نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مسلمو بريطانيا.. هل يفيدهم النأي بأنفسهم عن "الأخوان"؟ - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 24 مارس 2025 06:10 صباحاً

ايجي سبورت - مسلمون بريطانيون يؤدون صلاة جماعية
تروي البارونة سعيدة فارسي، الوزيرة البريطانية السابقة من أصول باكستانية، الكثير من التفاصيل المؤلمة عن التمييز العنصري الذي قوبلت به منذ صغرها في بلدة ديوزبوري. ولم يكن ذلك غريباً بالنسبة إلى صغيرة ملونة في أعماق مقاطعة ويست يوركشاير في شمال إنكلترا. لكنه ربما كان أقل إيذاء مما واجهته في اجتماعات مجلس الوزراء الذي كانت أول شخصية مسلمة تصبح من أعضائه في تاريخه الطويل. مثلاً، اتهمها هناك ضيف متشدد بأنها "العدو"، بينما دارت مواجهات عالية النبرة بينها وبين زملاء كانوا ولايزالون يتجنون على الإسلام والمسلمين! وأدركت خلال السنوات الأربع التي قضتها في الحكومة أن المسلم متهم، ومذنب، سواء كان طفلاً ضعيفاً أم وزيراً يتمتع بقدر من النفوذ!
ذلك الألم يجمع البارونة بمسلمي البلاد الذين يقدر عددهم بـ 4 ملايين نسمة. وهو ألمٌ خلّاق، شجعها على بذل الجهود لمقارعة الظلم والظالمين. هكذا لم تتعب من التحذير من الاسلاموفوبيا، خصوصاً منذ استقالت من حكومة ديفيد كاميرون في 2014 احتجاجاً على موقفها غير المتوازن من تصعيد إسرائيل هجماتها على غزة. وها هي تضم جهودها إلى مسلمين آخرين لتأسيس "الشبكة الإسلامية البريطانية" التي يأملون في أن تكون صوتاً معتدلاً قادراً على وصل ما انقطع بين المسلمين والحكومة التي كفت منذ 2009 عن التواصل معهم.
فقبل 15 عاماً، اتهمت وزيرة المجتمعات في حكومة العمال هيزيل بلير منظمة "المجلس الإسلامي البريطاني" بدعم العنف ضد إسرائيل. والمنظمة "إخوانية" اللون والطعم والرائحة، وكانت لسنوات بمثابة "الناطقة" باسم مسلمي هذه البلاد الذين قُدر عددهم حينذاك بمليوني نسمة. والواقع أن السير جون جينكنز، السفير البريطاني الأسبق في السعودية قال في التقرير الذي أعده بتكليف من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في 2015، إن جماعة "الاخوان" لعبت دوراً مهماً في تأسيس "المجلس" واثنتين من كبريات المؤسسات الإسلامية في البلاد وتسييرها.
وإذ توارثت الوزارات المتعاقبة الموقف ذاته وتعمقت القطيعة بينها وبين المسلمين، كان هؤلاء يتضاعفون ويتحولون إلى قوة مؤثرة سياسياً. ولا شك في أن زعيم حزب العمال كير ستارمر بات يدرك هذه الحقيقة بعدما خسر أربعة مقاعد برلمانية العام الماضي بسبب استياء الناخبين المسلمين من تأييده حرب إسرائيل ضد غزة، كذلك كاد هؤلاء الناخبين أن يُسقطوا اثنين من أبرز قياديه. وعليه أخذ يسعى إلى التقرب من المسلمين في محاولة لتجنب غضبهم الانتخابي.
فهل أعطى رئيس الوزراء الضوء الأخضر أخيراً لهذه المنظمة في سياق سعيه الى خطب ود المسلمين؟
هذا مستبعد. فكل ما هو معروف عن المنظمة يدل على أنها مستقلة. تأسست على أيدي خليط متنوع من حيث المكانة والخلفية السياسية. وبين الذين قادوا عملية إنشائها، أشخاص معروفون بفضل بروزهم على المستوى المهني مثل ميشيل حسين الاعلامية المهمة التي تتصدر حالياً فريق مقدمي برنامج "توداي" الذي يبثه "راديو فور" التابع لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ويعتبر أهم برنامج إخباري بريطاني. وهناك رياضيون وسياسيون متقاعدون مثل فارسي، وآخرون لايزالون على رأس عملهم كاللورد العمالي وجيد خان وزير الدولة المكلف ملف الأديان، و نائبة رئيس مجلس العموم المحافظة نصرت غاني.
لا تطمح المنظمة الجديدة إلى لعب دور سياسي كما أنها تريد البقاء بعيدة من الدين وجوانبه الفقهية. جلّ ما تريده هو إعادة المسلمين إلى حضن المجتمع البريطاني الأوسع، كأحد مكوناته، وتصحيح الصور المغلوطة التي تُروج عنهم وعن دينهم من البعض، وتشجيع التعامل معهم كمواطنين يقدمون مساهمات قيمة في مجالات شتى كما أن لهم مطالب وآمال تتصل بالهجرة والخدمات الصحية والتربية والاقتصاد الخ..
وهي في جوهرها محاولة لتحصين المسلمين مع اشتداد الهجمة العنصرية وتنامي موجة الاسلاموفوبيا التي يتخذها سياسيون وناشطون في بريطانيا وأوروبا عموماً أداة يتسلقون بفضلها سلم السلطة والشعبية. ولابد لقادة المنظمة الجديدة من أن يتحلوا بالشجاعة للاستمرار في مهمتهم التي ستلقى ممانعة قوية من عنصريين مستعدين للجوء إلى العنف، دانتهم المحاكم، مثل تومي روبنسون، وسياسيين من نواب وزعماء أحزاب. لكن ثمة شكوك في أن تجريد "الأخوان" من الوظيفة التي اختاروها لأنفسهم كرعاة لمصالح المسلمين البريطانيين، سيحمي هؤلاء من تداعيات الاسلاموفوبيا المستشرية بشكل متزايد!
0 تعليق