وقال: «بكل تأمل ووعي نقدي، يمكن تناول هجوم الدكتور سعيد السريحي، على الفنان محمد عبده، من زاوية محايدة تضع النقد في مكانه الطبيعي، وتكشف قسوة التحيّز حين يتدثر بثياب الرأي والانطباعية، ومع تقديري للدكتور السريحي، وهو المثقف والناقد والمفكر، حين اختار أن يُنزِل رأيه بمحمد عبده، في سياق عاطفي متعاطف مع طلال مداح، فقد انسحب من ساحة النقد الجمالي الموضوعي إلى ممر ضيق من (الشخصنة والانطباعية)».

ولعل حديثه جاء لا بصفته ناقداً موسيقياً يمتلك أدوات تحليل فني دقيقة، بل كمحب لطلال يرى في محمد عبده مجرد نقيض، لا فناناً له تجربته، وتاريخه، ومشروعه الفني.

لقد تجاوز الأمر حدود النقد الفني والرأي المجرد، واصطبغ بمزاجية تفتقر لأبسط درجات الموضوعية، وهو أمر يبدو مقبولاً فيما لو صدر عن عامة الجماهير، لكن لا يمكن لناقد مثقف أن يبني رأيه على أساس تحيزي ويصرّح به.

ليس من الإنصاف، ولا من الوعي، أن يُفهم حب طلال مداح، على أنه مبرر لهجوم مجاني على محمد عبده.

فالحب لا يثبت بالضد، ولا تترسّخ القيمة بهدم الآخر، وليس بالضرورة أن تهاجم محمد عبده حتى تؤكد ولاءك لطلال.

الفن أوسع من الثنائية، وأعمق من المواقف الانفعالية.

وختم قوله، بأنه إذا خلط الحب الشخصي لطلال مداح، يرحمه الله- وهو فنان كبير نحترمه ونحبه جميعاً وقامة نفتخر بها- مع هجوم غير موضوعي على محمد عبده، لا يُسقط من قدر عبده، ولا يضيف لتاريخ المداح، بل يُسقط قائله من مكانة النقد المهني الذي خرج عن مساره.

فحين يُختزل رأي ناقد في موقف عاطفي، يتحول إلى «بوح شخصي متحيز» لا إلى موقف معرفي، وتلك خطيئة نقدية لا تليق لا بالفن، ولا بالنقد، ولا بالدكتور السريحي نفسه.