نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
موقف أميركا من سوريا... بين الإشادة بالشرع والغموض والتقسيم - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 25 مارس 2025 02:52 مساءً
ايجي سبورت - دمشق - "النهار"
لم ترسم الولايات المتحدة بعد معالم سياستها إزاء الملف السوري. ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى كون هذا الملف لا يحتلّ مكاناً في سلّم أولويات إدارة الرئيس دونالد ترامب. غير أن بعض المواقف التي صدرت مؤخراً عن مسؤولين أميركيين، إلى جانب دور واشنطن في توقيع الاتفاق بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع والقائد العام لـ"قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) مظلوم عبدي، علاوة على ما يصدر عن بعض مراكز الأبحاث، يمكن أن يرسم خريطة طريق لفهم الاتجاهات المحتملة للسياسة الأميركية بشأن سوريا في هذه المرحلة.
قد يكون المفتاح المبدئي لفهم ذلك هو عدم صدور أي موقف عدائي من واشنطن حيال السلطات الانتقالية، بل بحسب تصريحات مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف هناك إشادة بشخص الشرع وبالتغيرات التي طرأت على توجهاته من خلال الانتقال من الجهادية إلى البراغماتية. غير أن هذه الإشادة ترافقت مؤخراً مع انتقاد وجهته وزارة الخارجية الأميركية إلى الإعلان الدستوري الموقت كونه نصّ على تركيز السلطات بيد شخص واحد. وأضافت الوزارة أنها تتطلع إلى رؤية حكومة مدنية شاملة "تحمي جميع مواطنيها"، نافية على لسان المتحدثة باسمها تامي بروس وجود أي خطط لرفع العقوبات عن سوريا.
إلى جانب ذلك، لاحظ عدد من المراقبين السوريين أن بعض مراكز الأبحاث الأميركية والأوروبية بدأ باستخدام مصطلح "غرب سوريا" للإشارة إلى الساحل السوري، بعد المجازر التي حصلت هناك. وقد وضع هؤلاء الشروع في استخدام هذا المصطلح للدلالة على منطقة جغرافية معينة بمثابة إشارة إلى ولادة تفكير جديد في السياسة الغربية.
مراقبة أميركية
ويرى الديبلوماسي السوري السابق بسام بربندي، في حديث إلى "النهار"، أن "الذي يجمع المواقف الثلاثة هو رغبة واشنطن في رؤية تغيير حقيقي في دمشق، والانتقال الفعلي من الثورة إلى بناء الدولة بشخصيات تبعث على الثقة الدولية".
بدوره يعلق حافظ مالك، وهو كاتب وباحث سوري، على المواقف الأميركية واصفاً إياها بأنها سياسة "الغموض البنّاء". ويقول في حديث إلى "النهار" إن ما نشهده اليوم هو محاولة للإبقاء على حالة "المراقبة النشطة" حيال السلطة الانتقالية الجديدة، "من دون تقديم دعم مطلق أو رفض قاطع معلن ومباشر. وهذا يتيح للإدارة الأميركية التكيّف مع التحولات على الأرض وتوجيه سلوك السلطة الموقتة من دون الانخراط المباشر في إدارة المرحلة الانتقالية".
بمعنى آخر، واشنطن تريد أن تُبقي علاقتها بالسلطة الموقتة "مرنة" وقابلة للضبط، بحسب المواقف والتطورات، خصوصاً أنّ في واشنطن اقتناعاً متنامياً بأن هناك نفوذاً سلفياً متشدداً داخل البنية الفعلية للحكم الانتقالي، وهذا ما لا ترغب في منحه شرعية سياسية قبل اختباره بدقة.
وقد يؤدي هذا الاختبار إلى نتيجتين متناقضتين تفرض أيّاً منهما طبيعةُ الاستجابة التي قد تصدر عن سلطات دمشق، وهما "القطيعة أو الدعم".
لماذا مصطلح غرب سوريا؟
ويشكّل الشروع في استخدام مصطلح "غرب سوريا" تمهيداً لإعادة رسم خريطة النفوذ والتوازنات داخل البلاد، أو مقدمة لصوغ مقاربة جديدة تقوم على تقسيم مرن للسلطة أو تفاهمات وظيفية، على غرار ما حدث في البوسنة (نموذج "اللامركزية الصلبة") وفق ما يقول مالك.
وقال وليد فارس، المستشار السياسي السابق لشؤون الشرق الأوسط في فريق ترامب خلال ولايته الأولى، في منشور على "إكس"، إن "هناك اقتراحاً متداولاً في أميركا والاتحاد الأوروبي لتسمية الساحل العلوي وجباله ’إقليم سوريا الغربية‘".
وأضاف: "يمتد هذا الساحل من البحر المتوسط إلى غرب حمص"، مشيراً إلى أن المجازر المرتكبة في "غرب سوريا" قد تُؤهل هذه المنطقة لإجراء استفتاء على إنشاء منطقة حماية آمنة دولياً. ومن شأن الاستفتاء أيضاً أن يسأل الشعب في سوريا الغربية عن مستقبله ورغبته في البقاء داخل الدولة السورية، أو خارجها.
وكان جيمس ريتش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قد استخدم هذا المصطلح في تعليقه على حوادث الساحل، إذ قال إن "مذبحة المسيحيين والعلويين العُزّل في شمال غرب سوريا أمرٌ شنيع، وتذكيرٌ بضرورة توخي الولايات المتحدة الحذر في سوريا".
وهو ما لاحظه السياسي السوري الأميركي أيمن عبدالنور، في إحدى المقابلات، فقال: "لأول مرة أسمع مصطلح غرب سوريا الذي يقصد به محافظتا طرطوس واللاذقية وجزء من حمص، وهذا مصطلح بدأ يتداول في عدد من مراكز الأبحاث الأميركية"، منوهاً إلى أنه "عندما تتم خياطة مصطلح جديد فإنه يحمل فكرة وهذه الفكرة قد تتحول إلى واقع".
وبحسب مالك، فإن استخدام مصطلح غرب سوريا "يمهّد نظرياً لتفكير غربي بشأن أشكال حكم محلي أو لا مركزي قد تكون أكثر استقراراً في بعض المناطق السورية، تحديداً تلك التي لم تقبل الهيمنة الفكرية للسلطة الانتقالية". ولكنه يشدد على أن هذا "ليس بالضرورة مدخلاً للتقسيم، بل لخلق تفاهمات إدارية أو سياسية، تبقي على وحدة الدولة نظرياً، لكنها تُفكك فعلياً سلطة المركز لمصلحة سلطات محلية أكثر قبولاً مجتمعياً".
لكن بربندي يقلل من أهمية هذا الطرح، ويعتبر أنه "يعكس أحلام اليقظة عند بعض الفرنسيين بالعودة إلى سوريا، ولكنه لا يعكس أي شيء حقيقي أو جوهري".
0 تعليق