفارسي"، الذي يُعتبر في التراث الدرزي من الشخصيات التي تمثل التوحيد الخالص.

وأمكن العثور على فيديو لسيارات مماثلة حملت اسم "كتائب أمة سلمان" منشورا في احدى الصفحات. 

لقطة من الفيديو المنشور في احدى الصفحات في فايسبوك

ويشكّل الدروز أقلية في الشرق الأوسط أدت أدوارا سياسية في دول انتشارها مثل لبنان واسرائيل وسوريا، مع سعيها للحفاظ على خصوصيتها الدينية والاجتماعية، على ما أوردت وكالة "فرانس برس". 

وتُقدّر أعداد الدروز الذين يرتدي المتدينون منهم من الرجال الزي الأسود والقلنسوة البيضاء، وتغطي النساء رؤوسهن وقسما من وجوههن بوشاح أبيض مع زي أسود طويل، بأكثر من مليون.

وتتركز غالبية أتباع الدعوة الدرزية في مناطق جبلية في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية والأردن.

يقدّر تعدادهم في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد، حيث تعد محافظة السويداء معقلهم. كذلك يوجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب شمال غرب البلاد.

وفي لبنان، يُقدّر عددهم بنحو 200 ألف، ويتركزون في جبال وسط البلاد، خصوصا الشوف وعاليه والمتن الأعلى، ومناطق عند امتداد السفح الغربي لجبل الشيخ مثل حاصبيا وراشيا.

وفي إسرائيل، يتوزعون على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفا، وفقا لدائرة الاحصاء المركزي. يضاف إليهم نحو 23 ألفا في الجولان، غالبيتهم العظمى تحمل إقامات إسرائيلية دائمة.

وأسفرت أعمال العنف التي اتخذت طابعا طائفيا خلال أربعة أيام، وشنّت خلالها اسرائيل سلسلة غارات، عن مقتل أكثر من 370 شخصا، وفقا لحصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم الخميس.

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الفيديو المتناقل هو لـ"آلاف الشباب الدروز في لبنان الذين يتهيأون لدخول المعركة"، على خلفية الاشتباكات الدامية في السويداء أخيرا. في الحقيقة، هذا الفيديو تعود آثاره الى 6 حزيران 2025، اي انه منشور قبل نحو خمسة اسابيع من اشتباكات السويداء. ويظهر عناصر من مجموعة مسلحة درزية صغيرة في محافظة السويداء تحديداً. ولا علاقة لدروز لبنان به.