نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إقرار حزمة ديون مالية واستثمارية تاريخية... مسار توسعي للسياسة الاقتصادية الألمانية؟ - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 24 مارس 2025 08:14 صباحاً
ايجي سبورت - جاءت موافقة المجلس الاتحادي الألماني الجمعة الماضي، بعد تصويت البوندستاغ أولاً، على حزمة القروض التاريخية للدفاع والبنية الأساسية وحماية المناخ وتعديلات لنظام كبح الديون (تخفيف القيود) بموجب القانون الأساسي عام 2009، لتضع ألمانيا على سكة ديون استثمارية ضخمة يتوقع أن تحدث تحولاً جذرياً بفعل الإعفاءات على صناديق خاصة، إذ يتوقع أن يساهم استثمار نحو تريلون يورو بتحقيق نمو يخرج البلاد من حالة ركود اقتصادي تعيشها منذ أكثر من عامين بفعل المنافسة الصينية مع الشركات الألمانية في السوق العالمية وتداعيات الحرب الأوكرانية. فماذا تحمل الحزمة وما مدى حجم التحفيز الاقتصادي الذي يمكن أن تقدمه في ظل الرغبة المتجددة في الاستثمار؟
استثمارات بالمليارات
مهدت الحزمة المالية الجديدة القائمة على الديون الطريق لإنشاء صندوق خاص للاستثمار بقيمة 500 مليار يورو مدى 12عاماً لتمكين الاستثمارات في البنية الأساسية المتهالكة، كما تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2045 باستثمار 100 مليار يورو من أصل المبلغ، وهذا شرط أساسي فرضه حزب الخضر للتصويت داخل البوندستاغ مع حزمة الديون الجديدة، والتعديلات اللازمة لتعليق نظام كبح الديون الذي سيسمح بكسر القيود على الإنفاق الدفاعي في المستقبل، وستستفيد أوكرانيا بداية بحزمة دعم بقيمة 3 مليارات يورو. وهذا الكلام مؤداه أيضاً، أن تخفيف القيود الدستورية الصارمة المفروضة على الاقتراض سيمكن الحكومة المستقبلية من الاستفادة لتمويل نفقات دفاع الحماية المدنية والأمن السيبراني وأجهزة الاستخبارات، والاستحصال على قروض لجميع النفقات في هذه المجالات على نحو لا يتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي ويقدر بحوالى 44 مليار يورو هذا العام.
قرار استشرافي
وعن أهمية منح البرلمان الاتحادي الضوء الأخضر بغالبية الثلثين من أجل تحمل ديون إضافية بمليارات الدولارات للاستثمارات ومزيد من حرية الاقتراض للولايات الفيدرالية، اعتبر الباحث السياسي والاقتصادي يان مولر، في حديث إلى "النهار"، أن التوافق يمكن اعتباره قراراً استشرافياً وسيشكل مساراً توسعياً كبيراً للسياسة المالية الألمانية، والحكومة المستقبلية أمام مهمة ضخمة لاستثمار الأموال بأفضل طريقة ممكنة، كما والدفع بالإصلاحات الهيكلية الضرورية لأن العديد من القطاعات تعاني من عجز بالمليارات وأهمها في المجال الصحي، إذ تبرز المناشدات من صناديق التأمين والنقابات العمالية ومقدمي الخدمات من أجل نظام صحي مستدام، مشيراً الى أن ذلك يجب أن ينسحب أيضاً على التنمية الاقتصادية الشاملة من زيادة الأجور والإسراع في تعزيز النقل وبناء شبكة السكك الحديد وتوسيعها والتطوير والرقمنة ودعم أكلاف الطاقة والإنشاءات الجديدة. وخلص إلى أنه يجب ألا يكون التهرب من حجم المهمة خياراً، وهناك ثقة بأن الصندوق يمكن أن يحدث فرقاً في هذا الصدد ومساراً صلباً للتحديث المستدام.
في المقابل، برزت انتقادات سياسية مفادها أن الحزمة الجديدة ستتسبب بارتفاع مستوى الديون، ولا يمكن شراء الصدقية بمليارات اليورهات، إذ اعتبر الحزب الليبرالي الحر أن الحزمة بين الاتحاد المسيحي والاشتراكي أصبحت "أكثر عيباً بعدما تفاوضا على صفقة مع الخضر، وهذا ما سيقود ألمانيا في الاتجاه الخاطئ بفعل الإقراض غير المقيد"، ليأتي الرد من وزير الدفاع بوريس بيستوريوس المنتمي إلى الاشتراكي بالقول: "نحن لا نبيع المستقبل، كما تريدوننا أن نصدق حماستكم لكبح الديون، نحن نؤمّن المستقبل".
الجدارة الائتمانية لألمانيا
ومع تعدد الاعتبارات، حذر خبراء اقتصاديون من أن تؤدي الديون الجديدة والمسار التوسعي للسياسة المالية إلى مخاطر كبيرة وارتفاع في الأسعار، خصوصاً أن حزم الاستثمارات القائمة على الديون عادة ما تؤدي إلى زيادة المعروض ضمن أموال الكاش في الاقتصاد، وزيادة الأموال المتداولة قد تؤدي إلى زيادة التضخم خاصة إذا ما كانت القوى العاملة غير قادرة على مواكبة الطلب المتزايد، وسط الخشية من أن تؤثر الصناديق الخاصة على الجدارة الائتمانية لألمانيا المصنفة حالياً عند أعلى مستوى (3 ايه).
وفي السياق، توقع الخبير الاقتصادي تيمو فولمرسهويزر ألا يُنتج التوسع الهائل في الإنفاق الحكومي من الصناديق الخاصة والقروض أي عائد اقتصادي، لافتاً إلى أن حقن مزيد من الأموال وحده لن يكون له تأثير في البداية وإلى وجود عقبتين تقفان في طريق تحفيز النمو: نقص العمال المهرة وبخاصة في قطاعات البناء والصحة والصناعة، ونقص القدرات في البلديات والمجتمعات المحلية. وأشار إلى أن التأثير الإيجابي على الاقتصاد ينبع من القدرة على التخطيط للمدى الطويل، ومن المفيد بناء قدرات حديثة ينتج منها نمو خصوصاً إذا تم تعزيز المكاسب الإنتاجية بعد تحسين البنية التحتية ورفع مستوى التقنيات بينها في صناعة الدفاع وغيرها.
حيال ذلك أيضاً، أفاد معهد الاقتصاد الألماني بأن ألمانيا لا تعاني من أزمة يمكن حلها ببساطة، لأنها أزمة هيكلية، وهذا واضح في العديد من المجالات، بينها البيروقراطية المفرطة التي تكلف المليارات من الناتج الاقتصادي كل عام. وذكّر بأن الاقتصاد الألماني بحاجة الى حوالى 600 مليار يورو من الاستثمارات ليبقى قادراً على العمل، وهذا يعني أنه بمجرد استنفاد أموال الصندوق الخاص يبدأ العمل من جديد، ولذلك فإن الجهد الذي يبذل لمرة واحدة لا يكفي، بل يتعين أن تكون الاستثمارات أكثر اتساقاً.
وفي موازاة ذلك، ذكرت تحليلات، إحداها لفيرتشفتس فوخه، أن ألمانيا محصنة من تراجع تصنيفها الائتماني نتيجة الحزمة المالية التي ستعتمدها حتى لو ارتفع الدين الحكومي إلى 3.6 مليارات تريليون يورو (72% من الناتج المحلي الإجمالي) بحلول عام 2029، وبطبيعة الحال هناك عوامل أخرى تؤثر على الجدارة الائتمانية للبلد مثل النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية.
0 تعليق