نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إهانات ترامب ليست الأولى ولن تكون الأخيرة - ايجي سبورت, اليوم الخميس 17 يوليو 2025 04:55 صباحاً
ايجي سبورت - الطريقة التي سخر بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب من نظرائه في موريتانيا وغينيا بيساو وليبيريا وأهانهم، خلال اجتماعه الأخير في واشنطن مع عدد من قادة دول غرب إفريقيا، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.
سجل ترامب حافل في هذا المجال. وها هو يثير الجدل مجدداً، حين قاطع، على غير المألوف في الأعراف الديبلوماسية الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني قائلاً: "ربما علينا الإسراع قليلاً لأن جدولنا مزدحم"، ثم وجّه حديثه مباشرة إلى رئيس غينيا بيساو أومارو سيسوكو إمبالو، طالباً منه التعريف بنفسه وبلده بشكل مقتضب، وهو ما اعتُبر على نطاق واسع تصرفاً مهيناً ينطوي على كثير من الاحتقار.
لم يُكلّف ترامب نفسه عناء التعرف مسبقاً إلى أسماء الرؤساء الحاضرين، رغم الطابع الرسمي للّقاء الذي رُوّج له باعتباره "فرصة لتعزيز التعاون الأميركي - الإفريقي".
في اللقاء ذاته، أعرب ترامب عن إعجابه بإنكليزية رئيس ليبيريا جوزف بواكاي، وخاطبه قائلاً: "تتحدث إنكليزية جميلة، من أين تعلمتها؟"، وهو ما اعتبره كثيرون سخرية مبطّنة من رئيس دولة ناطقة بالإنكليزية، وتعبيراً عن جهل ترامب بتاريخ ليبيريا وثقافتها.
الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا لم يسلم بدوره من سهامه، ففي أيار/ مايو 2025، وأثناء زيارته لواشنطن، عرض ترامب خلال اللقاء معه في البيت الأبيض مقاطع فيديو تزعم اضطهاد البيض في جنوب إفريقيا، ما حوّل الاجتماع إلى ما يشبه "محاكمة سياسية" لرامافوزا، الذي تعامل مع الموقف برباطة جأش.
وفي لقاء آخر داخل المكتب البيضوي، أدلى ترامب بتصريحات لاذعة بحق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وصفت بأنها أقرب إلى مشهد من فيلم عصابات منها إلى اجتماع دولي رفيع المستوى.
وخلال ولايته الأولى في البيت الأبيض، صبّ ترامب، أثناء مكالمة هاتفية، جام غضبه على رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي، قائلاً لها بكل صراحة إنه لا يثق بتقديراتها بشأن حادثة تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في مدينة سالزبوري البريطانية في آذار/مارس 2018، ووجّه إليها كلمات قاسية.
أما رئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو، فقد تعرّض لانتقادات ترامب خلال قمة مجموعة السبع، عندما وصفه بأنه "مخادع وضعيف".
وتلقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضاً نصيبه من هجمات ترامب، عبر "تويتر" سابقاً، بحيث انتقد نسبة تأييده الشعبي وارتفاع معدلات البطالة في فرنسا، واصفاً إياه بـأنه "ضعيف".
ولم تسلم منه أيضاً المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، فقد وصفها ترامب خلال إحدى قمم حلف الناتو بأنها "خاضعة للسيطرة الروسية" بسبب اعتماد بلادها على الغاز الروسي.
وبشأن كوريا الشمالية، سبق لترامب أن أطلق أوصافاً مهينة على زعيمها كيم جونغ أون. ففي عام 2017، ومع تصاعد التوترات بسبب تجارب بيونغ يانغ النووية، قال ترامب من على منبر الأمم المتحدة: "كيم جونغ أون رجل صواريخ صغير، في مهمة انتحارية!"، وأضاف في تصريح آخر: "إذا واصلت كوريا الشمالية تهديداتها، فسنُطلق عليها ناراً وغضباً لم يشهدهما العالم من قبل".
لكن، سبحان مبدّل الأحوال. ففي خطوة مفاجئة، أعلن البيت الأبيض لاحقاً أن ترامب وافق على لقاء كيم، لتُعقد أول قمة في التاريخ بين رئيس أميركي وزعيم كوري شمالي في سنغافورة (حزيران/يونيو 2018)، تلتها قمة هانوي في فيتنام (شباط/فبراير 2019)، التي فشلت في التوصل إلى اتفاق.
وفي حزيران/يونيو 2019، جرى لقاء ثالث مفاجئ في المنطقة المنزوعة السلاح، ليصبح ترامب أول رئيس أميركي تطأ قدماه أراضي كوريا الشمالية.
لاحقاً، قال ترامب: "أنا وكيم وقعنا في حب بعضنا"، واصفاً إياه بأنه "رجل ذكي جداً ويحترمني كثيراً". وقد أثارت هذه التصريحات دهشة حتى داخل إدارته، إذ اتهمه بعض المسؤولين بـ"تقديم شرعية دولية مجانية" الى نظام ديكتاتوري من دون الحصول على التزامات نووية حقيقية.
وبات واضحاً أن ترامب يحب الظهور في مواقف استثنائية، وأن لقاء زعيم منبوذ دولياً شكّل مغنماً إعلامياً له.
لقد أثار تصرف ترامب المهين وغير الديبلوماسي مع رؤساء موريتانيا وغينيا بيساو وليبيريا، انزعاجاً ديبلوماسياً واسعاً. ووصف خبراء في العلاقات الدولية اللقاء بأنه "نموذج لسوء البروتوكول"، و"فخ ديبلوماسي" استُغل فيه حضور القادة الأفارقة لخدمة رسائل داخلية يوجّهها ترامب الى من يهمهم الأمر.
لن يمر هذا السلوك من دون تداعيات. فمن المؤكد أنه سيزعزع ثقة هؤلاء القادة بواشنطن كشريك استراتيجي، وربما يدفعهم إلى تعزيز علاقاتهم مع قوى بديلة مثل الصين وروسيا، التي تتعامل بأسلوب أقل وصاية وأكثر احتراماً للبروتوكول، بل إن هذا النهج قد يغذّي التيارات القومية واليسارية في إفريقيا، التي ترى أن "الاستعمار الجديد" لم ينتهِ، بل يُعاد إنتاجه بصيغة أكثر وقاحة.
والأخطر أن سلوك ترامب قد يدفع العديد من رؤساء الدول إلى إعادة النظر في الزيارات المستقبلية للبيت الأبيض، والتفكير ملياً قبل التوجه إلى واشنطن.
إن ما جرى في البيت الأبيض الأسبوع الماضي لا يمكن اعتباره "حادثة معزولة" أو "زلة لسان" فحسب، بل هو خلاصة نهج متواصل في تعاطي ترامب مع القادة الأجانب. وإذا كان هذا الأسلوب قد جلب له تأييداً داخلياً بين أنصاره، فإن تكلفته الدولية قد تكون باهظة، وقد تؤدي إلى تآكل نفوذ واشنطن في دول الجنوب .
0 تعليق